مرحبًا بكم فى موقع بيان الإسلام الرد على الافتراءات والشبهات
 بحث متقدم ...   البحث عن

الصفحة الرئيسية

ميثاق الموقع

أخبار الموقع

قضايا الساعة

اسأل خبيراً

خريطة الموقع

من نحن

الطعن في كيفية الذبح في الإسلام(*)

مضمون الشبهة:

يشنُّ بعض المغرضين هجومًا شرسًا على طريقة الذبح الإسلامي، ويدَّعون أنها عديمة الجدوى والأهمية من حيث إفادتها لآكلي هذه اللحوم؛ ولذلك يرون أن هذا الذبح بقطع عنق الحيوان بسكين حادٍّ يؤدي إلى تعذيب الحيوان والقسوة عليه دون فائدة.

ومن ثَم يرون أن يحلَّ محل هذه الطريقة الطرق الحديثة كالصعق الكهربائي، والتخدير بثاني أكسيد الكربون، واستعمال المسدس الواقذ والصادم، إلى غير ذلك من طرق مستحدثة. ويرمون من وراء ذلك إلى وَصْم الإسلام بالتخلُّف فيما يأمر به أتباعه من أوامر، وإلى تضليل الناس بإيهامهم أن الإسلام يأمر بتعذيب الحيوان ولا يحضُّ على الرحمة والرأفة.

وجها إبطال الشبهة:

1. إن طريقة الذبح في الإسلام تنماز باجتذابها كل دم الذبيحة من أنسجة الحيوان وعروقه، وقد أثبتت الأبحاث العلمية أن عدد البكتيريا في اللحم الـمُصَنَّع الذي ذُبحت حيواناته بالطريقة الإسلامية دون تخدير أو صعق كهربائي ـ يصل في الجرام الواحد منه إلى سبعة آلاف، بينما عدد البكتيريا في اللحم المأخوذ من حيوانات مصعوقة تصل إلى عشرين مليونًا في الجرام الواحد؛ وذلك لأن الصعق يؤدي إلى موت نسبة عالية من الحيوانات قبل ذبحها، بالإضافة إلى أن التدويخ أو استعمال المسدس ـ وهي طرق مستحدثة لتكون بديلًا عن الذبح ـ ينجم عنها احتقان جزء كبير من الدم في الذبيحة، وهذا ضار بصحة الإنسان.

2. إن طريقة الذبح الإسلامي بقطع عنق الحيوان بسكين حادٍّ أرحم من عمليات الصعق أو الوقذ، وذلك لأنه بمجرد انقطاع تدفق الدم إلى المخ؛ فإن الحيوان لا يشعر بأية آلام على الإطلاق؛ إذ يغيب الحيوان عن الوعي في جزء من الثانية ويُصفَّى دمه في نحو دقيقتين، في حين أن الطرق الأخرى فيها من الغياب عن الوعي ما يمكن أن يقتل الحيوان فورًا، وفيها من تعذيب الحيوان ما لا يمكن أن يُوصف بكلمات إذا لم تُصِبْ القذيفة الموضع المحدَّد في رأسه، ومن ثم لم نجد تشريعًا كان أرفق وأرحم بالحيوان من تشريع الإسلام؛ سواء في حياة الحيوان أو عند ذبحه.

التفصيل:

أولا. مزايا الذبح الإسلامي ومساوئ الطرق الأخرى من الناحية الصحية:

الذبح في الإسلام لم يُترك لأهواء الأشخاص يتصرفون فيه كيفما يشاءون، وإنما وضع له الإسلام حدودًا وضوابط، إن التزموا بها فازوا وفلحوا، وإن لم يلتزموا بها خابوا وخسروا، وقد بيَّن لنا النبي صلى الله عليه وسلم  طريقة الذبح وفصَّلها تفصيلًا دقيقًا؛ الأمر الذي جعلها تشتهر في الأوساط العلمية بالذبح الإسلامي.

والنصوص الدينية الدالة على طريقة الذبح الإسلامي، التي يصبح بها اللحم حلالًا طيِّبًا عديدة، نذكر منها:

1.   قوله تعالى: )حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب( (المائدة/3).

2.   قوله تعالى: )ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق((الأنعام/121).

3. قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتْلَة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليُحِدَّ أحدكم شفرته، وليُرِح ذبيحته»([1]).

4. سُئل النبي صلى الله عليه وسلم: «أفنذبح بالقَصَب؟ فقال: ما أنهر الدم وذُكِر اسم الله عليه فكُلْ، ليس السِّنَّ والظفر، وسأحدثكم عن ذلك؛ أما السن فعظمٌ، وأما الظفر فَمُدَى الحبشة»([2]).

5. قال ابن جريج عن عطاء: "لا ذبح ولا نحر إلا في الـمَذْبَح والـمَنْحَر، قلت: أيجزي ما يُذبح أن أنحره؟ قال: نعم، ذَكَرَ اللهُ ذَبْحَ البقرة، فإن ذبحت شيئًا يُنحر جاز، والنحر أحبُّ إليَّ، والذبح قطع الأوداج، قلت: فيُخلِّفُ الأوداج حتى يقطع النُّخاع؟ قال: لا إِخَالُ، وأخبرني نافع أن ابن عمر نهى عن النخع، يقول: يقطع ما دون العظم ثم يدع حتى تموت، وقول الله تعالى:)وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة((البقرة/67)، وقال:)فذبحوها وما كادوا يفعلون(71)( (البقرة)، وقال سعيد عن ابن عباس: «الذكاة في الحَلْقِ واللَّبَّة»"([3]).

أما عن النص الأول وهو قوله تعالى:)حرمت عليكم الميتة((المائدة:3)، فهو  دليل على أن الحيوان إذا مات قبل أن يُذبح لا يحلُّ أكله. ومن ثَم؛ فالذبح واجب، "والميتة هي الحيوان الذي زالت عنه الحياة، والموت حالة معروفة تنشأ عن وقوف حركة الدم باختلال عمل أحد الأعضاء الرئيسية أو كلها، وعلَّة تحريمها أن الموت ينشأ عن علل يكون معظمها مضرًّا بسبب العدوى، وتمييز ما يُعدي عن غيره عسير؛ ولأن الحيوان الميت لا يُدرى غالبًا مقدار ما مضى عليه في حالة الموت، فربما مضت مدة تستحيل معها منافعُ لحمه ودمه مضارَّ، فنِيط الحكم بغالب الأحوال وأضبطها"([4]).

ويقول سيد قطب: "وأما المنخنقة، وهي التي تموت خنقًا، والموقوذة، وهي التي تُضرب بعصا أو خشبة أو حجر فتموت، والمتردية، وهي التي تتردى من سطحٍ أو جبلٍ أو تتردى في بئر فتموت، والنطيحة، وهي التي تنطحها بهيمة فتموت، وما أكل السبع، وهي الفريسة لأي من الوحوش، فهي كلها أنواع من الميتة إذا لم تُدرك بالذبح وفيها الروح:)إلا ما ذكيتم ( (المائدة:3)، فحكمها هو حكم الميتة"([5]).

والآية الثانية وهي قوله تعالى:)ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه( (الانعام:121)، فقاطعة في الدلالة على عدم أكل الميتة؛ إذ إن الميتة لا يُذكر اسم الله عليها، وإنما تموت دون تسمية، أما الذبيحة فهي التي يُذكر اسم الله عليها عند ذبحها.

