دعوى أن الإسلام ظلم المرأة في الميراث (*)
مضمون الشبهة:
يزعم دعاة المساواة بين المرأة والرجل أن الإسلام ظلم المرأة وتعدى على حقوقها المالية؛ إذ جعل نصيبها في الميراث نصف نصيب الذكر. ويستدلون على ذلك بقوله سبحانه وتعالى: )يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين( (النساء:١١)، ويزعمون أن في ذلك انتقاصا من أهلية المرأة وجعلها نصف إنسان.
وجوه إبطال الشبهة:
1)الفهم الصحيح لقوله سبحانه وتعالى: )يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين( (النساء:١١) يقطع بإنصاف الإسلام وعدله بين الذكر والأنثى؛ إذ ليس هذا مبدأ مطلقا في كل ذكر وأنثى.
2)إن التفاوت في أنصبة الوارثين في الإسلام يرجع إلى أسباب معينة؛ كدرجة القرابة بين الوارث والموروث، وموقع الجيل الوارث،[1] والعبء المالي الواقع على الوارث، ولا يرجع إلى اختلاف النوع من الذكورة أو الأنوثة.
3)باستقراء حالات ومسائل الميراث في الإسلام يتبين لنا وجود أكثر من ثلاثين حالة تأخذ فيها المرأة مثل الرجل، أو أكثر منه، أو ترث هي ولا يرث نظيرها من الرجال، في مقابل أربع حالات - فقط - ترث فيها المرأة نصف الرجل.
4)حق المرأة في الميراث مرتبط بحقها في النفقة، والميزان بين الحقين ميزان رباني دقيق؛ فلا يقل نصيبها عن نصيب الرجل من الميراث إلا إذا توفرت لها كفالة قوية، وترث مثله أو أكثر منه إذا قلت أوجه هذه الكفالة.
5)إن كان هناك ثمة ظلم واقع على المرأة في الميراث، فهو في الأديان المحرفة والمذاهب الوضعية البعيدة عن المنهج الفطري الرباني.
التفصيل:
أولا. الفهم الصحيح لقوله سبحانه وتعالى: )يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين( يقطع بإنصاف الإسلام وعدله بين الذكر والأنثى:
في البداية نود أن نقول لهؤلاء الذين يحلو لهم أن يرددوا أن الإسلام جعل حق المرأة نصف حق الرجل في الميراث: لقد غاب عنكم أن أصحاب الديانات السابقة عن الإسلام لا يجعلون للبنت ميراثا إذا كان لها إخوة من الذكور، كما أن المجتمعات التي لا دين لها تحرم المرأة من الميراث، فجاء الإسلام وأعطى المرأة حقها، قال سبحانه وتعالى: )للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا (7)( (النساء) [2]. وقال الله سبحانه وتعالى أيضا: )يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين( (النساء:١١).
ففي هذه الآية يأمر الله الوالدين بالوصية لأولادهم، توجيها منه برعاية البنات، إذ كانت القاعدة حرمانهن من الميراث، وقد أساء بعض الناس فهم هذه الآية الكريمة؛ فظنوا أن الإسلام قد ميز الرجل عن المرأة، ولكننا إذا أنعمنا النظر في هذه الآية الكريمة وفي أسباب نزولها، وفي تفسيرها - كما فهمها علماء المسلمين - تبين لنا مدى عدالة الإسلام في معاملة المرأة والرجل وعدم التمييز بينهما.
لقد نزلت هذه الآية الكريمة - كما يقول القرطبي - في أوس بن ثابت الأنصاري الذي توفي وترك امرأة يقال لها: أم كجة وثلاث بنات له منها، فقام رجلان - هما ابنا عم الميت ووصياه - يقال لهما: سويد وعرفجة، فأخذا ماله ولم يعطيا امرأته وبناته شيئا، وكانوا في الجاهلية لا يورثون النساء ولا الصغير، وإن كان ذكرا، ويقولون: "لا نعطي إلا من قاتل على ظهور الخيل، وطاعن، وضارب بالسيف، وحاز الغنيمة".
