مرحبًا بكم فى موقع بيان الإسلام الرد على الافتراءات والشبهات
 بحث متقدم ...   البحث عن

الصفحة الرئيسية

ميثاق الموقع

أخبار الموقع

قضايا الساعة

اسأل خبيراً

خريطة الموقع

من نحن

الطعن في اختصاص الله عز وجل  بإنزال المطر(*)

مضمون الشبهة:

يطعن بعض المغرضين في اختصاص الله  عز وجل بإنزال المطر، ويستدلون على ذلك بأن الإنسان في العصر الحديث أصبح على علم تام بموعد سقوط المطر وأماكن نزوله، بل صار بإمكانه إسقاط المطر صناعيًّا، وبناء على ذلك فإن قوله سبحانه وتعالى:)إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث((لقمان: 34)، وقوله سبحانه وتعالى:)وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون (18)((المؤمنون) مخالفان لما توصل إليه العلم الحديث من حقائق.

وجها إبطال الشبهة:

1)  أثبت العلم الحديث أن عملية إنزال المطر ـ بمراحلها المتعددة ـ خارجة عن قدرة البشر؛ فلا طاقة للبشر على العلم بوقت نزول المطر، ولا بمقداره، ولا بمكان نزوله على وجه اليقين، وهذا ما أشار إليه قوله تعالى:(إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير (34)((لقمان)  فهي مما استأثر الله عز وجل  بعلمه.

2)  ثبت علميا أن عملية إنزال المطر ما هي إلا مرحلة في دورة طبيعية للماء الذي ينزله الله عز وجل بقدر، ثم  يسكنه في الأرض، ويخرج بعضه الآخر إلى السطح لينتفع به الإنسان وكافة المخلوقات على الأرض، وهذا ما أشار إليه قوله تعالى: (وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون (18)((المؤمنون).

التفصيل:

أولا. عملية نزول المطر (الوقت، المقدار، المكان):

1) الحقائق العلمية:

ظلت كيفية تكون الأمطار لغزًا كبيرًا فترة طويلة من الزمن، ولم يكن من الممكن اكتشاف مراحل تكون الأمطار إلا بعد اكتشاف الرادارات، ووفقًا للاكتشافات العلمية الحديثة يتكون المطر على ثلاث مراحل:

المرحلة الأولى؛ تبدأ فقاعات الهواء التي لا تحصى والتي ترغي في المحيطات قاذفة بجزيئات الماء نحو السماء، بعد ذلك تحمل الرياح هذه الجزيئات الغنية بالأملاح وترفعها إلى الغلاف الجوي، هذه الجزيئات التي تسمى الهباء الجوي تعمل كأفخاخ مائية وتكون قطرات الغيوم عبر تجميع قطيرات من بخار الماء الصاعد من البحار حولها.

وفي المرحلة الثانية؛ تتكون الغيوم من بخار الماء الذي يتكثف حول بلورات الملح أو جزيئات الغبار في الهواء، ولأن قطيرات المياه في هذه الغيوم صغيرة جدًّا يبلغ قطر الواحدة منها ما بين 0,01 ـ 0,02 ملم ـ فإن الغيوم تتعلق في الهواء وتنتشر في أرجاء السماء، وبهذا تغطى السماء بالغيوم.

أما المرحلة الثالثة؛ وفيها تتكاثف جزيئات المياه التي تحيط ببلورات الملح وجزيئات الغبار لتكون قطرات المطر، وبهذا فإن المطر الذي يصبح أثقل من الهواء يترك الغيوم ويبدأ بالهطول على الأرض.

وقد قام العلماء بدراسة الغيوم وتوصلوا من خلال ذلك إلى أن الغيوم الممطرة تتكون وتتشكل وفق نظام ومراحل محددة؛ فمثلا مراحل تكون الركام ـ وهو أحد أنواع الغيوم الممطرة ـ هي:

 مرحلة الدفع؛ حيث تحمل الغيوم أو تدفع بواسطة الرياح.

  مرحلة التجمع؛ حيث تتراكم السحب التي دفعتها الرياح مع بعضها البعض لتكون غيمة أكبر.