وفي سياق تفسيره لهذه الآية يقول الشيخ الشعراوي: "هذه الآية لها قصة توضِّح كيف يحاول الأعداء اصطياد الثغرات لينفذوا منها، فقالوا: يقول النبي لكم: إن الميتة لا يحل لكم أن تأكلوا منها، وما تذبحونه بأيديكم كلوا منه، والذبح لون من الموت، هذه هي الشبهة التي قالوها، وهي أولًا مغالطة في الأساليب؛ لأن الميتة غير المذبوحة وغير المقتولة؛ فالمذبوحة إنما ذبحناها لنطهِّرها من الدم؛ لذلك فالمناقشة الفقهية أو العلمية تهزم قولهم؛ لأن هناك فرقًا بين الموت والقتل؛ فالموت هو أخذ للحياة دون سلب للبنية، إنما القتل هو سلب للبنية أولًا؛ فتزهق الروح ويبقى الدم في الجسم، ثم هل يأخذ المشرِّع وهو الرب الأعلى الحكمة منَّا أو أن الحكمة عنده هو وحده؟

وقد تبين لنا في عصرنا أن غير المؤمنين بدءوا في الاهتداء إلى أن الميتة فيها كل الفضلات الضارة، واهتدوا إلى إزالة كل الفضلات الضارة من الحيوانات التي يريدون أكلها؛ لأن تكوين جسم الحيوان يتشابه مع تكوين جسم الإنسان، فهو يأكل ويهضم ويمتص العناصر الغذائية ليتكوَّن الدم والطاقة، وفي الجسد أجهزة تصفي وتنقي الجسم من السموم الضارة، فَالكُلْية مثلًا تصفِّي الدم من البولينا وغيرها، ويسير الدم ليمرَّ على الرئة ليأخذ الأكسجين، وكل ذلك لتخليص الجسد من الفضلات الضارة، وأوعية الدم في الإنسان والحيوان فيها الدم الصالح والدم الفاسد، والدم الفاسد هو الذي لم تتم تنقيته، وعندما نذبح الذبيحة ينزل منها الدم الفاسد وغيره؛ أي: إننا ضحَّينا بالدم الصالح في سبيل وقايتنا من الدم الفاسد، لكنها إن ماتت دون ذبح؛ فآثار الدَّمَّيْن الاثنين موجودة، وكذلك آثار الفضلات التي كان يجب أن يتخلص منها، وهذا ما نفعله في هذا الأمر، لكن هل لنا مع الحق عز وجل تعقُّل في شيء إلا في توثيق الحكم والاطمئنان إلى مجيئه منه جلَّت قدرته؟

كان جدلهم أنهم قالوا: أنتم تأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتل الله، فأنتم تظنُّون أنفسكم أحسن من الله، وهذا افتراء منهم، ثم إن الحيوان حين يموت لم يذكر عليه اسم الله، لكن الذبيحة التي نذبحها نذكر عليها اسم الله، فكأن الحق عز وجل يوضح: فكلوا مما ذُكر اسم الله عليه؛ أي: غير الميتة وغير ما يذبح للأصنام"([6]).

أما الأحاديث النبوية الثلاثة؛ فإنها تبين لنا طريقة الذبح الصحيحة، والأدوات المناسبة في هذه العملية، والمكان الصحيح الذي يُذبح منه.

هذه هي رؤية الدين الإسلامي في ذبح البهيمة قبل أكلها، لكن نرى بعض المغرضين الآن يشنُّ هجومًا شرسًا على هذه الطريقة، ويصفها بعدم الجدوى والأهمية؛ لذلك ننتقل الآن إلى رأي الطب الحديث والأبحاث العلمية التي أُجريت على طريقة الذبح هذه لنعرف مدى فائدة هذه الطريقة أو ضررها.

لقد تعدَّدت الأبحاث العلمية، وأُجريت تجارب عديدة حول قضية ذبح الذبيحة قبل موتها، فتبين أن الذبح في حياة الذبيحة يطهِّرها من مضارّ عديدة، وأنها لو ماتت قبل أن تُذبح لتجمَّد الدم في عروقها، ولبقيت الميكروبات والفيروسات التي يمتلئ بها الدم في الذبيحة، ويمكننا تفصيل هذا الأمر من خلال ما يأتي:

دراسة أجراها الدكتور جواد الهدمي وهو متخصص؛ حيث إنه يحمل شهادة دكتوراه في علوم الدواجن التطبيقية وأمراضها من لندن، وكانت هذه الدراسة بعنوان: "الذبح في الإسلام وقاية للإنسان وغاية في الرفق بالحيوان"، يقول في هذه الدراسة:

إذا كان الهدف الأساسي من عملية الذبح هو التخلص من الجزء الأكبر من دم الذبيحة؛ فمن المعروف أن هذا الدم يسير في دائرة مغلقة في الجسم هي الدورة الدموية, وحتى يتم التخلص منه لا بد إذًا من قطع الأوردة والشرايين لكي يسمح للدم بالخروج؛ ولهذا فانتشار تلك الأوردة ـ وخصوصًا القريب منها من سطح الجلد ـ يُعدُّ ضرورة أكيدة وأساسية لعملية النزف؛ ومن هنا فكبر حجم الأوردة الممكن قطعها وزيادة عددها يعني بالضرورة الكمية الكبرى من الدم الممكن التخلص منها في جسم الحيوان.

ومن الواضح أنه من الناحية التشريحية للجسم (Anatomically) فإن هذه الأوردة المطلوبة تتركَّز في العنق أو الرقبة؛ حيث يوجد الوريد الودجي(Jagularveins), والشريان السباتي (Carotidarteries)الملاصق للوريد الودجي, وكذلك الحلقوم والمريء فتقع جميعها قريبة من سطح الجلد.

كذلك من المعروف علميًّا أنه كلما زاد مدى نبضة القلب وقوتها (theheartbeats) زادت كمية الدم المتدفقة خارجًا لحظة قطع الأوردة. وبالتالي؛ فإن الحيوان الميت أو شبه الميت سوف ينزف بعض الوقت وبكمية قليلة فقط من الدم الواجب إخراجه أو التخلص منه.

ومن المعروف علميًّا أيضًا أنه كلما زادت عملية التنفس في الرئتين قوة وعمقًا زادت عملية امتصاص الدم ثم تدفقه من القلب وإليه من المناطق المحيطة به. كذلك؛ فإن سرعة التنفُّس تضمن أيضًا أكسدة جيدة للأنسجة؛ أي: دخول كمية جيدة من الأكسجين إليها. ومن ثم؛ تمنع حدوث حالة الخمول والكسل الناتجة عن نقص الأكسجين, التي تؤثر على مستوى الحموضة في الدم وفي الأنسجة لأهمية حموضة الدم في عملية استخراج الدم من تلك الأنسجة، وبالتالي تؤثر لاحقًا على نوعية اللحوم.

ويمكن القول أيضًا أن انقباض العضلات يؤدي إلى زيادة ضغط عضلات الجسم على الأوعية الدموية، ولذلك تأثير كبير على تدفق الدم خارجًا بعد عملية الذبح وحتى النقطة الأخيرة منه.

ومن المهم أن نعرف أنه لا يمكن الوصول إلى تلك المعادلة، وتحقيق تلك الشروط العلمية المذكورة أعلاه لضمان خروج الدم الفاسد، وتخليص الجسم منه والتنقية التامة ـ إلا من خلال الأمور الآتية:

1. استمرار عمل الأوردة الدموية بصورة فعَّالة من خلال ميكنة داخلية مركزية، وفي حالة وعي لدى الحيوان أو الطير؛ أي: ليس في حالة موت.

2. ضمان عمل القلب طبيعيًّا.

3. ضمان عمل الدورة الدموية وعملية التنفس المركزية.

4. عدم قطع الحبل الشوكي للذبيحة.

فإذا وُجِدت هذه العوامل الأربعة تأكَّدنا من تخلص الجسم من الدم الفاسد.

·      مكان الذبح الصحيح:

إن أفضل مكان للذبح، يحقق لنا هذه الشروط هو القطع في النحر؛ حيث إن ذلك له علاقة كبيرة بكفاءة تفريغ جسم الذبيحة من الدم؛ ففوق مكان القطع من جهة الرأس وبالقرب من الحنجرة يوجد جهاز هو عبارة عن غدة تُسمَّى "البارورسيبتر" (ArterialBaroreceptor)، وهي المسئولة عن ضبط ضغط الدم إلى الدماغ, فعندما يقل الضغط يرسل هذا الجهاز إلى القلب أوامر بزيادة عدد الضربات وقوتها؛ لضخ دم أكثر في محاولة لرفع الضغط المنخفض إلى الدماغ لزيادة الدم المتدفق والمطلوب إلى الدماغ, وهذا يؤدي إلى زيادة الإشارات المرسلة أيضًا من الجهاز السمبثاوي إلى الجسم عامة، وينتج عنه تقلُّص شديد في الأوعية الدموية للجسم، وتشنُّج لجميع عضلات الجسم، وحيث إن القطع قد حدث فيفرغ الجسم كليًّا من الدم.

ومن المهم جدًّا الإشارة هنا إلى أن غدة البارورسيبتر مهمة وفعالة جدًّا في الفترات القصيرة ـ ثوانٍ أو دقائق ـ أكثر منها أهمية في الفترات الطويلة من حيث عملية ضبط وتنظيم ضغط الدم في الشرايين، والفترات القصيرة هي لحظات الذبح وتفريغ الدم أيضًا، هذا من حيث مكان القطع.