فجاءت أم كجة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشكت إليه استيلاء ابني العم على التركة، وترك البنات بدون شيء مما ترك والدهن، وأضافت قائلة: ولا ينكحن إلا ولهن مال. فدعاهما الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقالا: يا رسول الله، ولدها لا يركب فرسا، ولا يحمل كلا، ولاينكأ عدوا. فقال صلى الله عليه وسلم: "انصرفا حتى أنظر ما يحدث الله فيهن".
فأنزل الله - سبحانه وتعالى - هذه الآية: )للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا (7)( (النساء).
فأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى سويد وعرفجة: "ألا تفرقا من مال أوس شيئا، فإن الله جعل لبناته نصيبا، ولم يبين كم هو، حتى أنظر ما ينزل ربنا"، فنزلت آيات المواريث الثلاث من قوله سبحانه وتعالى: )يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين(. إلى قوله سبحانه وتعالى: )وذلك الفوز العظيم (13)( (النساء)، فأرسل الرسول - صلى الله عليه وسلم - إليهما: "أن أعطيا أم كجة الثمن مما ترك، والبنات الثلثين، ولكما بقية المال"[3].
وقد جاء عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - أنها نزلت في امرأة سعد بن الربيع، حيث «جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بابنتيها من سعد فقالت: يا رسول الله، هاتان ابنتا سعد بن الربيع، قتل أبوهما معك في أحد شهيدا، وإن عمهما أخذ مالهما فلم يدع لهما مالا، ولا تنكحان إلا ولهما مال. فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "يقضي الله في ذلك". فنزلت آية الميراث، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عمهما فقال: "أعط ابنتي سعد الثلثين، وأعط أمهما الثمن، وما بقي فهو لك»[4] [5].
وفي بيان معنى الآية يقول الطاهر بن عاشور: لقد بدأ الله تعالى بميراث الأبناء لأنهم أقرب الناس... وجملة: )للذكر مثل حظ الأنثيين( بيان لجملة: )يوصيكم(؛ لأن مضمونها هو معنى مضمون الوصية، فهي مثل البيان في قوله سبحانه وتعالى: )فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم( (طه: ١٢٠).
وتقديم الخبر على المبتدأ في هذه الجملة للتنبيه من أول الأمر على أن الذكر صار له شريك في الإرث وهو الأنثى؛ لأنه لم يكن لهم به عهد من قبل إذ كان الذكور يأخذون المال الموروث كله ولا حظ للإناث.
وقوله: )للذكر مثل حظ الأنثيين( جعل حظ الأنثيين هو المقدار الذي يقدر به حظ الذكر، ولم يكن قد تقدم تعيين حظ الأنثيين حتى يقدر به، فعلم أن المراد تضعيف حظ الذكر من الأولاد على حظ الأنثى منهم... وأوثر هذا التعبير لنكتة لطيفة وهي: الإيماء إلى أن حظ الأنثى صار في اعتبار الشرع أهم من حظ الذكر، إذ كانت مهضومة الجانب عند أهل الجاهلية، فصار الإسلام ينادي بحظها في أول ما يقرع الأسماع، فعلم أن قسمة المال تأخذ في الاعتبار عد البنين والبنات[6].
ويقول الشيخ الشعراوي في خواطره حول هذه الآية: لقد أراد الله أن يكون المقياس أو المكيال هو حظ الأنثيين، ويكون حظ الرجل هنا منسوبا إلى الأنثى؛ لأنه لو قال: للأنثى نصف حظ الرجل، لكان المقياس هو الرجل، لكنه - سبحانه وتعالى - جعل المقياس للأنثى؛ فقال سبحانه وتعالى: )للذكر مثل حظ الأنثيين(.