  مرحلة التراكم؛ حيث إن السحب الصغيرة عندما تتجمع مع بعضها فإن التيار الهوائي الصاعد في الغيمة يزداد، ويكون قرب مركز الغيمة أقوى من التيارات التي تكون على أطرافها، وهذه التيارات تجعل جسم الغيمة ينمو عموديًّا؛ ولذلك فإن الغيمة أو السحابة تتراكم صعودًا.

ويؤدي هذا النمو العمودي للغيمة إلى تمددها إلى مناطق أكثر برودة من الغلاف الجوي، وعندها تتكون حبات المطر والبرد وتصبح أكبر ثم أكبر إلى أن تصبح حبات المطر والبرد ثقيلة جدًّا على التيارات الهوائية، بحيث يتعذر عليها حملها، فتبدأ بالهطول على شكل أمطار أو حبات برد([1]).

وهنا نتساءل: كيف يتأتى للإنسان أن يتحكم في وجود السحاب ولا سيما تكوينه؟

فمن الجدير بالذكر أنه ليس كل سحاب يكون ممطرًا؛ فالظروف الطبيعية التي تؤدي إلى تكوين السحب ونزول المطر لا يمكن أن يصنعها البشر، ولا سبيل إلى التحكم فيها.

ولا يزال موضوع المطر الصناعي ـ أو استمطار السحب العابرة([2]) ـ مجرد تجارب لم يثبت نجاحها بعد، وحتى إذا تم نجاحها فإنه من اللازم أن توفر الطبيعة الظروف الملائمة للمطر الطبيعي حتى يمكن استمطار السماء صناعيًّا؛ أي إن دور علماء الطبيعة الجوية لا يتعدى قدح الزناد فقط، بتوليد حالات من فوق التشبع داخل السحب الركامية، وعلى الأخص داخل أماكن نقط الماء فوق المبرد، وذلك بقذف بعض المواد التي تصلح أن تكون نوى التكاثف على هيئة مساحيق أو أبخرة ـ مثل ملح الطعام ـ أو بودرة الفضة، أو بلورات ثاني أكسيد الكربون([3]).

وقد جاء في جريدة الوطن السعودية حول هذا الموضوع ما يأتي: "على الرغم من مرور أكثر من نصف قرن على بداية التجارب في صناعة الأمطار، والمديح الذي كيل لهذه التقنية والوعود التي قطعتها الشركات لابتزاز المحتاجين للأمطار، وبالرغم من الإخفاقات المتتالية، ومشاركة أكثر من أربعين دولة، لا تزال هذه التقنية محل ريبة وشك. إن تجارب استمطار السحب لم تؤت أكلها بعد، ولا تزال في طور البحث والدراسة".

كما جاء في تقرير الأكاديمية القومية للعلوم بالولايات المتحدة الأمريكية أنه لا توجد حتى الآن أدلة حاسمة ونتائج موثقة تؤكد فاعلية هذه التقنية([4]).

يقول "م. أ. فاسي " (M. A. Facy) ـ مهندس عام الأرصاد الجوية الوطنية في دائرة معارف يونيفرسال ـ ما يلي بالحرف الواحد: "لم يحدث أبدًا ومن المستحيل فعلًا أن يتمكن إنسان من إسقاط مطر صناعي من سحابة لا تحتوي على ماء المطر أصلًا، أو من سحابة لا تصل إلى درجة مناسبة من التطور والنضج بحيث تكون مؤهلة لإنزال المطر عندما تتوافر الظروف اللازمة لإنزاله؛ وبناء على ذلك لا يستطيع الإنسان أن يحدث المطر الصناعي إلا إذا كانت السحب الحاملة للمطر والقابلة لإنزاله موجودة، أما لو كانت السحب غير حاملة للمطر أو غير قابلة لإنزاله، فمن المستحيل على الإنسان الحصول على مطر من هذه السحب. وبالتالي نجد أن الإنسان في عملية المطر الصناعي لا يعمل شيئًا باستخدامه للوسائل التكنولوجية المتعلقة بالمطر الصناعي سوى أن يعجّل فقط بإنزال المطر من سحابة حاملة بالفعل لماء المطر، وبشرط أن تكون كل الظروف الطبيعية الملائمة لنزول المطر متوفّرة، ولو كان الأمر على غير هذا النحو لأمكن التغلب على مشكلة الجفاف تمامًا.

