مرحبًا بكم فى موقع بيان الإسلام الرد على الافتراءات والشبهات
 بحث متقدم ...   البحث عن

الصفحة الرئيسية

ميثاق الموقع

أخبار الموقع

قضايا الساعة

اسأل خبيراً

خريطة الموقع

من نحن

دعوى أن نقد علماء الحديث كان منصبا على السند دون المتن(*)

مضمون الشبهة:

يدعي بعض المغرضين أن علماء الحديث قد عنوا بنقد إسناد الأحاديث وتركوا متنها، ويستدلون على ذلك بأن جل اهتمام هؤلاء العلماء كان بنقد الإسناد، حيث وضعوا قواعد للجرح والتعديل، وغير ذلك مما يخص جانب الإسناد، أما اهتمامهم بنقد المتن فلم نظفر منهم في هذا الباب بعشر معشار ما عنوا به من جرح الرجال وتعديلهم. هادفين من وراء ذلك إلى الطعن في الأحاديث النبوية التي صحت أسانيدها إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

وجوه إبطال الشبهة:

1)     إن تعريف علم مصطلح الحديث، وبيان شروط الحديث الصحيح ليوضحان - بما لا يدع مجالا للشك - مدى اهتمام المحدثين والعلماء بالسند والمتن معا، وخاصة أن موضوعهما واحد، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم - أي المتن - الذي من أجله نشأ هذا العلم وانتشر.

2)     إن معرفة ضبط الراوي - وهو الشرط الثالث من شروط الحديث الصحيح - لا تتم إلا بعرض متون مروياته على متون الثقات من الرواة، فإن كانت موافقة لهم عرفنا أنه ضابط، وإن كانت مخالفة عرفنا أنه غير ضابط.

3)     إن من مهمات علم الحديث ضبط وتحرير ألفاظ السنة، فكانت هناك علوم تختص بالمتن مثل علم غريب الحديث، ومختلف الحديث، والناسخ والمنسوخ، وغيرها، بالإضافة إلى أنهم قد وضعوا شروطا صعبة لنقد متون الأحاديث.

4)     إن تناول العلماء للسند على نطاق أوسع من حديثهم في المتن لا يعد طعنا؛ لأن لكل من الأمرين ما يقتضيه، فالسند موضوعه الرجال الذين تسلسلت عنهم الرواية، وهم لا يحصون عددا، وهذا يحتاج إلى كبير جهد لفحص كل واحد منهم على عكس المتن.

التفصيل:

أولا. تعريف علم مصطلح الحديث، وبيان شروط الحديث الصحيح يوضح مدى اهتمام المحدثين بالسند والمتن معا:

إن الناظر إلى تعريف علم مصطلح الحديث - كما عرفه أصحابه - يجد أن هذا التعريف ينص على الاهتمام بدراسة متن الحديث دراسة واعية، كما يهتم بدراسة سنده، وكان هذا ديدن علمائه منذ البداية، فقد عرفوه بأنه عبارة عن "قوانين يعرف بها أحوال السند والمتن من حيث القبول والرد"، فموضوع هذا العلم هو المتن والسند معا وليس السند فقط.

ويقصد بـ" أحوال السند والمتن" أي: سواء أكانت تلك الأحوال عامة لهما كالصحيح والحسن والضعيف، أم خاصة بالسند كالعلو والنزول، أم خاصة بالمتن كالرفع والوقف والقطع.

وقسم ابن الأكفاني في كتابه " إرشاد القاصد إلى أسنى المطالب" علم الحديث إلى نوعين: علم الحديث الخاص بالرواية، وهو "علم يشتمل على نقل أقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - وأفعاله و روايتها وضبطها وتحرير ألفاظها"، وعلم الحديث الخاص بالدراية، وهو "علم يعرف منه حقيقة الرواية وشروطها وأنواعها وأحكامها، وحال الرواة وشروطهم وأصناف المرويات وما يتعلق بها"[1].

وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني: أولى التعاريف له أن يقال: هو "معرفة القواعد المعرفة بحال الراوي والمروي"[2]؛ فهو علم يشمل الراوي الذي يروي الحديث، وفي نفس الوقت يشمل الحديث المروي نفسه من دراسة ألفاظه ومعانيه ومدى قبولها أو رفضها. هذا هو تعريف ابن حجر العسقلاني عمدة المتأخرين في الحديث.

ومن خلال هذه التعريفات السابقة لعلم مصطلح الحديث نجد أن غرض العلماء من هذا العلم هو دراسة الجانبين معا؛ جانب الإسناد وجانب المتن، ولم يميلوا إلى أحدهما على حساب الآخر، وإنما بذلوا في كل منهما جهدا عظيما في ضوء الظروف التي أحاطت بهم.

فأين إذن نظرة المحدثين للإسناد دون المتن؟ إن موضوعه هو السند والمتن معا، وثمرته: معرفة الحديث الصحيح من غيره، ولم نر أحدا من أهل الحديث قال: إنه علم بأحوال السند فقط، وثمرته معرفة الإسناد الصحيح فقط.

ومن أجل ذلك فقد اشترط أهل الصناعة من المحدثين خمسة شروط للحديث الصحيح، جعلوا ثلاثة منها للسند واثنين للمتن، ولا يصح الحديث إلا إذا توافرت فيه الشروط الخمسة، وهذه الشروط هي:

·    اتصال السند.

·    عدالة الرواة.

·    الضبط.

·    عدم الشذوذ.

·    عدم العلة.

فالشروط الثلاثة الأولى للإسناد، والشرطان الأخيران للمتن، وهما عدم الشذوذ، وعدم العلة.

والشذوذ المقصود هنا قسمان: شذوذ في السند وشذوذ في المتن، وكذلك العلة: علة في السند وعلة في المتن[3]، والشذوذ يكون بمخالفة الثقة من هو أوثق منه من خلال مقارنة المتن الذي رواه بمتن الرواة الثقات، والعلة هي الأمر القادح في الحديث، كما يلاحظ أن شرط "الضبط" لا يتحقق إلا بعد مقابلة مرويات الراوي على مرويات أقرانه، وهذا متعلق بالمتن بلا شك.