والذين يقولون: هذا أول ظلم يصيب المرأة، نريد المساواة.. نقول لهم: انظروا إلى العدالة هنا، فالذكر مطلوب له زوجة ينفق عليها، والأنثى مطلوب لها ذكر ينفق عليها، إذن فنصف حظ الذكر يكفيها إن عاشت دون زواج، وإن تزوجت فإن النصف الذي يخصها سيبقى لها، وسيكون لها زوج يعولها.
إذن فأيهما أكثر حظا في القسمة؟ إنها الأنثى، ولذلك جعلها الله الأصل والمقياس حينما قال: )للذكر مثل حظ الأنثيين(، فهل في هذا القول جور؟! أم فيه محاباة للمرأة؟
إن هذا القول محاباة للمرأة؛ لأنه جعل نصيبها المكيال الذي يرد إليه الأمر؛ ولأن الرجل مطلوب منه أن ينفق على الأنثى، وهي مطلوب لها زوج ينفق عليها.
إذن فما تأخذه من نصف حظ الذكر يكون خالصا لها، وكان يجب على هؤلاء أن يقولوا: لماذا حابى الله المرأة؟ لقد حابى الله المرأة لأنها عرض، فصانها، فإن لم تتزوج تجد ما تنفقه، وإن تزوجت فهذا فضل من الله[7].
والجدير بالذكر هنا أن مبدأ الإسلام في جعل حظ الذكر مثل حظ الأنثيين والذي جاء في قوله سبحانه وتعالى: )للذكر مثل حظ الأنثيين( ليس مبدا مطلقا في كل ذكر وأنثى، بل هو مقيد بقيد واضح ألا وهو )في أولادكم( فالكلام خاص بالأولاد وتوريثهم، فهذا التمييز ليس قاعدة مطردة في كل حالات الميراث، وإنما هو في حالات خاصة، بل ومحدودة، من حالات الميراث[8].
ثانيا. التفاوت في أنصبة الوارثين في الإسلام له أسباب معينة، ولا علاقة له بحال من الأحوال بالذكورة أو الأنوثة:
شرع الله التوارث في كتابه وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - وجعله نظاما قويما محكما يعد معجزة من معجزات التشريع الإسلامي، يفيض رحمة وعدلا وسدادا ورشدا، تجد فيه النفوس المؤمنة عظة وطمأنينة ورضا وسكينة، ويتمثل ذلك النظام جملة في الأمور الآتية:
1.حكم الله تعالى بأن تكون تركة المتوفى ملكا لأبنائه وأمه وأبيه وإخوته وأخواته وغيرهم؛ لأنهم أمس الناس قرابة به، ولأنه كان يستنصر بهم ويستعين ببعضهم في تكوين تركته، فلا جرم أن تكون هذه التركة فيمن كانوا سببا في تكوينها على وجه من الوجوه.
2.حدد لكل وارث نصيبا معينا، فحسم بهذا مادة النزاع التي تزرع الأحقاد وتقطع الأرحام.
3.كان نصيب الأنثى نصف نصيب الرجل في حالات معينة؛ لأنه الكافل لأسرته وعليه وحده يقع عبء الإنفاق.
4.ألحقت الزوجية بالقرابة تقديسا للصلة بين الزوجين وإبرازا لمظهر الوفاء.
5.الحق الولاء أيضا بالقرابة اعترافا بالجميل وشكرا على المعروف.
إذن فعلم الميراث نظام دعت إليه الحياة الاجتماعية، وحفزت نحوه الحكمة الإلهية لعمران الكون والتوازن بين أفراد المجتمع؛ لأنه بما فيه من توزيع تركة المورث الواحد على وارثين عدة، وانتقالها من جيل إلى جيل يفتت الملكية ويحارب الأثرة [9].
والشريعة الإسلامية تدعو دائما إلى عدم تركيز المال في يد بعض الناس وحرمان غيرهم منه، وذلك ليس بتشريع المواريث وحدها، ولكن بكثير من التشريعات المالية على اختلاف أنواعها كما هو معلوم من القرآن والسنة[10].