في مناطق شاسعة من صحراوات معينة يستحيل على أي إنسان أن يحدث المطر الصناعي، ولكن في بلاد ممطرة أصلا مثل فرنسا ـ مثلا ـ  يمكن إحداث المطر الصناعي لوجود سحب محملة بماء المطر، وكل ما يعمله الإنسان بالنسبة إلى المطر الصناعي هو أن يعجل ـ بطرق معينة ـ فقط بإنزال المطر الطبيعي من السحب الحاملة له، إن التحكم في المطر وإمكانات الحصول باستمرار على طقس جميل لم تقض به إرادة الله ـ لا يزال حتى اليوم حُلمًا من أحلام البشر"([5]). 

2)  التطابق بين الحقائق العلمية و بين ما أشارت إليه الآية الكريمة:

زعم المشككون أن الإنسان في العصر الحديث أصبح على علم تام بموعد سقوط المطر وأماكن نزوله، بل تجاوز الأمر فأصبح بإمكانه إسقاط هذا المطر صناعيًّا؛ طاعنين بذلك في اختصاص الله  عز وجل  بإنزال المطر.

وبداية يجب أن نفرق بين الغيث والمطر؛ فقد جاء في المعاجم العربية أن:

الغيث: المطر الذي يغيث من الجدب، وكان نافعًا في وقته.

والمطر: قد يكون نافعًا وقد يكون ضارًّا...

ويتضح المعنى بما نصت عليه آيات القرآن الكريم؛ فقد قال الله سبحانه وتعالى: )وأمطرنا عليهم مطرًا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين (84)((الأعراف)، وقال: )وأمطرنا عليهم مطرًا فساء مطر المنذرين (173)( (الشعراء)، وقال:)ولقد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء أفلم يكونوا يرونها بل كانوا لا يرجون نشورًا (40)((الفرقان)، وقال:)وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد (28)( (الشورى)،)ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون (49)((يوسف).

وبالرجوع إلى قوله سبحانه وتعالى:  )إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير (34)((لقمان) يتبين لنا أن إنزال الغيث من الأمور التي اختص الله عز وجل بها، وجعل مردها إليه وحده.

وإذا علمنا أن الإنسان يجتهد في طلب الخير وهو المطر النافع (الغيث)، ويتوقع نزوله ـ دون جزم منه ـ أنه سينزل على منطقة معينة في وقت معين بمقدار معين؛ فتلك أمور لا علم إلا لله عز وجل بها، ولا يقدر الإنسان فيها إلا على التوقع والطلب، أما العطاء فمن الله بعلمه وقدرته، وليس بعلم الإنسان وقدرته أبدًا([6]).

ويقول الطاهر ابن عاشور في تفسيره لهذه الآية: "وجملة "وينزل الغيث" عطف على جملة الخبر، والتقدير: وإن الله ينزل الغيث، فيفيد التخصيص بتنزيل الغيث. والمقصود أيضًا عنده علم وقت نزول الغيث وليس المقصود مجرد الإخبار بأنه ينزل الغيث؛ لأن ذلك ليس مما ينكرونه، ولكن نظمت الجملة بأسلوب الفعل المضارع؛ ليحصل مع الدلالة على الاستئثار بالعلم به الامتنان بذلك المعلوم الذي هو نعمة. وفي اختيار الفعل المضارع إفادة أنه يجدد إنزال الغيث المرة بعد المرة عند احتياج الأرض"([7]).

فكيف يمكن للإنسان أن يتحكم في هذا القدر؟! وكيف له أن يقدر كميته؟! وهل في استطاعة الإنسان أن يتحكم في وجود السحاب أولًا؟!

إن الإنسان ليجتهد في طلب الخير ومنه المطر النافع، ويتوقع نزوله، فإن أصاب ما توقع كان من فضل الله، وليس لعلمه أن المطر سيسقط على هذه المنطقة جزمًا؛ فالعطاء من الله عز وجل بعلمه وقدرته، وليس بعلم الإنسان وقدرته أبدًا.