·      الطريقة الصحيحة في القطع:

سبق وقلنا بأنه لضمان تفريغ جسم الذبيحة من الدم؛ فإنه ينبغي أن يبقى القلب في حالة نبض بقوة, وتقوم الرئة بالوظيفة التنفسية, بالإضافة إلى تشنج العضلات, وكل هذه الوظائف لكي تستمر لوقت مناسب لتفريغ جسد الذبيحة من الدم, ينبغي ألا يتم قطع رأس الذبيحة وفصلها عن الجسم مباشرة إلا بعد أن يتم تفريغ الدم، وهذا يسمح للنخاع الشوكي بمواصلة عمله في توصيل الإشارات العصبية وتمريرها من الدماغ إلى الجسم. فإذا ما تعرَّض هذا الحبل إلى أي تشويه أو قطع؛ فإنه يتوقف عن إيصال الأوامر لأنحاء الجسم، وهو ما يُسمَّى بـ "الشلل"، وينتج عن ذلك نقص التفريغ الدموي من جسد الذبيحة. وقد اكتشف العلم أن مراكز الإحساس بالألم تتعطل إذا توقف ضخ الدماء عنها لمدة ثلاث ثوانٍ فقط؛ لأنها بحاجة إلى وجود الأكسجين في الدم باستمرار.

 إن الجهاز العصبي لا يزال حيًّا، ولا تزال فيه حيوية، ولم يفقد منه غير وعيه فقط، وفي هذه الحالة ما دمنا لم نقطع العنق فإننالم نعتدِ على الجهاز العصبي فتظل الحياة موجودة فيه، لكن الذي يحدث في عملية الذبح بطريقة المسلمين أن يبدأ الجهاز العصبي بإرسال إشارات من المخ إلى القلب طالبًا منه إمداده بالدماء لأنها لم تصل إليه، وكأنه ينادي: لقد انقطعت عني الدماء.. أرسل إلينا دمًا أيها القلب، يا عضلات... أمدِّي القلب بالدماء، أيها الجسم.. أخْرِج الدماء فإن المخ في خطر، عندها تقوم العضلات بالضغط فورًا، ويحدث تحرك شديد للأحشاء والعضلات الداخلية والخارجية، فتضغط بشدة، وتقذف كل ما فيها من دماء وتضخها إلى القلب، ثم يقوم القلب بدوره بالإسراع في دقاته بعد أن يمتلئ بالدماء تمامًا، فيقوم بإرسالها مباشرة إلى المخ، ولكنها ـ بطبيعة الحال ـ تخرج للخارج ولا تصل إليه، فتجد الحيوان يتلوَّى، وإذا به يضخ الدماء باستمرار حتى يتخلص جسم هذا الحيوان تمامًا من الدماء، وبذلك يتخلص جسم هذا الحيوان من أكبر بيئة خصبة لنمو الجراثيم، وأخطر مادة على الإنسان؛ أي: إن الحيوان المذبوح يفقد الحياة خلال ثلاث ثوانٍ فقط إذا ذبح بالطريقة الصحيحة، وإن ما نراه في الحيوان من رفس وتشنج وما شابه ذلك هي من مؤثرات بقاء الحياة في الجهاز العصبي، ولا يشعر الحيوان المذبوح بها على الإطلاق([7]).

·      الذبح بالطرق الحديثة:

تحتِّم قوانين الدول الأوربية تدويخ الحيوان قبل تعريضه للذبح، ولتدويخ الحيوانات تُستعمَل إحدى الطرق الآتية:

أولًا. التدويخ الكهربائي(ElectricalStunning):

تتلخَّص هذه الطريقة بتمرير تيار كهربائي (Alternating) بفولت منخفض خلال مُخِّ الحيوان، ووردت في القانون البريطاني عام 1958م، وشاع استعمالها في ذبح الخنازير والأبقار والعجول والأغنام.

وإذا لم تتم عملية التدويخ الكهربائي بالدقة المطلوبة؛ فإنها تنقلب من إنسانيةٍ مدَّعاة إلى وحشية متناهية؛ إذ تسبب الصدمة الكهربائية شللًا كاملًا للذبيحة مع وجود الوعي على حالته، وتُعرف علميًّا بالصدمة الضائعة أو التائهة (Missedchock)، وتكمن ديناميكية هذه الطريقة في تنبيه خلايا المخ بصورة غير طبيعية، ولا متفقة، الأمر الذي ينجم عنه تشوُّه في خلايا المخ، وحالة من عدم التمييز (Confusionalstate).

وهناك شك حول إلمام ممارسي هذه الطريقة بعيوبها، ومعرفتهم بالمشاكل المترتبة عليها، وفساد دعواهم بأنها أكثر إنسانية، أو أفضل في الرأفة بالحيوان. وليكن معلومًا أن اللحم الناتج من عدم إتقان الصدمة الكهربائية عادة ما يكون مُبقَّعًا وغامق اللون.

ولم تلقَ حالات النزف في العضلات والرئتين عناية كافية من الدارسين، إلا أن بعض التعديلات أُدخلت للتغلب على حالات النزف في هذه الطريقة؛ ففي بعض مجازر الدنمارك يظل الجهاز الكهربائي متصلًا بالحيوان في حالة عاملة إلى أن تُقطع رقبته؛ وذلك لتلافي النزف بالعضلات، إلا أنه واجهتهم مشــكلة أخرى عن سوء نزف هذه الذبائح، ومرجع ذلك إلى ما يلي:                                                                    

أ. غياب حركة القلب الدافقة للدم، والدافقة للضغط داخل الشرايين.       

ب. طبيعة انقباضات العضلات في طرق الذبح الأخرى، التي تعصر ما تحويه من دماء كما تُعصر الإسفنجة، أما في حالة الذبح بالصدمة الكهربائية فتنعدم هذه الانقباضات العضلية، الأمر الذي يساعد على بقاء الدم باللحوم.

كما أشارت أحدث البحوث عن هذه الطريقة أن استجابة الأغنام للصدمة الكهربائية تختلف عن استجابات الحيوانات الأخرى؛ فعند تمرير التيار في رأس الخروف تنقبض (Flex) كل أرجله الأربعة، ويغلق عينيه لبضع ثوانٍ، ثم يفرد رجليه الخلفيتين، وبعد نحو 10 ثوانٍ يُلاحَظ ارتخاء بالعضلات مع حركات مشي وهمية بالخلفيتين، وأثناؤها تُفتح العينان، ويتجه البؤبؤ إلى الأعلى؛ حيث يظهر بياض المقلتين فقط، وعلى هذا لم يتأكد في الأغنام إلى اليوم غيابها عن الوعي لمدَّة كافية بعد تدويخها بالصدمة الكهربائية.

وفي الأبقار لم تتأكد بعدُ صلاحية طريقة التدويخ بالكهرباء؛ وذلك لوجود شعيرات رفيعة حول مناطق الأقطاب جعلت حساب الفولت والأمبير مستحيلًا عمليًّا.

لذا لجأت بعض المجازر إلى حساب الطاقة الكهربائية الإجمالية للحيوان بواسطة جهاز يُسمَّى جهاز "إلثر" يقنِّن الجهد بالوات في الثانية على أساس حاصل ضرب الفولت، ضرب الأمبير، ضرب الوقت، وقد تبيَّن أن 285 واتًا في الثانية لمدة ثانية واحدة كافٍ لتخدير البقر، بينما تحتاج الأغنام إلى 198 واتًا في الثانية فقط.

أما في الطيور فتستعمل عدة أنماط من آلات استحداث الصدمة الكهربائية من 50، 70، 90 فولتًا؛ أي: 100، 200، 250 ملِّي أمبير كصدمة متوسطة باليد، أو بواسطة صدمة 400 إلى 1000 فولت في أقفاص موصلة تصيب الطير في أي مكان، أو صعقها عبر أحواض فيها مياه مكهربة تغطس فيها الدواجن المعلقة من أرجلها بواسطة شريط متحرك مرورًا بها إلى مرحلة الذبح.

ثانيًا. التخدير بثاني أكسيد الكربون:

تعدُّ هذه الطريقة أحدث الطرق وأنظفها عندهم، وتعود أولى تجارب هذه الطريقة إلى عام 1950م في أحد مصانع اللحوم المعلبة بأمريكا، ثم انتقلت بعد ذلك إلى الدنمارك وغيرها، وقد شاع استعمالها في كثير من مجازر أوربا؛ نظرًا لرخص ثمن الغاز، وسهولة العملية مقارنة بالتدويخ الكهربائي. 