لذلك وضع المحدثون قاعدة متفقا عليها بينهم جميعا يقررون فيها: أنه قد يصح السند ولا يصح المتن؛ لشذوذ أو علة، وقد يصح المتن ولا يصح السند لورود دلائل على صحة المتن من طرق أخرى، وهذا مقرر في أصول هذا الفن وليس هذا من المعلومات النادرة، وذلك يدل بما لا يدع مجالا للشك أن المحدثين احتاطوا من النظرة الشكلية القاصرة، وأنهم احتاطوا لكل احتمال وأعدوا له العدة في منهج موضوعي شامل ومتعمق أيضا[4].

ومن أمثلة الأحاديث المعلة في المتن حديث عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الطيرة شرك، وما منا إلا، ولكن يذهبه الله بالتوكل»[5].

فهذا الحديث صحيح ظاهرا سندا ومتنا، إلا أن متنه معلول بعلة خفية في قوله: "وما منا إلا"، قال البخاري: كان سليمان بن حرب يقول في هذا الحديث: وما منا ولكن يذهبه الله بالتوكل، قال سليمان: هذا عندي قول عبد الله بن مسعود، قال الخطابي قول: «وما منا إلا» معناه: إلا يعتريه التطير، ويسبق إلى قلبه الكراهة فيه، فحذف اختصارا للكلام واعتمادا على فهم السامع. «ولكن الله يذهبه بالتوكل»، أي: يزيل أثر ذلك الوهم المكروه بسبب الاعتماد عليه تعالى، والاستناد إليه - سبحانه وتعالى - ويؤيد الحكم بإعلال المتن أن صدر الحديث رواه غير واحد عن ابن مسعود دون الزيادة[6].

ولما كانت معرفة علل الحديث كشفا للأمور الدقيقة الخفية، فقد تفنن العلماء في التنقيب عنها، واتباع وسائل كثيرة فيها، مثل تتبع أسانيد الحديث ومتونه ومقابلتها مع بعضها، فيرشد اتفاقها واختلافها إلى ما وقع فيه ثقة من خطأ أو وهم[7]، وبذلك كان الاهتمام بالمتن كبيرا من خلال كشف المعلول متنا.

ومما سبق بيانه يتضح لنا أن علماء الحديث منذ البداية لم ينحوا دراسة متن الأحاديث جانبا كما يزعم هؤلاء، وإنما أولوا المتن اهتماما كبيرا، كما كان للسند هذا الاهتمام أيضا، وظهر ذلك من خلال تعريف العلم نفسه الذي يدل على تقسيمه إلى الاهتمام بالسند والمتن معا، وكان ذلك عمليا عندهم عندما اشترطوا في اعتبار كون الحديث صحيحا أن يكون متنه خاليا من الشذوذ أو العلة.

وكذلك فإن إثبات ضبط الرواة يرتبط ارتباطا قويا بنقد المتون، فالراوي الجدير بالثقة كيف كان جديرا بها؟ هل حصل عليها بصك غفران، أم لانتمائه إلى فئة معينة؟ أم أنه كما هو الواقع حاز على هذه الصفة " ثقة"، بأن اجتاز اختبارا شاملا لشخصيته لتحقيق صفة العدالة، أو ما نسميه الآن " الأمانة العلمية"، وصفة الضبط، أو ما يمكن أن نسميه " الكفاءة العلمية" التي يكون بها على مستوى استيعاب الحديث، وأدائه كما سمع؟!

في الواقع أن إثبات ثقة الرواة وكونهم جديرين بالثقة يرتبط ارتباطا قويا بدراسة المتون؛ لأن توثيق الراوي لابد فيه من اختبار مروياته، وعرضها على رواية الثقات، فإن وجدنا رواياته موافقة لرواياتهم عرفنا حينئذ أنه ضابط، وحكمنا له مع اتصافه بالعدالة بأنه ثقة، وهذه كتب الجرح والتعديل مليئة بألفاظ الجرح للراوي بسبب الخطأ في مروياته مثل قولهم: فلان "منكر الحديث"، "يروي المناكير"، "يروي الغرائب"، "روى حديثا باطلا"، "رواياته واهية"، وغير ذلك كثير يدل على أن المحدثين كانوا يحتاطون في ألفاظ الحديث ومتنه أبلغ مما زعمه هؤلاء[8].

إن كبار علماء الجرح والتعديل إنما حازت كتبهم التقدير والأهمية القصوى؛ لاعتمادهم في الحكم على الراوي على مقابلة أحاديثه ومقارنتها بروايات الكبار من الرواة، فإن كانت روايته متفقة مع روايات الكبار حكمنا عليه بالضبط، أما إذا خالفت روايته روايات الكبار كان غير ضابط، ونمثل في هذا الصدد بكتاب "الكامل في الرجال" لابن عدي الجرجاني المتوفى سنة 365هـ؛ حيث كان لا يحكم على راو فيه إلا بعد استقراء رواياته برمتها، وترجيح ضبطه من عدمه من خلالها.

لذلك احتفى علماء الجرح بعده بآرائه في النقد، ولم يلتفتوا إلى غيره إذا ما وجدوا أنه قد أثر عنه رأي في ذلك الراوي، وما كان ذلك إلا لاعتماده على نقد متون الأحاديث ودراستها والحكم على الراوي من خلال المتن الذي رواه.

وجل أحكام علماء الجرح والتعديل مبنية في حقيقتها على تتبع أداء الرواة للمتون، فمثلا نجد أبا حاتم الرازي يسأله ابنه عن راو فلا يعرفه، فيقول له الابن: هو الذي روى حديث كذا وكذا، فإن كان الحديث صحيحا يقول: هو صالح، وإن كان غير ذلك، يقول: اضرب عنه، وفي هذا المثال دلالة كافية على اعتماد نقاد الحديث في حكمهم على الأحاديث على المتون لا على الإسناد فقط.