وبعد؛ فهل يمكن أن يجزم أحد: أنه يستطيع أن يمطر منطقة معينة بعلمه وقدرته في وقت معين بقدر معين([8])؟!

وقد أكد القرآن الكريم أن كميات الماء على الأرض تتوزع بنظام محسوب وليس عشوائيًّا، وذلك في قوله سبحانه وتعالى:)ولقد صرفناه بينهم ليذكروا فأبى أكثر الناس إلا كفورًا (50)((الفرقان)، والعلم الحديث يخبرنا أن كميات المطر تتوزع بنظام.

كما أشار القرآن الكريم إلى أن الماء الذي ينزل من الغيوم يكون ماء طهورًا خاليًا من الجراثيم والمواد الضارة، يقول سبحانه وتعالى: )وأنزلنا من السماء ماء طهورًا (48)( (الفرقان)، وقد ثبت علميًّا أن طبقة الأوزون في الغلاف الجوي تقتل الجراثيم الموجودة في ماء المطر، كذلك تقوم الأشعة فوق البنفسجية بتطهير الماء مما علق فيه من بكتيريا أو أحياء مجهرية؛ فينزل الماء طاهرًا إلى الأرض([9]).

وفي المقابل نجد الاستمطار الصناعي يشكل خطرًا على صحة الإنسان والحيوان؛ فعلماء البيئة يقولون: "الأثر البيئي لهذه التقنية يجب البحث فيه ومعرفة جوانبه، فالمواد المستخدمة في بذر السحب مواد سامة ـ بحسب تصنيف المنظمات العالمية ـ فمكتب البيئة والصحة والسلامة بجامعة بيركلي ـ كاليفورنيا بالولايات المتحدة ـ يصنف يود الفضة بأنه مادة كيماوية غير عضوية، خطرة، لا تذوب في الماء، وسامة للإنسان، والأسماك.

وتفهرس وكالة حماية البيئة الأمريكية مادة يود الفضة ضمن المواد الخطرة والسامة. وفي دراسات طبية عديدة على تأثير يود الفضة على صحة الإنسان ثبت أنها تدخل إلى جسمه عن طريق الجهاز الهضمي، أو التنفسي، أو عن طريق امتصاص الجلد، وتصيبه بأمراض تبدأ بإثارة الجهاز الهضمي، وتحول لون الجلد إلى الأسود في حالات التسمم البسيطة، وتصل إلى تضخم القلب، والنوبات الصدرية الحادة مع الجرعات العالية"([10]).

وحينما سئل الشيخ عطية صقر رحمه الله عن المطر الصناعي وهل يتنافى مع قوله تعالى:)وينزل الغيث((لقمان: 34)، قال: "كلنا يعلم أن تكاثف بخار الماء الموجود في السحاب، أو في الجو عامة يحدث لعوامل، فينزل المطر أو الندى، وليس في ذلك مشاركة لقوله تعالى: )وينزل الغيث( (لقمان: 34)؛ لأن تكون السحاب وامتلاء الجو ببخار الماء على هذا النطاق الواسع هو صنع الله بالوسائط التي خلقها، فهو الخالق للبخار، ولحرارة الشمس، والمتحكم في برودة الجو، وكذلك في الرياح وسوقها للسحاب، وبقدرته أن يتحكم فيها فلا تنتج أثرًا، كما قال سبحانه وتعالى:)ألم تر أن الله يزجي سحابًا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركامًا فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء ((النور: 43).

إن العمليات التي يحاول بها بعض الناس إسقاط المطر من السحاب لها نظائر في نطاق ضيق، في عمليات فصل الملح عن الماء ليصير عذبًا؛ فهي تدور على التبخير والتكثيف، كما يحدث في الأنبيق الذي تستخرج به العطور، وليس عملهم هذا تدخلًا في صنع الله، بل هو تصرف واستخدام للمادة التي خلقها الله، ولا يمكن لأحد أن يخلق الحرارة أو البرودة أو الماء بوسائط أو مواد غير ما أوجده الله في الكون.