ويبين لنا فضيلة د. علي جمعة أسباب الفروق في الأنصبة في المواريث فيقول: "إن الفروق في أنصبة المواريث هي أساس قضية المواريث في الفقه الإسلامي، ولا تختلف الأنصبة في المواريث طبقا للنوع (الذكورة أو الأنوثة)، وإنما تختلف الأنصبة طبقا لثلاثة معايير:
1. درجة القرابة بين الوارث والمورث: ذكرا كان أو أنثى، فكلما اقتربت الصلة زاد النصيب في الميراث، وكلما ابتعدت الصلة قل النصيب في الميراث، دونما اعتبار لجنس الوارثين؛ فترى البنت الواحدة ترث نصف تركة أمها (وهي أنثى) بينما يرث أبوها ربع التركة (وهو ذكر) وذلك لأن الابنة أقرب من الزوج فزاد الميراث لهذا السبب.
2. موقع الجيل الوارث: فالأجيال التي تستقبل الحياة، وتستعد لتحمل أعبائها، عادة يكون نصيبها في الميراث أكبر من نصيب الأجيال التي تستدبر الحياة وتتخفف من أعبائها، بل تصبح أعباؤها - عادة - مفروضة على غيرها، وذلك بصرف النظر عن الذكورة والأنوثة للوارثين والوارثات؛ فبنت المتوفى ترث أكثر من أمه - وكلتاهما أنثى - وترث بنت المتوفى أكثر من أبيه كذلك في حالة وجود أخ لها.
3. العبء المالي: وهذا هو المعيار الوحيد الذي يثمر تفاوتا بين الذكر والأنثى، لكنه تفاوت لا يفضي إلى أي ظلم للأنثى أو انتقاص من إنصافها، بل ربما كان العكس هو الصحيح.
ففي حالة ما إذا اتفق الوارثون وتساووا في العاملين الأولين (درجة القرابة، وموقع الجيل) - مثل أولاد المتوفى، ذكورا وإناثا - يكون تفاوت العبء المالي هو السبب في التفاوت في أنصبة الميراث، ولذلك لم يعمم القرآن الكريم هذا التفاوت بين الذكر والأنثى في عموم الوارثين، وإنما حصره في هذه الحالة بالذات، والحكمة من هذا التفاوت، في هذه الحالة بالذات، هي أن الذكر هنا مكلف بإعالة أنثى - هي زوجه - مع أولادهما، بينما الأنثى الوارثة - أخت الذكر - إعالتها مع أولادها، فريضة على الذكر المقترن بها.
فهي - مع هذا النقص في ميراثها بالنسبة لأخيها الذي ورث ضعف ميراثها - أكثر حظا وامتيازا منه في الميراث؛ فميراثها - مع إعفائها من الإنفاق الواجب - هو ذمة مالية خالصة ومدخرة لجبر الاستضعاف الأنثوي، ولتأمين حياتها ضد المخاطر والتقلبات، وتلك حكمة إلهية قد تخفى على الكثيرين.
ومن أعباء الرجل المالية:
o الرجل عليه أعباء مالية في بداية حياته الزوجية وارتباطه بزوجته، فيدفع المهر، يقول سبحانه وتعالى: )وآتوا النساء صدقاتهن نحلة( (النساء: ٤)، والمهر التزام مالي يدفعه الرجل للمرأة من تشريعات بداية الحياة الزوجية، والمرأة تتميز عن الرجل؛ إذ ليس من حقه أن يطلب مهرا من المرأة إذا ما أرادت أن تتزوج منه.
o الرجل بعد الزواج ينفق على المرأة وإن كانت تمتلك من الأموال ما لا يمتلكه هو، فليس من حقه أن يطالبها بالنفقة على نفسها فضلا عن أن يطالبها بالنفقة عليه؛ لأن الإسلام ميزها وحفظ مالها، ولم يوجب عليها أن تنفق منه.
o الرجل مكلف كذلك بالأقرباء وغيرهم ممن تجب عليه نفقتهم، إذ يقوم بالأعباء العائلية والالتزامات الاجتماعية التي يقوم بها المورث باعتباره جزءا منه، أو امتدادا له، أو عاصبا من عصبته.