ومن هذا يتبين أن علماء الحديث لم يقصروا في دراسة متن الحديث وتقييمه والحكم عليه، وكان ذلك سبيلا إلى الحكم على الراوي نفسه، وتحديد ضبطه من عدمه من خلال مقارنة المتون التي رواها بغيرها من مرويات الثقات من الرواة.

ثانيا. وضع المحدثون شروطا دقيقة لقبول متن الحديث مما ساعدهم على ضبط وتحرير ألفاظ السنة:

إن رواية السنة وضبطها وتحرير ألفاظها من مهمات هذا العلم، التي اعتنى بها المحدثون حال نقلهم للسنن والأحاديث، فقد قال ابن الأكفاني في تعريف علم الحديث الخاص بالرواية: "علم يشتمل على أقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - وأفعاله، وروايتها وضبطها، وتحرير ألفاظها"[9].

ومن الأمثلة الدالة على مدى عناية هؤلاء العلماء بضبط ألفاظ الأحاديث وتحري ذلك من حيث العربية، أي كيف نطق النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذه الكلمة مرفوعة أو منصوبة أو مجرورة أو نحو ذلك - قوله صلى الله عليه وسلم: «ذكاة الجنين ذكاة أمه»[10]، قال ابن الأثير في النهاية: "يروى هذا الحديث بالرفع والنصب - أي: رفع ونصب "ذكاة" الثانية - فمن رفعه جعله خبر المبتدأ الذي هو "ذكاة الجنين" فتكون ذكاة الأم هي ذكاة الجنين، فلا يحتاج إلى ذبح مستأنف، ومن نصب: كان التقدير: ذكاة الجنين كذكاة أمه، فلما حذف الجار نصب، أو على تقدير يذكي تذكية، مثل ذكاة أمه، فحذف المصدر وصفته، وأقام المضاف إليه مقامه، فلابد عنده من ذبح الجنين إذا خرج حيا، ومنهم من يرويه بنصب الذكاتين، أي ذكوا الجنين ذكاة أمه"[11].

فهذا المثال يوضح مدى عناية النقاد برواية ألفاظ السنن وضبطها وتحرير ألفاظها، وكل هذا داخل في اعتمادهم على المتن إلى جانب الإسناد.

والعلوم التي انبثقت عن علم الحديث تنقسم بحسب السند والمتن إلى علوم تتعلق بالسند فقط، مثل علم رواة الحديث، وعلم الجرح والتعديل، وعلوم تتعلق بالمتن فقط، ومنها علم غريب الحديث، وعلم مختلف الحديث، وعلم الناسخ والمنسوخ.

وهناك علوم تتعلق بالسند والمتن معا؛ منها "، علم علل الحديث"، والناظر في هذه العلوم يرى مدى عناية المحدثين بالمتون:

ففي علم غريب الحديث: اعتنى المحدثون بتفسير الألفاظ النبوية، واعتبروا الجهل بهذا مقبحة للمحدث.

وفي علم مشكل الحديث: اعتنى المحدثون بالتوفيق بين الأحاديث التي ظاهرها التعارض إما بتخصيص العام، أو بتقييد المطلق، أو بالحمل على تعدد الحادثة، أو بغير ذلك من وجوه التأويل والترجيح والتوفيق.

وفي علم الناسخ والمنسوخ: إذا تضاد الحديثان ولا سبيل للجمع بينهما، فإن علم تاريخ كل واحد منهما، حكم على المتقدم بالنسخ، وصار إلى الناسخ المتأخر، وإذا جهل تاريخهما فإنه يلجأ إلى ترجيح أحدهما بما يعتد به من وجوه الترجيح، وهي كثيرة، وهنا تظهر براعة علماء الحديث أيضا.

وفي علم علل الحديث: فقد ضرب المحدثون من الجهابذة والنقاد بسهم وافر في الكشف عن علل الأسانيد والمتون معا، بل هم المختصون بإدراك العلل وكشفها.

وبهذا يظهر واضحا جليا عناية المحدثين بمتون الأحاديث غريبها ومشكلها وناسخها ومنسوخها وعللها[12].

وقد وضع علماؤنا - رحمهم الله - شروطا غاية في الدقة فيما يخص متن الأحاديث، فاشترطوا في قبول الأحاديث:

1.ألا يكون ركيك اللفظ غير بليغ أو فصيح: بحيث يدرك العليم بأسرار البيان العربي أن مثل هذا اللفظ ركيك، لا يصدر عن فصيح ولا بليغ، فكيف بسيد الفصحاء صلى الله عليه وسلم؟!

قال ابن دقيق العيد: كثيرا ما يحكمون بذلك، أي بالوضع، باعتبار أمور ترجع إلى المروي، وحاصله أنهم لكثرة ممارستهم لألفاظ الحديث حصلت لهم هيئة نفسانية، وملكة قوية يعرفون بها ما يجوز أن يكون من ألفاظ النبي وما لا يجوز، وشاهد هذا أن إنسانا لو خدم إنسانا سنين، وعرف ما يحب وما يكره، فادعى إنسان أنه كان يكره شيئا يعلم ذلك أنه يحبه فبمجرد سماعه يبادر إلى تكذيبه[13].