وعلى الرغم من أن تركيز 65- 70 % من ثاني أكسيد الكربون في الهواء يعدُّ كافيًا لإحداث التخدير قبل الذبح إلا أن النسبة المستعملة بالمسالخ عادة لا تقلُّ عن 70% في الهواء الذي لا يحوي أكثر من 70% أكسجين، الذي يؤدي إلى حالة شديدة من الاختناق، أو ما يُسمَّى علميًّا بـ "نقص الأكسجين"، وبتضافره مع التأثير التخديري لثاني أكسيد الكربون تسهل عملية الذبح ومعالجة الذبائح.

وعلى الرغم من إشارة البعض إلى عدم تأثر اللحم بهذه الطريقة، إلا أنه مما لا شك فيه أن صوف الغنم المخدر بهذه الطريقة يمتص جزءًا كبيرًا من غاز ثاني أكسيد الكربون من الهواء المحيط، وعادة ما يتأثر الأُس الهيدروجيني للحم، وتقل صلاحيته للحفظ والاستهلاك الآدمي.

ثالثًا. المسدس الواقذ ذو الطلقة المسترجعة (CaptiveBolt Pistol):

تُوجَّه هذه الآلة إلى جبهة الحيوان في موضع محدد يختلف تبعًا لنوع الحيوان، وعند الضغط على الزناد تنطلق خرطوشة فارغة من المسدس لتوجِّه مسمارًا غليظًا إلى داخل الجمجمة ونسيج المخ، وبهذا لا يدوخ الحيوان فقط، بل يموت أيضًا.

ويظل المسمار الغليظ المدبَّب من الأمام متصلًا بالمسدس، يعود إليه آليًّا بواسطة نابض مرتبط طرفه الأول بالمسدس، والثاني بالمسمار؛ بحيث يسمح هذا الوضع باستعماله دائمًا، وباستخدام هذه الطريقة يستمر القلب في الخفقان لمدّة يسيرة، وتتهتك أنسجة المخ. وتعدُّ هذه الطريقة في حقيقة الحال  تطويرًا للبلطة أو المطرقة التي هُوجمت من قَبْلُ على أنها طرقٌ غير إنسانية.                                                             

والسؤال الآن: لماذا لا تُهاجم أيضًا هذه الطريقة المؤذية القاتلة، في حين أنها كالمطرقة في عدم إنسانيتها مع تطوير داخل عليها، والنتيجة في الحالتين واحدة؟!                  

ولهذه الطريقة مساوئها التي سنتحدث عنها إضافة إلى مساوئ الطرق الأخرى المستخدمة حديثًا.

صورة المسدس الواقذ ذي الطلقة المسترجعة

رابعًا. المسدس الصادم:

ويُستخدَم أيضًا في صعق العجول والأبقار؛ حيث يُوجَّه إلى موضع محدَّد من جبهة الحيوان، وعند الضغط على الزناد تصدم قطعة حديدية مستديرة في مقدمة المسدس الجبهةَ، فتُحدِث بالحيوان ارتجاجًا شديدًا في مخه، وأحيانًا يتهشَّم مكان الإصابة من جبهته، ثم يخرُّ صريعًا على الأرض.

وهذه الطريقة المؤلمة أقل تأثيرًا على الحيوان من المسدس الواقذ، ونسبة الوفيات منه أقل مما هي في المسدس الواقذ، والحيوان المصعوق بهذه الطريقة يبدأ بتحريك يديه ورجليه بعد نحو (5 ـ 6 دقائق)، ولا يخفى ما في هذه الطريقة من آلام للحيوان، وخوف شديد له، يؤثِّران على تصفية دمه، ومذاق لحمه.

صورة المسدس الصادم

خامسًا. المغطس المائي المكهرب:

وهو خاص بالدواجن؛ إذ تُعلق من أرجلها بشريط آلي متحرك يجعل رءوسها وأعناقها تمرُّ بحوض مائي مكهرب فتصعق، ثم يمر بها ذلك الشريط على سكين آلية تذبحها وهي على هذه الحالة، ويتم في بعض المذابح ذبحها يدويًّا بعد الصعق المذكور، ثم يمرُّ بها على حوض كبير مملوء بالماء المغلي لتسهيل نتف الريش، ثم تخرج منه لمتابعة المراحل الأخرى، وقد جرى العمل بهذه الطريقة منذ عام 1970م ليجمع لها ـ مع كل أسف ـ بين الغرق والصعق.

ويؤدي هذا الصعق الكهربائي ـ مهما كان خفيفًا ـ إلى موت كمية من الحيوانات قبل ذبحها، وتتفاوت هذه الكمية بحسب قوة الصعق الكهربائي وضعفه من ناحية، أو بحسب ضعف الحيوان وقوته من ناحية أخرى، أو نتيجة وصوله إلى المجزرة مجهدًا بعد رحلة طويلة؛ بحيث لا يحتمل أي صدمة من ناحية ثالثة، ويظهر هذا جليًّا في الدواجن أكثر من غيرها، وأسـتطيع أن أجـزم أن نسبة الطيور التي تعدُّ من الميتة سواء بالصعق، أو بالذبح بالسكين الآلية تتجاوز 25% ([8]).

·      محاسن الذبح الإسلامي ومساوئ التدويخ الكهربائي:

نتحدث هنا عن محاسن الذبح الإسلامي ومساوئ الطرق المخالفة من الناحية الصحية للحم المأكول، وليس من ناحية الرحمة للحيوان المذبوح؛ لأن الوجه الثاني من هذه الشبهة مخصَّص لذلك، ويظهر ذلك من خلال ما يأتي: 

مزايا الذبح الإسلامي:

1.   الذبح الإسلامي يجتذب كل الدم من أنسجة الحيوان وعروقه، فيصفو اللحم، ويصبح صحيًّا شهي الطعم.

ففي طريقة الذبح وآلته يتحقَّق جرحٌ قطعيٌّ بالحيوان، وتكتمل صورة الفصد بحركة الحيوان بعد الذبح كدليل معتمد على وجود الحياة بها، وكوسيلة لانقباضات العضلات لمساعدة الدم على الخروج من الشعيرات الدموية الداخلية، وقد ثبت علميًّا أن مقدرة العضلات على الانقباض لها دور كبير من الناحية العلمية على جودة لحم الذبيحة، وزيادة القدرة على حفظه وتجميده.

2. بالإضافة إلى كون اللحوم المذبوحة بالطريقة الإسلامية أفضل مذاقًا؛ فإن تركيب الأنسجة فيها يجعل اللحم أفضل قوامًا.

يضاف إلى ذلك أن درجة التعادل(Ph)تكون في هذا اللحم عند درجتها الـمُثْلَى، وهي ما بين 5,5 إلى 5,8.

3. عدد البكتيريا في هذه اللحوم المذبوحة بالطريقة الإسلامية يُعَدُّ أقلَّ عددًا عَرفَتْهُ المختبرات العلمية على الإطلاق، وذلك حسب التقارير الصادرة عن مختبرات وزارة الزراعة الدنماركية.

فقد أثبت أحد هذه التقارير أن عدد البكتيريا في اللحم المصنَّع الذي ذُبحت حيواناته بالطريقة الإسلامية دون تخدير أو صعق يصل إلى سبعة آلاف في الجرام الواحد، في حين أن مصنعات اللحوم الأخرى المأخوذة من حيوانات مصعوقة تصل أعداد البكتيريا فيها إلى عشرين مليونًا في الجرام الواحد كحد أعلى مسموح بتصديره من الدنمارك.

  كما أثبت تقرير آخر أن عدد البكتيريا في اللحم المفروم الذي ذبحت حيواناته بالطريقة الإسلامية يبلغ ستين ألفًا، في حين أن أقرب منتج له في الجودة من اللحوم المفرومة المأخوذة من حيوانات مصعوقة بلغ عدد البكتيريا فيه مليونًا وست مئة ألف في الجرام الواحد.

أما عدد البكتيريا في الهمبرجر الذي ذبحت حيواناته بالطريقة الإسلامية فقد بلغ سبعة وثلاثين ألفًا في الجرام الواحد، في حين أن أقرب منتج له في الجودة من هذا النوع المأخوذ من حيوانات مصعوقة بلغ فيه ستة ملايين وثلاث مئة ألف في الجرام الواحد.