هذه الأسباب وغيرها تجعلنا ننظر إلى المال أو الثروة نظرة أكثر موضوعية، وهي أن الثروة والمال أو الملك مفهوم أعم من مفهوم الدخل، فالدخل هو المال الوارد إلى الثروة، وليس هو نفس الثروة؛ إذ تمثل الثروة المقدار المتبقي من الواردات والنفقات.
وبهذا الاعتبار نجد الإسلام أعطى المرأة في بعض الحالات نصف الرجل في الدخل الوارد، وكفل لها الاحتفاظ بهذا الدخل دون أن ينقص من غير حق الله كالزكاة، أما الرجل فأعطاه الله الدخل الأكبر وطلب منه أن ينفق على زوجته وأبنائه ووالديه إن كبرا في السن، ومن تلزمه نفقتهم من قريب وخادم وما استحدث في عصرنا هذا من الإيجارات والفواتير المختلفة؛ مما يجعلنا نجزم أن الله فضل المرأة على الرجل في الثروة؛ حيث كفل لها مالها، ولم يطالبها بأي شكل من أشكال النفقات.
ولذلك حينما تتخلف قضية العبء المالي كما هي الحال في شأن توريث الإخوة والأخوات لأم؛ نجد أن الشارع الحكيم قد سوى بين نصيب الذكر ونصيب الأنثى في الميراث، قال سبحانه وتعالى: )وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث( (النساء:١٢). فالتسوية هنا بين الذكور والإناث في الميراث؛ لأن أصل توريثهم هنا الرحم، وليسوا عصبة لمورثهم حتى يكون الرجل امتدادا له من دون المرأة، فليست هناك مسئوليات ولا أعباء تقع على كاهله بهذا الاعتبار[11].
ثالثا. يوجد أكثر من ثلاثين حالة تأخذ فيها المرأة مثل الرجل، أو أكثر منه، أو ترث هي ولا يرث نظيرها من الرجال، في مقابل أربع حالات فقط ترث فيها المرأة نصف الرجل:
في دراسة إحصائية لحالات الميراث في الفقه الإسلامي، خلص العالم السوداني الشيخ عبد الجليل ندى الكاروري، إلى أن الأنثى ترث نصف الذكر في حالات تمثل 13. 33% من حالات الميراث، بينما ترث الأنثى مثل الذكر أو أكثر من الذكر في حالات تبلغ 86. 67% من حالات الميراث... أي أن المرأة متميزة عن الرجل فيما يقرب من 90% من حالات الميراث! [12] وباستقراء هذه الحالات يظهر الآتي:
1.أن هناك أربع حالات فقط ترث المرأة نصف الرجل.
2.أن أضعاف هذه الحالات ترث المرأة مثل الرجل.
3.هناك حالات كثيرة ترث المرأة أكثر من الرجل.
4.هناك حالات ترث المرأة ولا يرث نظيرها من الرجال.
وإليكم تفصيل تلك الحالات - حسبما أوردها د. صلاح سلطان - فيما تأتي:
1. الحالات التي ترث فيها المرأة نصف الرجل:
عند استقراء حالات ميراث المرأة نصف الرجل نجدها تنحصر في أربع حالات:
· وجود البنت مع الابن:
فإذا مات أب وأم وتركا:
ابن |
بنت |
تقسم التركة أثلاثا |
2 |
1 |
· عند وجود الأب مع الأم ولا يوجد أولاد ولا زوج ولا زوجة:
فهنا فرض الأم الثلث، ويكون الباقي وهو الثلثان للأب. فإذا مات شخص عن:
أب |
أم |
الباقي تعصيبا 3/2
2 |
3/1
1 |
وبهذا يكون الأب قد أخذ ضعف الأم.