2. ألا يكون الحديث مخالفا لبدهيات العقول بحيث لا يمكن تأويله: فإذا كان الحديث يخالف بدهيات العقول فإنه موضوع بلا شك؛ ونمثل لذلك بـ «أن سفينة نوح طافت بالبيت سبعا وصلت عند المقام ركعتين»، أو أن يكون مخالفا للقواعد العامة في الحكم والأخلاق مثل: «جور الترك ولا عدل العرب»، أو داعيا إلى الشهوة والمفسدة مثل:«النظر إلى الوجه الحسن يجلي البصر»، أو مخالفا للحس والمشاهدة مثل: «لا يولد بعد المائة مولود لله فيه حاجة»، أو مخالفا لقواعد الطب المتفق عليها مثل: «الباذنجان شفاء من كل داء»، أو مخالفا لما يوجبه العقل لله من تنزيه وكمال نحو: «إن الله خلق الفرس فأجراها فعرقت فخلق نفسه منها»، أو يكون مخالفا لقطعيات التاريخ، أو سنة الله في الكون والإنسان، مثل حديث عوج بن عنق، وأن طوله ثلاثة آلاف ذراع، وأن نوحا لما خوفه الغرق قال: «احملني في قصعتك هذه؛ يعني السفينة، وأن الطوفان لم يصل إلى كعبه، وأنه كان يدخل يده في البحر فيلتقط السمكة من قاعه ويشويها قرب الشمس»[14].

3.ألا يكون مخالفا لصريح القرآن، أو محكم السنة، أو المعلوم من الدين بالضرورة:

 إن الحديث إذا خالف القرآن لا يقبله العلماء مثل: «ولد الزنا لا يدخل الجنة إلى سبعة أبناء»؛ فإنه مخالف لقوله سبحانه وتعالى: )ولا تزر وازرة وزر أخرى( (الإسراء: ١٥)، وكذلك إذا خالف السنة المتواترة مثل: «إذا أخذتم عني بحديث يوافق الحق فخذوا به حدثت به أو لم أحدث»، فإنه مخالف ما هو معلوم من الدين بالضرورة، ومثل: «من ولد له ولد فسماه محمدا كان هو ومولوده في الجنة»، فإن هذا مخالف للمعلوم المقطوع به من أحكام القرآن والسنة من أن النجاة بالأعمال الصالحة لا بالأسماء والألقاب.

4.ألا يكون الحديث مخالفا لحقائق التاريخ المعروفة في عصر النبي صلى الله عليه وسلم: ومثاله ما أورده مسلم في خطبة كتابه، قال: «قال المعلى بن عرفان: حدثنا أبو وائل قال: خرج علينا ابن مسعود بصفين، فقال أبو نعيم: أتراه بعث بعد الموت؟» [15] لأن ابن مسعود توفي قبل صفين، فكيف يخرج بعد موته.

5.صدور الحديث من راو تأييدا لمذهبه: كالأحاديث الصادرة من أتباع المذاهب الفقهية والكلامية المغالين في تعصبهم مثل: «من لا يرفع يديه في الصلاة فلا صلاة له»، أو يروي رافضي حديثا في فضائل أهل البيت، أو مرجئي حديثا في الإرجاء؛ مثل ما رواه حبة بن جوين قال: سمعت عليا - رضي الله عنه - قال: «عبدت الله مع رسوله قبل أن يعبده أحد من هذه الأمة خمس سنين أو سبع سنين»، وكان حبة غاليا في التشيع واهيا في الحديث[16].

6.أن يتضمن الحديث أمرا من شأنه أن تتوافر الدواعي على نقله: لأنه وقع بمشهد عظيم، ثم لا يشتهر ولا يرويه إلا واحد، وبهذا حكم أهل السنة على الأحاديث التي نصت بالخلافة لعلي بن أبي طالب بالوضع والكذب.

7.أن يشتمل الحديث على إفراط في الثواب العظيم، أو العقاب الشديد على عمل صغير: فإذا اشتمل الحديث على إفراط في الثواب العظيم على العمل الصغير، أو اشتمل على المبالغة بالوعيد الشديد على الأمر الحقير؛ فإنه لا يقبل مثل هذه الأحاديث التي وضعها القصاص في ثواب بعض الأعمال، وجزاء بعض الجرائم[17].

هذه هي أهم القواعد التي وضعها العلماء لنقد الحديث ومعرفة صحيحه من ضعيفه وموضوعه، ومنه ترى أنهم لم يقصروا جهدهم على نقد السند فقط، أو يوجهوا جل عنايتهم إليه على حساب المتن، بل كان نقدهم منصبا على السند والمتن على السواء، وكان لذوقهم الفني مجالا في نقد الأحاديث وردها، أو قبولها، فكثيرا ما ردوا أحاديث لمجرد سماعهم لها؛ لأن ملكتهم الفنية لم تستسغها ولم تقبلها، ومن هنا فإنهم كانوا كثيرا ما يقولون: " هذا الحديث عليه ظلمة"، أو " متنه مظلم"، أو "ينكره القلب"، أو " لا تطمئن له النفس"، وليس ذلك بعجيب، فقد قال الربيع بن خثيم: إن من الحديث حديثا له ضوء كضوء النهار، وإن من الحديث حديثا له ظلمة كظلمة الليل[18]، ويقول ابن الجوزي: "الحديث المنكر يقشعر له جلد الطالب للعلم، وينفر منه قلبه في الغالب"[19].

ويقول أيضا: "ما أحسن قول القائل: كل حديث رأيته تخالفه العقول، وتناقضه الأصول، وتباينه النقول، فاعلم أنه موضوع"[20].

وزيادة في اليقين نسوق بعض انتقادات المحدثين للمتون لنثبت أن دعوى حصر عناية المحدثين بنقد السند دون المتن دعوى باطلة.

قال ابن الجوزي في هذا الحديث الموضوع: «شكوت إلى جبريل رمد عيني، فقال لي: انظر في المصحف»، قال ابن الجوزي: وأين كان المصحف في العهد النبوي حتى ينظر فيه؟!

وقال الحافظ ابن حجر في تزييف حديث: «أتاني جبريل بسفرجلة[21] فأكلتها ليلة أسري بي، فعلقت خديجة بفاطمة، فكنت إذا اشتقت إلى رائحة الجنة شممت رقبة فاطمة»، قال الحافظ: الوضع عليه ظاهر، فإن فاطمة ولدت قبل الإسراء بالإجماع[22].