أفلا تكفي هذه المزايا لتعديل أسلوب الذبح في جميع المجازر، واعتماد هذه الطريقة باعتبارها الأفضل والأمثل والأرحم بالحيوان، والأحسن لصحة الإنسان؟! 

مساوئ التدويخ والصعق الكهربائي:

إن الحديث عن مساوئ التدويخ والصعق الكهربائي طويل ومتشعِّب الجوانب، لكننا سنقتصر على أبرز هذه الجوانب التي يمكن اختصارها فيما يلي:

1.إن الصعق يؤدي إلى موت نسبة عالية من الحيوانات قبل ذبحها، لا سيما الأبقار المصعوقة بالمسدس الواقذ؛ إذ يؤدي استعماله إلى قتل الحيوان باعتراف مُصنِّعِيه أنفسهم.

وكذلك الحال في الدواجن التي تُصعَق بحوض مائي مكهرب، وتتفاوت نسبة وفيات الدواجن بحسب قوة الصعق الكهربائي وضعفه من ناحية، وبحسب ضعف الحيوان وقوته من ناحية أخرى، ونتيجة وصوله إلى المجزرة مجهدًا بعد رحلة طويلة، بحيث لا يحتمل أي صدمة من ناحية ثالثة، ويظهر هذا جليًّا في الدواجن أكثر من غيرها، لا سيما تلك التي تذبح بسكين آلية، ونستطيع أن نجزم أن نسبة الدواجن التي تعدُّ من الميتة سواء بالصعق، أو بالذبح بالسكين الآلية تتجاوز 25%.

صورة المغطس المائي المكهرب

2.ينجم عن التدويخ أو استعمال المسدس احتقان جزء من الدم في الذبيحة؛ لأن هذه الطريقة أقل كفاءة في استنزاف دم الحيوان، وهذا ضار بصحة الإنسان؛ لأن الدم مسرح للميكروبات والجراثيم، وبعضُ هذه الكائنات الدقيقة لا تموت بالغلي فتضر صـحة متناولي هذه اللحوم، وكثيرًا ما يحدث التبقع الدموي نتيجة لتدويخ الحيوان بأي وسيلة
من هذه الوسائل الحديثة، وتظهر أوضح ما تكون في الحيوانات المقتولة بالمسدس، وتتميز بخروج الدم من أوعيته الدموية، وظهوره كنقط نزفية، أو بقع، أو خطوط في أجزاء
مختلفة من عضـلات الذبيحة، وتطابق في مظهرها صورة الخطوط الداكنة الناتجة عن علامات الفرشاة، أو نقط من الدم متجمعة بلا نظام كما تظهر على الورقة الخاصة بتنشيف الحبر، وإن أكثر ما يتأثر ـ عادة ـ الجزء العضلي من الحجاب الحاجز، إلا أنه قد يظهر على الجانب الداخلي من البطن والصدر، وفي الأبقار يشيع وجوده في عضلات الظهر والرقبة.                                                  

وقد أُجريت تجارب عديدة، وبحوث وفيرة عن العوامل التي تساعد على ظهور التبقع الدموي، وطرق مقاومته، أو تلافي حدوثه، فتبين لفريق من الخبراء أن طول الفترة  بين التدويخ والذبح هي المسئولة عن انتشاره، بينما أشار آخرون إلى أن عدم اتساق الحركة العضلية العنيفة التي يقوم بها الحيوان، وكذا عدم انتظام الضغط الدموي بالشرايين والأوردة هما المسئولان عن ذلك التبقع.

فعندما تُدوَّخ الحيوانات ينخفض الضغط بسرعة، ثم تنفجر الشرايين كنتيجة للتوسع الذي يُحدِث بعد ذلك الانخفاض، خاصة في تلك الحيوانات ذوات الضغط المرتفع بسبب الإجهاد الذي أصابها، أو الرعب الذي تعرضت له أثناء سوقها للذبح، أو خلال مراحل الذبح.                                                                

ويعود ـ أيضًا ـ إلى الضيق الشديد نتيجة للتنبيه العصبي، وحيث تضيق هذه الشرايين يرتفع الضغط الدموي، ولكن الشعيرات الدموية سلبية في استجابتها للمنبِّه العصبي، ولا تتأثر بوجوده، ولا تضيق تبعًا لتنبيهه، وبهذا تحوي أثناء ذلك كمية بسيطة من الدم، ولكن مع استخدام المسدس، أو بعد إزالة المنبِّه الكهربائي في طريقة التدويخ بالكهرباء ـ يندفع الدم في الشرايين اندفاع الفيضــان في النهر بعد فتح بوابات القناطر المغلقة، وبتأثير هذا الامتلاء المفـاجئ على حوائط شعيرات منهكة من نقص الأكسجين تنفجر جدرانها، وتظهر البقع النزفية في العضلات.

وهكذا كلما ارتفع ضغط الدم بالشرايين زادت فرص تمزُّق جدران الشعيرات الدموية؛ نتيجة لاتساع الأوعية. وأي عامل من العوامل التي تساعد على رفع ضغط الدم لدى الحيوان قبل ذبحه مباشرة لا جدال في أنه سينعكس على صورة من صور تبقُّع هذه العضلات بعد الذبح.                 

وتلجـأ بعض المجازر إلى إنزال الضغط الدموي بعد الذبح بعملية ثقوب اصطناعية للنخاع المستطيل، وقد لجأت لهذه الوسيلة مسالخ النمسا في محاولة منها للتغلب على مشكلة تبقع اللحوم.

وانظر إلى هذا الرسم التقريبي للتبقُّع العضلي الدموي؛ لتدرك أهمية هذا الموضوع.

3.وثالث هذه المساوئ التلف الذي يحدثه المسدس في المخ، والشلل في كثير من الأحيان إثر التدويخ الكهربائي، وإذا لم يُذبح الحيوان بعد تدويخه فقد يستردُّ وعيه على الرغم من بقائه مشلولًا، أو تتعطل بعض حواسه فتبيضُّ عيناه، ويفقد بصره في بعض الأحيان.

4.يؤدي تدويخ الحيوانات إلى سرعة تعفن هذه اللحوم لعدم استنزاف دمائها بشكل كامل بعد ذبحها، وهذا بخلاف الحيوان المستنزف؛ فإن لحمه يبقى صالحًا لمدّة أطول، زِدْ على ذلك أن طعم هذه اللحوم ليس بمستوى اللحوم المستنزفة من الدماء، وقد دفع هذا السببُ بعضَ مصدري اللحوم الدنماركية إلى مطالبة الحكومة الدنماركية بوقف طريقة التدويخ الكهربائي.             

5.يُحدِثُ هذا النوع من الذبح الغربي اضطرابًا في أنسجة الحيوان، واختلافًا في درجة التعـادل، فلا تبقى عند درجتها المثلَى التي هي ما بين 5,5: 5,8.

6.ارتفاع نسبة البكتيريا في اللحم المذبوح على الطريقة الغربية؛ الأمر الذي يقلِّل من قيمته الغذائية مقارنة باللحوم المأخوذة من حيوانات مذبوحة حسب الشريعة الإسلامية دون صعق أو تدويخ.                   

وإليكم صورة ذلك التقرير الذي كُتب عليه "سري جدًّا" للتأكد مما نقول:

 

تقرير علمي يؤكد قلة عدد البكتيريا في اللحوم المذبوحة حسب الشريعة الإسلامية

بالقياس بعينات من لحوم أخرى غير إسلامية

7.استحالة التمييز بين النزيف في اللحم الناتج عن اختلاجات الصدمة، والنزيف المتسبب عن المرض، وفي حالة عدم التمييز بينهما يؤدي ذلك إلى تناول لحوم مريضة يصعب اكتشاف مرضها إذا كان في بدايته، خاصة وأن الدم الخارج بسبب نزيف مرضي يُعَدُّ خادعًا؛ لصعوبة تمييزه عن الدم الخارج بسبب اختلاجات الصدمة.                            

ومن المفيد أن أذكر ـ والكلام على لسان الدكتور محمد فؤاد البرازي ـ مقتطفات عن بعض هذه المساوئ من كلام البروفيسور الدكتور "جي سي هانس" خلال المقابلة التي أجريتها معه بمكتبه بكلية البيطرة في بروكسل بتاريخ 13/6/1990م؛ حيث قال: "بعد الذبح يتوقف الدماغ أولًا، ثم القلب، ومركز الحياة عادة في الدماغ، وبمجرد انقطاع الدم عنه فإنه يموت، وبموته يموت الحيوان".