· وجود الأخت الشقيقة أو لأب مع الأخ الشقيق أو لأب:
وعليه فمن مات وترك:
أخ ش |
أخت ش |
أو |
أخ لأب |
أخت لأب |
2 |
1 |
2 |
1 |
للذكر مثل حظ الأنثيين
· حالات ميراث الزوجين:
قال عز وجل: )ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين( (النساء:١٢).
وعليه إذا مات أحد الزوجين وترك الآخر يكون الميراث كما يلي:
|
الزوج |
الزوجة |
عند عدم الولد
عند وجود الولد |
2/1
4/1
2 |
4/1
8/1
1 |
2. الحالات التي ترث فيها المرأة مثل الرجل:
باستقراء مسائل الميراث نجد أن هناك حالات ترث فيها المرأة مثل الرجل؛ منها:
· حالة ميراث الأم مع الأب مع وجود ولد ذكر أو بنتين فأكثر أو بنت أحيانا:
(أ)
أب |
أم |
ابن |
6/1 |
6/1 |
الباقي تعصيبا |
(ب)
أب |
أم |
بنتان |
6/1+ الباقي تعصيبا
1 |
6/1
1 |
3/2
4 |
(ج) بل هناك حالة يتساوى فيها الأب والأم مع وجود بنت واحدة وذلك إذا ماتت امرأة عن:
زوج |
أب |
أم |
بنت |
فيها عول[13] |
4/1
3 |
6/1 + الباقي تعصيبا
2 |
6/1
2 |
2/1
6 |
(د) هناك حالات تأخذ فيها الجدة مثل الأب مع كونها جدة لأم، وهي أبعد من الميت مثل:
(أ) |
|
(ب) |
أب |
أم أم |
ابن |
أب |
أم أم |
بنتان |
6/1
1 |
6/1
1 |
الباقي تعصيبا
4 |
6/1 + الباقي تعصيبا
1 |
6/1
1 |
3/2
4 |
· ميراث الإخوة لأم مع الأخوات لأم دائما في الميراث:
يقول الله عز وجل: )وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث( (النساء:١٢).
وهذا النص ظاهر الدلالة على تساوي حظ المرأة مع الرجل إن كانت الأخوة من جهة الأم، وبموجب الآية يكون ميراث الإخوة كما يلي:
(أ)
زوج |
أم |
أخ لأم |
|
زوج |
أم |
أخت لأم |
2/1
3 |
3/1
2 |
6/1
1 |
2/1
3 |
3/1
2 |
6/1
1 |
(ب)
زوج |
أم |
أخ لأم |
أخت لأم |
2/1
3 |
6/1
1 |
هم شركاء في الثلث
1 1 |
· المسألة المشتركة:
فإذا ماتت امرأة عن:
زوج |
أم |
أختين لأم |
أخ شقيق |
|
2/1
3 |
6/1
1 |
3/1
2 |
الباقي، ولم يبق له شيء
صفر |
|
|
|
|
|
هنا الأختان لأم أخذت كل واحدة السدس؛ لأنهما شركاء في الثلث، ولم يبق شيء للأخ الشقيق، لكن قضاء سيدنا عمر وزيد وعثمان بن عفان - رضي الله عنهم - أن هذا التوريث يعدل إلى:
زوج |
أم |
أختين لأم |
أخ شقيق |
2/1 |
6/1 |
شركاء في الثلث |
فيقسم الثلث بينهم بالتساوي لكل منهم سهم من ثلاثة؛ لأنه ورث باعتباره أخا لأم.
ويلاحظ هنا أن الأخ الشقيق وهو الأقرب درجة إلى الميت ورث مثل الأخت لأم وهي أبعد درجة من الميت.