وقال ابن القيم في نقد حديث «إذا عطس الرجل عند الحديث فهو صدق»، قال: هذا وإن صحح بعض الناس سنده، فالحس يشهد بوضعه، لأننا نشاهد العطاس والكذب يعمل عمله، ولو عطس ألف رجل عند ذكر حديث يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحكم بصحته العطاس [23].

هذا المنهج - سبر الحديث متنا ومعنى - ينفع مع فقد الإسناد للحديث، ومع وجود الإسناد، فقد يكون هو الطريق المفضية إلى كشف الخبر المكذوب؛ لأنه قد ركب عليه إسناد كل رجاله ثقات، وأحكم المركب الكذاب الكذب في اختيار الراوي وشيخه ومن فوقه، بحيث لا ينكر إسناد الحديث إليهم، ومن جهة طبقات رجاله ورواية الشيخ والتلميذ لذلك الحديث، فحينئذ يلجأ الناقد إلى سبر المتن، فيكشف به كذب الحديث وتركيب السند عليه ويتضح البطلان فيه، لأنه جرت سنة الله في خلقه أن كل باطل يكون معه دليل بطلانه، يدركه من يدركه، ويجهله من يجهله.

وللجهابذة المحدثين في هذا المضمار العجائب المدهشات والنفائس الغاليات، ومن ذلك حديث فداء النبي - صلى الله عليه وسلم - سلمان الفارسي من عثمان بن الأشهل اليهودي، ثم القرطبي، وكتابه على ذلك في يوم الإثنين من جمادى الأولى من سنة مهاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم عقب الخطيب البغدادي على ذلك قائلا: "في هذ الحديث نظر، وذلك أن أول مشاهد سلمان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزوة الخندق، وكانت في السنة الخامسة من الهجرة، ولو كان تخلص سلمان من الرق في السنة الأولى من الهجرة لم يفته شيء من المغازي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأيضا فإن التاريخ بالهجرة لم يكن في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأول من أرخ بها عمر بن الخطاب في خلافته"[24].

ومن ذلك أيضا ما روي أن بعض اليهود أظهروا كتابا، وادعوا أنه كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإسقاط الجزية عن أهل خيبر، وفيه شهادة بعض الصحابة - رضي الله عنهم - وذكروا أن خط علي - رضي الله عنه - عليه، فقد قال ابن كثير في البداية والنهاية: وهو كتاب مزور مكذوب مفتعل لا أصل له، وقد بينت بطلانه من وجوه عديدة منها: أن فيه شهادة سعد بن معاذ، وقد كان مات قبل زمن خيبر، وفيه شهادة معاوية بن أبي سفيان، ولم يكن أسلم يومئذ، وفي آخره: وكتبه علي بن أبي طالب، وهذا لحن وخطأ، وفيه: وضع الجزية ولم تكن شرعت بعد، فإنها إنما شرعت أول ما شرعت وأخذت من أهل نجران، وذكروا أنهم وفدوا في حدود سنة تسع[25].

ومما ينبغي التنبيه عليه هنا: أن نقد المتن كما رأيت في هذا الكتاب المزور، وفي الأحاديث التي قبله لا ينهض به إلا العلماء الفحول الكبار، الجامعون للعلم، رواية ودراية، وفقها وتاريخا، ونقدا وبصيرة، كالإمام ابن جرير الطبري، والخطيب البغدادي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن كثير[26].

ونضيف إلى هذه الشروط التي وضعها العلماء لقبول الحديث من حيث المتن، أن لهؤلاء العلماء عملا آخر في نقد المتون، وهو أن الأحاديث السليمة متونها يذكرونها بدون إبداء أية ملاحظات عليها، وهذا معناه أن متون هذه الأحاديث بريئة من النقد والمؤاخذات، فهو نقد إيجابي صامت كما في البخاري، ومسلم، وأبي داود، والترمذي، والنسائي.

أما الأمارات والضوابط التي وضعوها لنقد المتون فهي موضوعة لغير الثقات من جامعي الأحاديث، أي للكتب التي تجمع الأحاديث بدون تمحيص، فهذه الكتب التي لم تحظ من جامعيها بعناية فائقة، أو ما يروى في كتب التفسير والفقه أحيانا، فإن هذه القواعد مفيدة لمن يطالع فيها حتى يسهل عليه معرفة ما ليس بحديث[27].

هذه هي علوم الحديث التي اختصت بدراسة متونها، وهذه هي الشروط التي وضعها العلماء لنقد المتن، ولا يقبلون الحديث إلا إذا انطبقت عليه هذه الشروط، وهي غاية في الدقة، فهل من المعقول بعد هذا كله أن يزعموا أن علماء الحديث تركوا المتن دون اهتمام أو نقد؟!

ثالثا. توسع العلماء في نقد السند لا يعد طعنا؛ فموضوع السند من حيث كثرة رجاله يقتضي عناية أوسع من العناية بالمتن:

إن تناول علماء الحديث لنقد الأسانيد على نطاق أوسع من نقدهم المتون لا يؤخذ عليهم، بل يحسب لهم؛ فلكل من الأمرين ما يقتضيه من الظروف؛ إذ إن نقد الأسانيد موضوعه الرجال الذين تسلسلت الرواية عنهم، وهم لا يحصون عددا، فالحديث الواحد يكون في سنده عشرة رجال أو أقل أو أكثر، ولابد من فحص كل واحد منهم وبيان حاله من الكذب أو الصدق.

فإذا فرضنا أن كتابا مصنفا في الحديث خرج فيه ألف حديث، وكان متوسط السند خمسة رواة في كل حديث، فمعنى هذا أنه لابد أن يكون لدى الناقد معرفة عميقة بسيرة خمسة آلاف رجل، وليس هذا بالأمر السهل اليسير، ومعرفة سيرة هؤلاء الرواة كلهم ضرورة لابد منها، لتوثيق الحديث المروي، ومعرفة لقبه سواء أكان صحيحا أم حسنا أم ضعيفا أم موضوعا، أما نقد متونه فهو ألف متن فقط، وبذلك فإن السند يكون - تقريبا - خمسة أضعاف المتن من حيث الدراسة والتمحيص.