وعلى هذا؛ فإن أسرع طريقة يستنزف بها الدم تكون في ذبح الحيوان، والذبح الإسلامي أفضل الطرق؛ لعدم وجود الصعق أو التخدير فيهما، ولشدة استنزافهما للدماء.

ونحن نلاحظ أن الحيوان بعد الذبح يشهق، وهذا دليل على أن لدى الحيوان قوة تؤدي إلى إخراج الدم بسرعة، بخلاف الحيوان المصعوق؛ لأن الصعق يخدِّر الحيوان، فلو ذُبح بعد ذلك فلا يوجد لدى الأعضاء والعضلات قوة لضخ الدم كاملًا، الذي تؤدي سرعةُ خروجه لموت الحيوان([9]).

ويشير الدكتور عبد المجيد القطمة ـ المسئول الصحي والطبي في المجلس الإسلامي البريطاني والمتحدث الرسمي باسمه ـ إلى أضرار الصعق فيقول: إن نسبة الدماء داخل لحوم الحيوانات المصعوقة كثيرة جدًّا؛ وذلك لعدة أسباب أثبتتها البحوث العلمية، نذكر منها:

·      أن القلب يقف عند موت الحيوان، ولا تخرج الدماء بسرعة وقوة بعد ذلك عند إتمام عملية الذبح.

·  أن عملية الصعق تفجر الشرايين والأوردة الصغيرة الموجودة داخل اللحوم، ومن ثَم تنتشر الدماء داخل اللحم، وليس هناك طريقة لإخراجها بعد ذلك، وهنا يكون عندنا ناتج ميتة ودم، وهما محرَّمان قطعيًّا في القرآن والسنة([10]).

ومما سبق بيانه من ذكر الأضرار العديدة المترتبة على طرق الذبح الحديثة التي تعتمد على التدويخ أو الصعق الكهربائي قبل ذبح البهيمة، ومقابلة ذلك بالمزايا المهمة لطريقة الذبح الإسلامية المتمثِّلة في تنظيف الذبيحة من دمها تمامًا أثناء انتفاضتها بعد عملية الذبح ـ من كل هذا يتبين أن كل الخير في اتِّباع الذبح الإسلامي، والامتناع عن أكل ما لا ينطبق عليه ما أمر به الله عز وجل وكذا نبيه محمد صلى الله عليه وسلم من مبادئ، ويظهر لنا من خلال هذا البيان الإعجاز العلمي في الشريعة الإسلامية، وأن العلم الصحيح لا يمكن أبدًا أن يخالف أوامر الله ورسوله؛ بل لا بد أن يتطابقا في النهاية تمام المطابقة.

ولذلك ينصح الأطباء المسلمون المتخصصون ـ بل وغير المسلمين ـ بضرورة الذبح المباشر دون تدويخ للحيوان أو صعقه كهربائيًّا؛ أي: باتباع طريقة الذبح الإسلامي؛ وذلك حفاظًا على صحة الإنسان مما قد يصيبه من أكل ما مات دون أن ينزف دمه نزفًا كليًّا.

ومن هنا يظهر لنا تهافت دعوى هؤلاء الطاعنين، وأنهم لا يُـحَكِّمُون العلم فيما يقولون، وإنما يريدون التشويش على المسلمين مهما خالف كلامهم المعطيات العلمية الحديثة.

ثانيًا. الرأفة والرحمة في الذبح الإسلامي:

ذهب الطاعنون يزعمون أن طريقة الذبح الإسلامية تسبب ألـمًا شديدًا للحيوان؛ وذلك لأن قطع الرقبة في الحياة التامة للحيوان يسبب معاناة ما بعدها معاناة، فهل هذا صحيح؟ وهل الإسلام لا يرحم الحيوان حتى يعذِّبه أثناء الذبح؟ ولو اعتبرنا أن الذبح بالطريقة الإسلامية أكثر تعذيبًا للحيوان من الصعق الكهربي أو التدويخ ـ وهو ما ثبت عكسه ـ فهل هذا يُجيز أن نؤذي الإنسان باللحم الضار حتى لا نؤذي الحيوان؟

هذه الأسئلة سوف نجيب عنها في هذا الوجه موضِّحين أولًا نظرة العلم الحديث لما يصيب الحيوان من ألم أثناء الذبح على الطريقة الإسلامية، وما يصيبه من ألم جراء الذبح على الطرق الأخرى؛ كالصعق والتدويخ إلى غير ذلك من طرق مستحدثة.

يقول الدكتور زغلول النجار في سياق حديثه عن هذه الدعوى القائلة بوحشية الإسلام في الذبح: "ومن العجيب أنه تحت دعوى الشفقة بالحيوان؛ فإن جميع المجازر في الدول غير الملتزمة بالقواعد الإسلامية تقوم بصعق الحيوان بالتيار الكهربائي، أو بإلقاء إبرة ملتحمة بثقل كبير في مراكز محددة من المخ لإدخاله في دورة من الإغماء قبل ذبحه؛ حتى لا يشعر بألم الذبح‏،‏ وفي الغالبية الساحقة من الحالات يموت الحيوان قبل أن يُذبح‏,‏ ويتجمَّد الدم في عروقه بالصعق الكهربي، أو بصدمة إلقاء الإبرة الثقيلة في مخه.

ويدَّعي مسئولو المجلس الاستشاري البريطاني لرعاية المزارع الحيوانية(TheBritishFarmWelfareAdvisoryCouncil)‏ أن طريقة الذبح الإسلامية بسكين حاد ـ وذلك لتخليص جسد الحيوان من دمه ـ تؤدي إلى شيء من تعذيب الحيوان‏,‏ وهي في الحقيقة أخفُّ من عمليات الصعق أو الوقذ ـ‏ أي القذف بوزن ثقيل في رأسه ـ‏ التي يقومون بها‏؛‏ وذلك لأنه بمجرد انقطاع تدفق الدم إلى المخ؛ فإن الحيوان لا يشعر بأية آلام على الإطلاق‏,‏ وفي ذلك من الرأفة بالذبيحة ما لا يوجد أبدًا في عمليات الصعق الكهربي، أو بالوقذ التي يستخدمها غيرنا‏,‏ وفي هذه الطريقة الأخيرة من الغياب عن الوعي ما يمكن أن يقتل الحيوان فورًا,‏ أو يُرديه أرضًا؛ الأمر الذي يؤدي إلى قتله، أو إلى اصطدامه بغيره على هيئة النطيحة‏,‏ وفيها أيضًا من تعذيب الحيوان ما لا يمكن أن يُوصف بكلمات إذا لم تُصِب القذيفة الموضع المحدد في رأسه‏,‏ بينما بمجرد قطع الأوردة والشرايين الرئيسية بالعُنُق في عملية النحر الإسلامي يتوقف وصول الدم إلى المخ؛ فيغيب الحيوان عن الوعي في جزء من الثانية‏,‏ ويُصَفَّى دمه في نحو دقيقتين"([11])‏.‏

ويقول الدكتور محمد فؤاد البرازي: إن من مزايا الذبح الإسلامي الإسراع بموت الحيوان، وخروج روحه، وذلك بإحداث نزيف شديد عن طريق القطع الحاد في مقدمة الرقبة، وقد أكَّدت الدراسات أن هذه الوسيلة أفضل الوسائل وأسرعها لخروج روح الحيوان، ولن يتوفر هذان العنصران معًا دون هذه الطريقة.                                 

ويعدُّ الذبح الإسلامي أقل ألـمًا للحيوان من أي وسيلة أخرى؛ لسرعة إزهاقه للروح، ولسلامته من المعاناة النفسية للذبيحة.                                             

وقد جاء في كتاب "علم صحة اللحم" للدكتور ثورنتون (Dr.ThorntonMeathygiene): إن الطريقة اليهودية للذبح، ومثلها الطريقة الإسلامية لا تُحدث أيَّ تأثير من القسوة؛ لأسباب منها: أن السكين حادة بدرجة خاصة، والقطع يُؤدَّى بمهارة رجلٍ مدَرَّب، وقطع الأوعية السباتية بالرقبة يتبعه هبوط سريع جدًّا في ضغط الدم بشرايين المخ، ولهذا يحدث نقص الأكسجين نتيجة قلة الإمداد من الدم إلى أنسجة المخ، فيحدث فقْد الوعي في الحال.            