ومع ذلك فالمحاولات لا تغني؛ لأن كثيرًا من بلاد هؤلاء العلماء تشكو الجفاف وقلة الماء وهلاك الزرع والحيوان، فلو أمكنهم التحكم في المطر والماء والريح كما يتحكم الله ليغاثوا من القحط ما سكتوا، فقدرة الله فوق قدرتهم، وإرادة الله فوق إرادتهم، كما أن مداواة المريض بمواد خلقها الله، لا تسوغ إسناد الشفاء الحقيقي إلى غير الله.

وإلى جانب عجزهم عن الإغاثة من القحط، عجزوا عن دفع ما يقع من العواصف والصواعق والسيول والزلازل والبراكين على بلاد المتحضرين المزهوين بعلومهم واختراعاتهم، كل ذلك يزيدنا إيمانا بقوله تعالى:)يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد (15) إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد (16) وما ذلك على الله بعزيز (17)((فاطر)"([11]).

وبهذا يتضح أنه لا علم للبشر بوقت نزول المطر ولا مقداره ولا مكان نزوله ـ على وجه اليقين ـ فهذه أمور خارجة عن نطاق القدرة البشرية المحدودة، قال سبحانه وتعالى:)وما أوتيتم من العلم إلا قليلا (85)( (الإسراء).

3)  وجه الإعجاز:

أشار القرآن إلى اختصاص الله عز وجل  بإنزال الغيث (المطر النافع) وجعله من الأمور الغيبية، قال تعالى: )وينزل الغيث((لقمان:34)، وقد أثبت العلم الحديث أن نزول المطر لايمكن أن يصنعه البشر، ولا سبيل إلى التحكم في الظروف التي تؤدي إلىه من قبل البشر، فلا يستطيع البشر أن يجزموا بوقت نزول المطر ولا بمقداره ولا بمكان نزوله.

ثانيا. أصل الماء ودورته الطبيعية الثابتة:

1) الحقائق العلمية:

ثبت علميا أن أصل الماء الذي يمكن أن يستفيد به الإنسان تحت سطح الأرض هو من ماء المطر، ويعد هذا من المعارف العلمية الحديثة؛ فقد كان السائد في الحضارات السابقة أن الماء المتجمع تحت سطح الأرض مندفع إلى داخل القارات من ماء البحار والمحيطات عبر هوة سحيقة تخيلوها وأسموها "تاتار" (Tatare)، أو أن بخار ماء التربة يتكاثف في تجاويف الأرض كما افترض أرسطو.

وقد استمرت هذه الافتراضات الخاطئة سائدة حتى النصف الأخير من القرن التاسع عشر الميلادي 1877م، ولم تتبلور العلاقة بين ماء المطر والماء تحت سطح الأرض إلا مع بدايات القرن العشرين، وإن كان فرنسي يسمى "برنارد باليسي" (Bernard Palissy) قد أشار إلى شيء من ذلك في أواخر القرن السادس عشر الميلادي وتبعه في ذلك "ديكارت" في منتصف القرن الثامن عشر الميلادي. وأغلب الظن أنهما قد استمدا هذه المعلومات من عدد من المصادر الإسلامية المترجمة التي كانت متاحة لكل منهما.

لقد ثبت علميًّا أن الماء الموجود على سطح الأرض قد اندفع إلى سطحها أصلًا من داخل الأرض عبر ثورات البراكين، ثم لم يلبث أن تكاثف في الأجزاء العليا من نطاق التغيرات الجوية ـ نطاق الرجع ـ الذي يتميز بتبرده مع الارتفاع حتى تصل درجة حرارته إلى أكثر من ستين درجة مئوية تحت الصفر فوق خط الاستواء؛ وذلك للبعد عن سطح الأرض الذي يمتص حرارة الشمس أثناء النهار ويعيد إشعاعها إلى غلافها الغازي بعد غروب الشمس([12]). ثم يعود هذا الماء إلى الأرض في صورة المطر والثلج والبرد، وهكذا يتحرك الماء بصفة مستمرة في دورة بين البحار والهواء واليابسة، وتشارك الجبال الشاهقة في تكوين جزء من بخار الماء في الهواء فيغطي الثلج قممها ثم ينصهر وينحدر تدريجيًّا ليغذي بعض الأنهار بالماء العذب مشاركًا في تلك الدورة المستمرة للماء([13]). وذلك كله يحدث دون تدخل من البشر.