ونقد السند في حقيقة الأمر خادم لمتن الحديث، ولولا خدمة الحديث نفسه ما كان نقد السند، فالأمران متصلان لا منفصلان.

وقد كان علماؤنا الكرام موفقين كل التوفيق من الله فيما صنعوا من توسع في نقد السند عن المتن؛ لأن نقد السند أولى من نقد المتن، فقد عرفنا أن نقد السند موضوعه أخبار وسير الرواة، وهي أمور مخبوءة؛ لأنها أسرار حياتهم وسلوكياتهم، فذكر الراوي في الحديث لا يكشف عن سيرته ولا يحدث عن أخباره، فكان تتبع هذه السير والأخبار والأسرار ضروريا في توثيق الحديث والسنن.

ونحن الآن إذا قرأنا حديثا بسنده، وعرفنا أسماء الرواة لا تتضح لنا من رسم أسمائهم أخبارهم وسيرهم التي كانوا عليها وهم أحياء، ولا يمكننا الحكم على صدقهم وكذبهم إلا من خلال معرفة سيرتهم وحالهم، وكفتنا هذا كتب الجرح والتعديل، وما قاله علماء النقد في كل راو منهم.

لذلك كانت أهمية نقد الأسانيد ودراستها دراسة واسعة، أما متن الحديث فهو يحمل في طياته أخباره ومعانيه، وفي استطاعة أهل العلم أن يعرفوا الحديث المقبول من الحديث المردود بمجرد النظر العابر في معناه ومضمونه، فمثلا ما يروى في الموضوعات على أنه حديث مثل «النظر إلى الوجه الجميل عبادة» تدرك ببديهة النظر أنه مكذوب موضوع لم يقله النبي - صلى الله عليه وسلم - ولو كان سنده من أصح الأسانيد[28].

إن كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - له بريق خاص يعرفه المتمرس بعلم الحديث، فيسهل الحكم على متنه، أما الأسانيد فلا يسهل فيها ذلك، فالمتن يحمل معه مقتضيات الحكم عليه بخلاف السند، ولو عكس علماء الحديث ذلك، فتوسعوا في نقد المتن، واقتصدوا في نقد السند لكانوا فعلا أهلا للمؤاخذة واللوم.

لذلك فإن من السهل النظر في متن الأحاديث في أي وقت وإدراك مدى صحتها أو ضعفها، على عكس أحوال الرجال الذين تركونا منذ زمن بعيد، فكيف نحكم عليهم إذا لم يعتن علماء الحديث بسير حياتهم وبيان أحوالهم؟! لقد دل هذا على التوفيق الذي حبي به رجال الحديث من اهتمام بالسند وبيان حال الرواة؛ لأن ذلك لو لم يحدث ما كان لنا أن نحكم على هؤلاء الرواة الآن بعد مرور أزمنة عديدة على وفاتهم[29].

والحق أن علماء الحديث كانوا أبعد غورا، وأدق نظرا، وأهدأ بالا، حينما لم يجروا في نقد المتن ما أجروه في نقد السند، وذلك لاعتبار ديني لاحظوه في السنة عند الاكتفاء بصلاح الراوي وتقواه وعدالته - ظاهرا وباطنا - وضبطه وحفظه وتوقيه الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نص هو أصل ومرجع في الدين، فمتى توافرت العدالة بشروطها، مع الضبط والحفظ والأمانة والتحرج من التزيد والتغيير كان احتمال الكذب والاختلاف بعيدا جدا إن لم يكن ممتنعا، وإذن فلم يبق بعد من حاجة للمبالغة في نقد المتن.

وذلك لأن متن الحديث:

·     قد يكون متشابها غير مفهوم العبارة - مع هذا الاحتمال - لتحكيم النقد العقلي المجرد في المتن، إذ مثل هذا المتشابه مما لا تستقل العقول بإدراكه، ولا يدرك المراد منه إلا من الله، أو عن رسوله المبلغ عنه، والواجب إما الإيمان به كما ورد، مع تفويض علم حقيقته إلى الله، والتنزيه عن الظاهر المستحيل، وإما التأويل بما يوافق العقل وما أحكم من النقل، وذلك مثل أحاديث الصفات ونحوها.

·     وقد يكون متن الحديث من الأخبار التي كشف العلم عن مساتيرها واعتبرت من المعجزات النبوية التي جاءت الأيام بتصديقها، وذلك مثل حديث: «طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب»[30]؛ فقد أثبت بعض الأطباء أثر التراب الفعال في قتل وإزالة الميكروب المتخلف عن سؤر الكلب، على حين كان بعض المارقين يعتبرون مثل هذا مجازفة وتعنتا في التشريع، وأما المؤمنون فكانوا يعتبرونه من قبيل التعبد حين خفيت عنهم الحكمة.

أرأيت أيها المنصف لو أن العلماء المحدثين تمسكوا بالنظر السطحي وتسرعوا في الحكم ببطلان هذا الحديث وأمثاله مما خفي وجه الحكمة فيه، ثم ظهرت بعد ذلك الحكمة واضحة، ألا يكون ذلك جهالة في البحث وقصورا في النظر، وإجحافا بحق صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم؟ ثم ألا ترى أن المحدثين كانوا على حق في المسلك الذي انتهجوه[31]؟!

 وفي النهاية نقول: إن علماء السنة قد بذلوا جهودا عظيمة وعناية فائقة بالمتن، ولئن كانت الجهود التي بذلت في العناية بالسند أكثر من المتن، فليس هذا تقصيرا منهم لحال المتن، وإنما يرجع ذلك إلى كثرة أحوال السند وتعددها، مما كان سببا فيما يتعلق به من علوم وبحوث كثيرة، على أن علماء السنة قاموا ببحث ودراسة الصفات التي يجب توافرها في صحة المتن، وبيان العلامات الدالة على وضع الحديث أو ضعفه[32].