كما استدلَّ البحث أيضًا بنتائج دراسةٍ أُجريت بجامعة "هانوفر"، ونُشرت بمجلة الطب البيطري الألمانية عدد فبراير سنة 1984م؛ حيث قام الباحثون بدراسة رسم المخ على أعداد مختلفة من العجول والخراف، واستدلوا بوقوف خط الصفر في رسم المخ على وقوف دوائر المخ؛ أي فقدان الوعي تمامًا بعد الذبح بـ 4 ـ 6 ثوانٍ فقط، ولا ألم بعد ذلك، بينما ذلك لا يثبت عند استخدام المسدس؛ إذ يبقى الألم ويستمر فترة طويلة إلى ما بعد الذبح.            

وحين ظهرت في الدنمارك حملة فجائية ضد الذبح الإسلامي زعمًا أنه معاملة قاسية للحيوانات، نشر مدير الطب البيطري الدكتور "إيريك ستوجارد" مقالة نُشرت في أغلب الصحف الدنماركية بتاريخ 12/8/1987م، ومما قاله هذا الرجل المتخصِّص: "إن الضغط السياسي لمنع الذبح الديني في الدنمارك إنما أُسِّس على جهل، فالتجارب أثبتت أن الحيوان يموت بوقت أسرع في الذبح على الطريقة الإسلامية مقارنة بالطريقة المتَّبعة في الدنمارك، وهي استعمال الطلقات على رءوس الحيوانات؛ ليفقد الحيوان وعيه قبل ذبحه.     

لكن فقد الوعي ثبت أنه يجيء متأخرًا بالطرق الحديثة مقارنة بالذبح الحلال الإسلامي أو اليهودي؛ لأن الذبح بالطريقة الإسلامية غير مؤلم للحيوان، وهذه الحالة ليست دائمة في الطريقة الدنماركية التقليدية المتبعة".

ثم قال: "كن على حذر من حملة الافتراءات وتشويه السمعة، ويجب على الإنسان أن يأخذ حِذره قبل أن يبدأ حملة ضد شيء لايكون متمكنًا منه، وهذه دراسة لحقيقة الموضوع".          

ثم أشار إلى دراسة ألمانية بواسطة البروفيسور "شولتز" وزملائه بالجامعة البيطرية؛ حيث قاموا بمقارنة بين الذبح الإسلامي والذبح الغربي، فوضعوا في رءوس أبقار صغيرة وماشية وصلات كهربائية لقياس الموجات الكهربائية للمسطح الخارجي لمخ الحيوان، لإمكان متابعة وظائف المخ، ومتى تتوقف لتحديدها.

فتبيَّن أن مخ الماشية يتوقف بالذبح الإسلامي عن أداء وظائفه بعد (13) ثانية، وأن مخ الأبقار يتوقَّف بحدٍّ أعلى قدره (23) ثانية بعد قطع الشرايين الرئيسية للرقبة، بينما يستمر تسجيل وظائف المخ بالطريقة الغربية قائمًا لعدة ثوانٍ بعد ذلك.

كما أوضح العالم الألماني البروفيسور شولتز أن طريقة الذبح الحلال الإسلامي أو اليهودي، غير مؤلمة للحيوان إذا تمت بطريقة صحيحة، وأن استعمال الطريقة الغربية أقل كفاءة. ومن ثم؛ فهنالك تأييد علمي يبرهن أن الطريقة الدنماركية الغربية أدنى قيمة في عدم إيلام الحيوان مما كان معتقدًا بالمقارنة مع الذبح الإسلامي.

وأضاف قائلًا: إن طريقتي الذبح الإسلامي واليهودي مقبولتان تمامًا، وقد ثبت أنه لا علاقة مطلقًا بين حركة الحيوان العنيفة بعد الذبح وبين إحساس الحيوان بالألم إذا كانت السكين المستخدمة حادة؛ إذ إنها مثل أن يُجرح إنسان بسكين مطبخ فلا يشعر بهذا الجرح.

ولتسهيل عملية ذبح العجول والأبقار بطريقة إسلامية يتحقق فيها السلامة في الذبح والأمان للذابح؛ فإنه يتم إدخال الحيوان في صندوق حديدي له نافذة أمامية يُخرِج الحيوان منها رأسه، ثم يُثبَّتُ بواسطة صفائح داخلية تمنعه من الحركة، ثم يُقلَب الصندوق كهربائيًّا، بحيث يكون الحيوان نائمًا على ظهره في داخله، ورأسه ورقبته في خارجه؛ حيث يتم ذبحه بعد ذلك بكل سهولة وأمان([12]).

ويمكننا توضيح ذلك الذبح الإسلامي البديل عن المصعوق من خلال الصور التوضيحية الآتية التي توضح خطوات هذا الذبح، وهي:

صورة للخطوة الأولى وهي: إدخال البقرة بصندوق خاص متحرك استعدادًا للذبح،

وقد تمَّ ذلك في الدنمارك وبلجيكا

صورة للخطوة الثانية وهي: تدوير الصندوق بحيث يكون رأس البقرة إلى الأسفل لذبحها

يقول الأستاذ الدكتور إبراهيم مهرة: يدَّعي بعض المستشرقين أن الطريقة الإسلامية في الذبح طريقة لا إنسانية، ويستدلون على ذلك بالتقلصات والاختلاجات التي يقوم بها الحيوان بعد عملية الذبح.

والحقيقة عكس ذلك تمامًا، فإن الطريقة الإسلامية في الذبح إذا أُجريت بالطريقة الصحيحة تقطع الدم والهواء فورًا عن الدماغ فيصاب الحيوان بإغماء كامل، ويفقد الحس تمامًا، والاختلاجات التي تحدث هي عبارة عن أفعال انعكاسية تخلِّص الذبيحة تمامًا مما بها من الدم([13]).

والإسلام أول من أمر بالرفق بالحيوان ورعاية حقوقه رعاية تامة، وحرص على الرحمة بالحيوان، فقد وضع الضوابط لاحترام حقوق الحيوان، وعدَّ كل عمل ينافي الرفق بالحيوان أو التعامل معه بما لا يناسب الرحمة، أو تعذيبه عند ذبحه - عملًا آثمًا مجرمًا.

ومن النصوص الشرعية التي تدعو إلى الرحمة والرفق بالحيوان ما يلي:

·  قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتْلَة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليُحدَّ أحدكم شفرته، وليُرِح ذبيحته»([14]).

·  وقوله صلى الله عليه وسلم: «بينما كلب يُطيف برَكِيَّة([15]) كاد يقتله العطش؛ إذ رأته بَغِيٌّ من بغايا بني إسرائيل، فنزعت مُوقَها([16])فسقته فغُفِر لها به»([17]).

·  وروى مسلم في صحيحه عن سعيد بن جبير قال: «مرَّ ابنُ عمر بِنَفَرٍ قد نَصَبُوا دجاجةً يترامَونَها، فلمَّا رَأَوُا ابن عمر تفرَّقُوا عنها، فقال ابنُ عمر مَنْ فَعَل هذا؟ إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لَعَنَ مَنْ فعل هذا»([18]).

ومنطوق هذه الأحاديث ومفهومها الدلالة على عناية الإسلام بالحيوان، سواء ما يجلب له النفع أو يدرأ عنه الأذى، وأنه بأوامره هذه حريص على الرفق بالحيوان، سواء في حياته قبل الذبح أو عند الذبح، فالتزام هذه التعاليم من إحسان الذبح وحدِّ السكين وإراحة الذبيحة بعيدة كل البعد عن الإضرار بحقوق الحيوان.

ومن ثَمَّ؛ فإن إرشاد الإسلام إلى طريقة الذبح الإسلامي التي أثبتت الدراسات الحديثة أفضليتها على سواها من الطرق الغربية الأخرى التي تتسبب في ألم شديد وتعذيب كبير للحيوان ـ يُعدُّ إعجازًا علميًّا؛ حيث أخبرتنا الشريعة الإسلامية في زمن لم يُعرف فيه أجهزة البحث العلمي الحديث التي استطاع بها الباحثون التوصُّل إلى هذه النتائج.

الخلاصة:

·      لقد وضع الإسلام حدودًا وضوابط للذبح، وقد فصَّل النبي صلى الله عليه وسلم طريقة الذبح وبيَّنها في أحاديثه.