      توازن دورة المياه على الأرض:

تقدر الأبحاث الحديثة أنه يتبخر من ماء الأرض 380000 كم3/سنة، أغلبها 320000 كم3 من أسطح البحار والمحيطات، وأقلها 60000 كم3 من أسطح اليابسة، وتعود هذه الكمية إلى الأرض بمعدلات مختلفة؛ 284000 كم3 على البحار والمحيطات، 96000 كم3 على اليابسة([14]).

وهذا يعني أن المياه تدور دورة متوازنة ومحسوبة، عليها تقوم الحياة على الأرض. وحتى لو استعمل العلماء كل وسائل التكنولوجيا المتوفرة في العلم فلن يستطيعوا أن يعيدوا إنتاج هذه الدورة بطريقة صناعية.

إن مجرد خلل بسيط في هذه المعادلة سوف يؤدي إلى خلل بيئي قد ينهي الحياة على الأرض([15]).

2)  التطابق بين الحقائق العلمية وما أشار إليه القرآن الكريم:

لقد سبق القرآن الكريم العلوم الحديثة، وأشار إلى أن أصل الماء الذي يمكن أن يستفيد به الإنسان من تحت سطح الأرض هو ماء المطر، قال تعالى:)وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون (18)((المؤمنون)؛ فقد ثبت أخيرًا أن كل الماء الموجود على سطح الأرض قد اندفع إلى سطحها أصلًا من داخل الأرض عبر ثورات البراكين، وهذا أيضًا قد أشار إليه القرآن في قوله: ) والأرض بعد ذلك دحاها (30) أخرج منها ماءها ومرعاها (31)((النازعات).

قال ابن كثير: يذكر سبحانه وتعالى نعمه على عبيده التي لا تعد ولا تحصى، في إنزاله القطر من السماء "بقدر"؛ أي: بحسب الحاجة، لا كثيرًا فيفسد الأرض والعمران، ولا قليلًا فلا يكفي الزروع والثمار، بل بقدر الحاجة إليه من السقي والشرب والانتفاع به، حتى إن الأراضي التي تحتاج إلى ماء كثير لزراعتها، ولا تحتمل دِمْنتها إنزال المطر عليها (أي كثيرًا)، فإن الله سبحانه وتعالى يسوق إليها الماء من بلاد أخرى، كما في أرض مصر، ويقال لها: الأرض الجرز، يسوق الله إليها ماء النيل معه طين أحمر يجترفه من بلاد الحبشة في زمان أمطارها، فيأتي الماء يحمل طينًا أحمر، فيسقي أرض مصر، ويقر الطين على أرضهم ليزرعوا فيه؛ لأن أرضهم سباخ يغلب عليها الرمال([16]).

فيشير الله عز وجل بهذه الآية إلى أنه قدر نظام المطر الذي يغور، بحيث يسكن بعضه فيها، ويخرج بعضه الآخر إلى السطح. كما قدر نظام ماء المطر الذي يسيل على السطح، ويجري باستمرار في مجاريه، رغم انحدار هذه المجاري؛ فمنع بذلك الأول من الضياع والثاني من النضوب في مجاريه، ثم إنه لو شاء لضيع الأول في باطن الأرض، ولجعل الثاني ينضب في مجاريه بإنضاب جميعه من البحار([17])، وهذا مما لا طاقة للبشرية به.

3)  وجه الإعجاز:

أشار القرآن الكريم في قوله سبحانه وتعالى:)وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون (18)((المؤمنون) إلى أنه سبحانه وتعالى قدر نظام ماء المطر الذي ينزل من السماء ثم يغور في الأرض بحيث يسكن بعضه فيها، ويخرج بعضه إلى السطح؛ لينتفع به الإنسان وكافة المخلوقات، وهذا ما أثبته العلم الحديث. 


 

(*) منتدى: الملحدين العرب www.el7ad.com.

[1]. انظر: آيات الإعجاز العلمي من وحي الكتاب والسنة، عبد الرحمن سعد صبي الدين، مرجع سابق، ص102.