الخلاصة:

·     إن علم مصطلح الحديث يعرف بأنه عبارة عن "قوانين يعرف بها أحوال السند والمتن من حيث القبول والرد"، فهو علم قائم على دراسة الأمرين معا وليس الإسناد فقط.

·     علم الحديث ينقسم إلى علم خاص بالرواية وعلم خاص بالدراية، والعلم الخاص بالرواية هو علم يشتمل على أقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - وأفعاله وروايتها وضبطها وتحرير ألفاظها، وهذا كله معني بدراسة المتن.

·     إذا كان تعريف علم مصطلح الحديث يدل دلالة قاطعة على الاهتمام بالسند والمتن معا، فإن شروط قبول الحديث تبين هذا التعريف، وتؤكد أنهم قد اتبعوا ذلك في دراستهم للأحاديث؛ فجعلوا شرطين من شروط الحديث الصحيح للمتن، وهما: عدم الشذوذ وعدم العلة وإن كانا في السند أيضا.

·     وضع المحدثون قاعدة مهمة، وهي أنه: قد يصح السند ولا يصح المتن، وقد يصح المتن ولا يصح السند، فدل ذلك على اهتمامهم بالسند والمتن معا، وعدم التعويل على الإسناد وحده.

·     إن معرفة ضبط الراوي - وهو الشرط الثالث من شروط الحديث الصحيح - لا يتم إلا بعرض متون حديثه على متون الثقات من الرواة، فإن وافقت فهو ضابط، وإن خالفت متون الثقات فهو غير ضابط.

·     إن علماء الحديث كانوا يحكمون على الراوي من خلال صحة أحاديثه أو ضعفها، كما فعل أبو حاتم الرازي عندما كان يسأله ابنه عن حال الرواة.

·     لقد كان من مهمات علم الحديث ضبط وتحرير ألفاظ السنة، فوضعوا علوما تختص بالمتن مثل علم غريب الحديث، ومختلف الحديث، والناسخ والمنسوخ، وعلوما تختص بالسند والمتن، مثل علم علل الحديث.

·     لقد اهتم العلماء بضبط ألفاظ الحديث، وبذلوا جهودا عظيمة في بيان ذلك؛ فوجدناهم يحكمون على بعض الأحاديث بأنها ليست من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.

·     وضع علماء الحديث شروطا غاية في الدقة لقبول المتن، فلا يقبلون حديثا إلا إذا توافرت فيه هذه الشروط، وإذا خالف متنه شرطا لا يعد صحيحا.

·     كان للذوق الفني لعلماء الحديث أثر واضح في نقد الأحاديث، فكثيرا ما ردوا أحاديث بمجرد سماعهم لها؛ لأن ملكتهم الفنية لم تستسغها ولم تقبلها، وهناك نقد إيجابي صامت منهم وهو أن عدم تعليقهم على الحديث دليل على صحته.

·     إن تناول العلماء للسند على نطاق أوسع من حديثهم عن المتن لا يعد طعنا؛ لأن لكل من الأمرين ما يقتضيه؛ إذ إن السند موضوعه الرجال الذين تسلسلت الرواية عنهم، وهم لا يحصون عددا، وهذا يحتاج إلى جهد كبير على عكس المتن.

·     إن نقد السند في حقيقة الأمر خادم لمتن الحديث، ولولا خدمة الحديث نفسه ما كان نقد السند، فالأمران متصلان لامنفصلان.

·     إن أخبار وسير الرواة - وهو موضوع السند - من الأمور المخبوءة التي لو لم يكشفها لنا العلماء لما استطعنا الآن معرفتها على عكس المتن الذي هو أمام أعيننا، ويمكننا دراسته في أي وقت شئنا؛ لذلك فلو توسع العلماء في نقد المتن على حساب السند لكانوا بذلك أهلا للمؤاخذة واللوم.

·     إن اهتمام العلماء بنقد متن الحديث كان كبيرا، وإن كان توسع العلماء في السند أكثر فإن ذلك يرجع إلى ظروف الإسناد التي بيناها، وقد كانوا في ذلك موفقين كل التوفيق الذي لا ضرر فيه على الحديث النبوي وصحته؛ لأن هناك بعض الأحاديث النبوية التي لم يظهر معناها بوضوح إلا في ضوء منجزات العلم الحديث، وكذلك أحاديث الغيبيات وأشراط الساعة والفتن، فكيف كانوا يحكمون على متونها وإن لم يقفوا على حقائقها؟!

 



(*) الشبهات الثلاثون المثارة لإنكار السنة النبوية: عرض وتفنيد ونقض، د. عبد العظيم إبراهيم المطعني، مكتبة وهبة، القاهرة، ط1، 1420هـ/ 1999م. دفاع عن الحديث النبوي، د. أحمد عمر هاشم، مكتبة وهبة، القاهرة، ط1، 1421هـ/ 2000م.

[1]. تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي، جلال الدين السيوطي، تحقيق: د. عزت علي عطية وموسى محمد علي، دار الكتب الحديثة، القاهرة، 1980م، (1/ 40، 41).

[2]. تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي، جلال الدين السيوطي، تحقيق: د. عزت علي عطية وموسى محمد علي، دار الكتب الحديثة، القاهرة، 1980م، (1/ 40، 41).

[3]. جناية الشيخ محمد الغزالي على الحديث وأهله، أشرف عبد المقصود عبد الرحيم، مكتبة الإمام البخاري، مصر، ط1، 1410هـ/ 1989م، ص90، 91 بتصرف.

[4]. السنة المطهرة والتحديات، د. نور الدين عتر، دار المكتبي، سوريا، ط 1، 1419هـ/ 1999م، ص75، 76 بتصرف.