·  الحكمة من الذبح هو تخليص الجسم من الجزء الأكبر من دم الذبيحة، وحتى يتحقَّق ذلك لا بد أن يكون الحيوان في وعي تام أثناء الذبح، ويكون القلب في عمله الطبيعي، وكذلك الدورة الدموية وعملية التنفس، وهذا ينطبق على الذبح بالطريقة الإسلامية ولا ينطبق على غيرها.

·      الطرق الحديثة في الذبح تعتمد على تدويخ الحيوان قبل تعرضه للذبح، وذلك من خلال الطرق الآتية:

o التدويخ الكهربائي: ويكون بتمرير تيار كهربائي بفولت منخفض خلال مخ الحيوان، وهذا النوع لا يحقق النزف الكامل لغياب حركة القلب وانعدام الانقباضات العضلية.

o التخدير بثاني أكسيد الكربون: وفي هذه الطريقة يتأثر الأس الهيدروجيني للحم، وتقلُّ صلاحيته للحفظ والاستهلاك الآدمي.

o    المسدس الواقذ: وهو توجيه مسمارٍ غليظٍ إلى داخل الجمجمة، ليسقط الحيوان ميتًا.

o    المسدس الصادم: وهذه الطريقة تُحدِث ارتجاجًا شديدًا في المخ، ثم يخرُّ الحيوان صريعًا على الأرض.

o    المغطس المائي المكهرب: وهذا المغطس يؤدي إلى موت كمية من الحيوانات قبل ذبحها.

·      محاسن الذبح الإسلامي ومساوئ الطرق الأخرى تتمثل فيما يلي:

o     الذبح الإسلامي يجتذب كل الدم ويصفِّي اللحم، ويصبح صحيًّا شهي اللحم.

o     عدد البكتيريا في هذه اللحوم المذبوحة بالطريقة الإسلامية أقل عدد عرفته المختبرات العلمية.

o     الصعق يؤدي إلى موت نسبة كبيرة من الحيوانات قبل ذبحها، وكذلك المغطس المائي.

o     ينجم عن التدويخ أو استعمال المسدس احتقان جزء كبير من الدم في الذبيحة.

o     المسدس يُحدث تلفًا في المخ، ويسبب شللًا في كثير من الأحيان.

o     يؤدي تدويخ الحيوانات إلى سرعة تعفُّن هذه اللحوم؛ لعدم استنزاف دمائها بشكل كامل بعد ذبحها.

o     يُحدث هذا النوع من الذبح الغربي اضطرابًا في أنسجة الحيوان واختلافًا في درجة التعادل.

o     ارتفاع نسبة البكتيريا في اللحم المذبوح على الطريقة الغربية؛ الأمر الذي يقلِّل من قيمته الغذائية.

o استحالة التمييز بين النزيف في اللحم الناتج عن اختلاجات الصدمة والنزيف المتسبب عن المرض، الأمر الذي يؤدي إلى تناول لحوم مريضة يصعب اكتشاف مرضها.

·  إن طريقة الذبح الإسلامية أرحم من عمليات الصعق أو الوقذ. وذلك لأنه بمجرد انقطاع تدفق الدم إلى المخ؛ فإن الحيوان لا يشعر بأية آلام على الإطلاق؛ إذ يغيب عن الوعي في جزء من الثانية، ويُصفَّى دمه في نحو دقيقتين، في حين أن الطريقة الأخيرة فيها من التعذيب الكثير إذا لم تُصِب القذيفة الموضع المحدَّد في رأسه.

·  أكد العلماء الغربيون أن طريقة الذبح الإسلامية لا تُحدث أي تأثير من القسوة؛ وذلك لأن قطع الأوعية السباتية يتبعه هبوط سريع جدًّا في ضغط الدم بشرايين المخ، وقد ذكر ذلك الدكتور "ثورنتون" في كتاب "علم صحة اللحم"، ومجلة الطب البيطري الألمانية، ومدير الطب البيطري بالدنمارك الدكتور "ستوجارد"، والدكتور "شولتز"، وغير ذلك من العلماء والباحثين.

·  إن الدين الإسلامي هو دين الرحمة والرفق بجميع الأحياء، فكيف يُشرِّع أمرًا فيه تعذيب للحيوان، وهو الذي دعا إلى الرفق به سواء في حياته أو عند ذبحه؟! ومن ذلك أنه لعن مَنْ عذَّب الحيوانات، ثم حثَّ على إحسان الذبح وحدِّ السكين وإراحة الذبيحة عند الذبح.

 

(*) الذبح الإسلامي ومزاياه والذبح الغربي وخفاياه، د. محمد فؤاد البرازي، بحث مقدم إلى مؤتمر الخليج الأول لصناعة الحلال وخدماته، الكويت، بتاريخ 9- 11/1/ 2011م، منشور بموقع: صيد الفوائد www.saaid.com. الذبح في الإسلام وقاية للإنسان وغاية في الرفق بالحيوان، د. جواد الهدمي، بحث منشور بموقع: المعهد العالي للإعجاز العلمي www.iiguran.com. من آيات الإعجاز العلمي: الحيوان في القرآن الكريم، د. زغلول النجار، مرجع سابق.

[1]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان، باب: الأمر بإحسان الذبح والقتل وتحديد الشفرة، (7/ 3029)، رقم (4965).

[2]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الجهاد، باب: ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم، (6/ 218)، رقم (3075). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الأضاحي، باب: جواز الذبح بكل ما أنهر الدم، (7/ 3045)، رقم (5002).

[3]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الذبائح والصيد، باب: النحر والذبح، (9/ 556)، قبل رقم (5510).

[4]. التحرير والتنوير، الطاهر ابن عاشور، مرجع سابق، مج4، ج6، ص89.

[5]. في ظلال القرآن، سيد قطب، مرجع سابق، ج2، ص840.

[6]. تفسير الشعراوي، محمد متولي الشعراوي، مرجع سابق، ج7، ص3897- 3898.

[7]. انظر: الذبح في الإسلام وقاية للإنسان وغاية في الرفق بالحيوان، د. جواد الهدمي، بحث منشور بموقع: المعهد العالي للإعجاز العلمي www.iiguran.com.

[8]. انظر: الذبح الإسلامي ومزاياه والذبح الغربي وخفاياه، د. محمد فؤاد البرازي، مرجع سابق.

[9]. انظر: المرجع السابق.

[10]. اللحم الحلال... أزمة مسلمي أوربا، د. عبد المجيد القطمة، مقال منشور بموقع: محمد أمين شيخو www.amin-sheikho.com.

[11]. من آيات الإعجاز العلمي: الحيوان في القرآن الكريم، د. زغلول النجار، مرجع سابق، ص377- 378.

[12]. انظر: الذبح الإسلامي ومزاياه والذبح الغربي وخفاياه، د. محمد فؤاد البرازي، مرجع سابق.

[13]. اللحم الحلال... أزمة مسلمي أوربا، د. عبد المجيد القطمة، مقال منشور بموقع: محمد أمين شيخو www.amin-sheikho.com.

[14]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الصيد والذبائح، باب: الأمر بإحسان الذبح والقتل وتحديد الشفرة، (7/ 3029)، رقم (4965).

[15]. الرَّكِيَّة: البئر.

[16]. الـمُوق: الخُفُّ.

[17]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الأنبياء، باب: أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم، (6/ 591)، رقم (3467).

[18]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الصيد والذبائح، باب: النهي عن صبر البهائم، (7/ 3031)، رقم (4971).

wives that cheat link read here
wives that cheat redirect read here
my husband cheated married looking to cheat open
online why men have affairs read here
generic viagra softabs po box delivery us drugstore pharmacy viagra buy viagra generic
viagra vison loss viagra uk buy online read
website why some women cheat redirect
read here click here why women cheat on men
My girlfriend cheated on me my wife cheated on me with my father signs of unfaithful husband
مواضيع ذات ارتباط

أضف تعليقا
عنوان التعليق
نص التعليق
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء كاتبيها فقط ولا تعبر عن الموقع
 
 
 
  
المتواجدون الآن
  3909
إجمالي عدد الزوار
  36750904

الرئيسية

من نحن

ميثاق موقع البيان

خريطة موقع البيان

اقتراحات وشكاوي


أخى المسلم: يمكنك الأستفادة بمحتويات موقع بيان الإسلام لأغراض غير تجارية بشرط الإشارة لرابط الموقع