[2]. الاستمطار Rainmaking: هو محاولة إسقاط المطر من السحب الموجودة في السماء، سواء ما كان منها مدرًّا للأمطار بشكل طبيعي، أم لم يكن كذلك. ويمكن أن ندرج تحت هذا المفهوم أية عملية تهدف إلى إسقاط الأمطار بشكل صناعي، بما في ذلك محاولات تشكيل السحب صناعيًّا، وتنمية مكوناتها. ويقصد من الاستمطار الصناعي أحد أمرين:

تعجيل هطول الأمطار من سحب معينة فوق مناطق بحاجة إليها، بدلًا من ذهابها إلى مناطق لا حاجة بها إلى الماء؛ لظروفها الطبيعية الملائمة للإدرار الطبيعي.

زيادة إدرار السحابة عمَّا يمكن أن تدره بشكل طبيعي.

[3]. الموسوعة الذهبية في إعجاز القرآن الكريم والسنة النبوية، د. أحمد مصطفى متولي، مرجع سابق، ص157.

[4]. لا يعلم متى ينزل الغيث إلا الله وحقيقة الاستمطار، بحث منشور بمنتديات: أتباع المرسلين www.ebnmryam.com.

[5]. التوراة والأناجيل والقرآن الكريم بمقياس العلم الحديث، د. موريس بوكاي، مرجع سابق، ص225، 226.

[6]. لا يعلم متى ينزل الغيث إلا الله وحقيقة الاستمطار، بحث منشور بمنتديات: أتباع المرسلين www.ebnmrayam.com.

[7]. التحرير والتنوير، محمد الطاهر ابن عاشور، مرجع سابق، مج6، ج10، ص197. 

[8]. لا يعلم متى ينزل الغيث إلا الله وحقيقة الاستمطار، بحث منشور بمنتديات: أتباع المرسلين www.ebnmaryam.com.

[9]. روائع الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، مقال منشور بموقع: شبكة أنوار مكة الإسلامية www.anwarmaka.net.

[10]. المطر الصناعي: حقيقته وأقوال العلماء فيه، مقال منشور بموقع: مزاميرwww.mzameer.com.

[11]. هل يمكن فعلا عمل مطر صناعي؟ مقال منشور بموقع: إجابات جوجل www.ejabat.google.com.

[12]. من آيات الإعجاز العلمي: الأرض في القرآن الكريم، د. زغلول النجار، مرجع سابق، ص455، 456، 463.

[13]. المعارف الكونية بين العلم والقرآن، د. منصور محمد حسب النبي، مرجع سابق، ص134.

[14]. الإعجاز العلمي في السنة النبوية، د. زغلول النجار، مرجع سابق، ج1، ص41، 42.

[15]. آيات الإعجاز العلمي من وحي الكتاب والسنة، عبد الرحمن سعد صبي الدين، مرجع سابق، ص103.

[16]. تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، مرجع سابق، ج3، ص242 بتصرف.

[17]. الموسوعة الذهبية في إعجاز القرآن الكريم والسنة النبوية، د. أحمد مصطفى متولي، مرجع سابق، ص154، 155.

why do men have affairs when a husband cheats why men cheat on beautiful women
wives that cheat women who want to cheat read here
click read dating site for married people
click website dating site for married people
click here My wife cheated on me women cheat husband
signs of a cheater reasons people cheat website
generic viagra softabs po box delivery buy generic viagra buy viagra generic
viagra vison loss buy viagra online read
viagra vison loss vasodilator viagra read
husband cheat online online affair
husband cheat online online affair
dating a married woman all wife cheat i cheated on my husband
read all wife cheat click here
read here my husband cheated on me why women cheat on men
مواضيع ذات ارتباط

أضف تعليقا
عنوان التعليق
نص التعليق
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء كاتبيها فقط ولا تعبر عن الموقع
 
 
 
  
المتواجدون الآن
  8302
إجمالي عدد الزوار
  36637896

الرئيسية

من نحن

ميثاق موقع البيان

خريطة موقع البيان

اقتراحات وشكاوي


أخى المسلم: يمكنك الأستفادة بمحتويات موقع بيان الإسلام لأغراض غير تجارية بشرط الإشارة لرابط الموقع