[5]. صحيح: أخرجه ابن حبان في صحيحه، كتاب: العدوى والطيرة والفأل، (13/ 491)، رقم (6122). وصححه شعيب الأرنؤوط في تعليقه على صحيح ابن حبان.

[6]. تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، المباركفوري، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1410هـ/ 1990م، (5/ 197، 198) بتصرف.

[7]. السنة المطهرة والتحديات، د. نور الدين عتر، دار المكتبي، سوريا، ط 1، 1419هـ/ 1999م، ص72، 73 بتصرف.

[8]. السنة المطهرة والتحديات، د. نور الدين عتر، دار المكتبي، سوريا، ط 1، 1419هـ/ 1999م، ص76، 77 بتصرف.

[9]. تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي، جلال الدين السيوطي، تحقيق: د. عزت علي عطية وموسى محمد علي، دار الكتب الحديثة، القاهرة، 1980م، (1/ 40).

[10]. صحيح: أخرجه الترمذي في سننه (بشرح تحفة الأحوذي)، كتاب: الأطعمة، باب: في ذكاة الجنين، (5/ 40)، رقم (1503). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي برقم (1476).

[11]. النهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الأثير، تحقيق: محمود محمد الطناحي وطاهر أحمد الزاوي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، د. ت، (2/ 164).

[12]. جناية الشيخ محمد الغزالي على الحديث وأهله، أشرف عبد المقصود عبد الرحيم، مكتبة الإمام البخاري، مصر، ط1، 1410هـ/ 1989م، ص93، 94 بتصرف.

[13]. انظر: قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث، جمال الدين القاسمي، دار العقيدة، القاهرة، ط3، 1425هـ/ 2008م، ص136 بتصرف.

[14]. السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي، د. مصطفى السباعي، دار السلام، مصر، ط3، 1427هـ/ 2006م، ص98 بتصرف.

[15]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، المقدمة، باب: بيان أن الإسناد من الدين، (1/ 180).

[16]. السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي، د. مصطفى السباعي، دار السلام، مصر، ط3، 1427هـ/ 2006م، ص99 بتصرف.

[17]. دفاع عن الحديث النبوي، د. أحمد عمر هاشم، مكتبة وهبة، القاهرة، ط1، 1421هـ/ 2000م، ص93 بتصرف.

[18]. الزهد، هناد بن الشري الكوفي، دار الخلفاء للكتاب الإسلامي، الكويت، ط1، 1406هـ، (1/ 293).

[19]. الشذا الفياح من علوم ابن الصلاح، برهان الدين الأبناسي، مكتبة الرشد، الرياض، ط1، 1418هـ/ 1998م، (1/ 229).

[20]. فتح المغيث شرح ألفية الحديث، شمس الدين السخاوي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1403هـ، (1/ 269).

[21]. السفرجل: شجر مثمر من الفصيلة الوردية، أزهاره بيضاء، وتطلق الكلمة ـ أيضا ـ على ثمر ذلك الشجر، وهو ثمر يشبه التفاح، رائحته عطرية، يكون أخضر قبل نضجه، وإذا نضج اصفر.

[22]. اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة، السيوطي، دار الكتب العلمية، بيروت، د. ت، (1/ 361).

[23]. المنار المنيف في الصحيح والضعيف، ابن قيم الجوزية، تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة، مكتبة المطبوعات الإسلامية، سوريا، ط2، 1403هـ/ 1983م، ص51.

[24]. تاريخ بغداد، الخطيب البغدادي، دار الكتب العلمية، بيروت، د. ت، (1/ 170، 171).

[25]. البداية والنهاية، ابن كثير، دار التقوى، القاهرة، 2004م، (2/ 581) بتصرف.

[26]. لمحات من تاريخ السنة وعلوم الحديث، عبد الفتاح أبو غدة، مكتب المطبوعات الإسلامية، سوريا، ط5، 1429هـ/ 2008م، ص168: 171 بتصرف.

[27]. الشبهات الثلاثون المثارة لإنكار السنة النبوية، د. عبد العظيم المطعني، مكتبة وهبة، القاهرة، ط1، 1420هـ/ 1999م، ص111 بتصرف.

[28]. الشبهات الثلاثون المثارة لإنكار السنة النبوية، د. عبد العظيم المطعني، مكتبة وهبة، القاهرة، ط1، 1420هـ/ 1999م، ص109، 110 بتصرف.

[29]. دفاع عن الحديث النبوي، د. أحمد عمر هاشم، مكتبة وهبة، القاهرة، ط1، 1421هـ/ 2000م، ص91 بتصرف.

[30]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الطهارة، باب: حكم ولوغ الكلب، (2/ 816)، رقم (639).

[31]. دفاع عن السنة، د. محمد محمد أبو شهبة، مكتبة السنة، القاهرة، ط2، 1428هـ/ 2007م، ص48: 50.

[32]. دفاع عن الحديث النبوي، د. أحمد عمر هاشم، مكتبة وهبة، القاهرة، ط1، 1421هـ/ 2000م، ص91 بتصرف.

click why wives cheat on husbands dating site for married people
open online black women white men
signs of a cheater why married men cheat on their wives website
online redirect read here
generic viagra softabs po box delivery viagra 50 mg buy viagra generic
where to order viagra online buy cheap deal online viagra viagra viagra sipari verme
husband cheat online online affair
read all wife cheat click here
My girlfriend cheated on me my wife cheated on me with my father signs of unfaithful husband
مواضيع ذات ارتباط

أضف تعليقا
عنوان التعليق 
نص التعليق 
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء كاتبيها فقط ولا تعبر عن الموقع
 
 
 
  
المتواجدون الآن
  275
إجمالي عدد الزوار
  36555135

الرئيسية

من نحن

ميثاق موقع البيان

خريطة موقع البيان

اقتراحات وشكاوي


أخى المسلم: يمكنك الأستفادة بمحتويات موقع بيان الإسلام لأغراض غير تجارية بشرط الإشارة لرابط الموقع