· تساوي الرجل والمرأة عند انفراد أحدهما بالتركة:
إذا مات أحد عن رجل واحد أو امرأة واحدة تكون المحصلة الأخيرة هي أن يأخذ من بقي التركة كلها، سواء أخذها الرجل كعصبة، أم أخذت المرأة حظها بالفرض والباقي ردا عليها مثل:
|
الوارث |
حظه من التركة |
الوارثة |
حظها من التركة |
(أ) |
أب |
كل التركة تعصيبا |
أم |
3/1+ الباقي ردا عليه |
(ب) |
ابن |
كل التركة تعصيبا |
بنت |
2/1+ الباقي ردا عليه |
(ج) |
أخ |
كل التركة تعصيبا |
أخت |
2/1+ الباقي ردا عليه |
(د) |
زوج |
2/1+ الباقي ردا عليه |
زوجة |
4/1+ الباقي ردا عليه |
(هـ) |
خال |
كل التركة لأنه من ذوي الأرحام |
خالة |
كل التركة لأنها من ذوات الأرحام |
(و) |
عم |
كل التركة تعصيبا |
عمة |
كل التركة لأنها من ذوات الأرحام |
هذه مجرد أمثلة لا تعني الحصر على التساوي بين الرجل والمرأة، وقد يقال: قد أخذت المرأة مثل الرجل لعدم وجود من بحذائها من الرجال، ويرد على هذا بأنه كان من الوارد النص على عدم جواز ذوي الفروض من النساء أكثر من فرضهن، لا سيما أننا نجد خلافا بين الفقهاء في قضية الرد أصلا (بلا تفرقة بين رجل وامرأة)، إذ رفض الرد على ذوي الفروض زيد بن ثابت ومالك والشافعي، وذهب الأكثر من الصحابة والفقهاء إلى جوازه، وبه أخذ القانون المصري في المادة رقم 14 من قانون المواريث رقم 77 لسنة 1943م.
ويلحق بهذه الحالات إذا وجد في المسألة رد على غير الزوجين مثل:
(أ)
زوج |
ابن |
|
زوجة |
بنت |
4/1 |
الباقي تعصيبا |
8/1 |
2/1الباقي ردا عليها |
(ب)
زوجة |
أخ |
|
زوجة |
أخت |
4/1 |
الباقي تعصيبا |
4/1 |
2/1الباقي ردا عليها |
هنا نجد أن الابن والبنت، والأخ والأخت تساويا في حظهما من التركة.
على كل لا نجد من الفقهاء من أجاز الرد على الزوج مع وجود وارث آخر؛ لأنه رجل وحرم الزوجة من الرد عليها باعتبارها زوجة.
حالات أخرى:
· تتساوى الأخت الشقيقة مع الأخ الشقيق:
(أ)
زوج |
أخ ش |
|
زوج |
أخت ش |
2/1
1 |
الباقي تعصيبا
1 |
2/1
1 |
2/1
1 |
(ب)
زوج |
بنت |
أخ ش |
|
زوج |
بنت |
أخت ش |
4/1
1 |
2/1
2 |
الباقي تعصيبا
1 |
4/1
1 |
2/1
2 |
الباقي عصبة مع الغير (أي مع البنت)
1 |
· تتساوى الأخت لأم مع الأخ الشقيق دون تشريك:
بحثنا سابقا حالة تساوي الأخت لأم مع الأخ لأم، وتساوي الأخوات لأم مع الأخ الشقيق في المسألة المشتركة، وهنا تتساوي الأخت لأم وهي أبعد قرابة مع الأخ الشقيق وهو الأدنى قرابة مثل:
زوج |
أم |
أخت لأم |
أخ ش |
2/1
3 |
6/1
1 |
6/1
1 |
الباقي تعصيبا
1 |
· يتساوى عدد النساء مع الرجال فيمن لا يحجبون أبدا:
هناك نوعان من الحجب: حجب حرمان، وهم الذين يحرمون من التركة نهائيا لوجود من يحجبهم مثل الأخ يحجب بالأب حجب حرمان، وهناك حجب نقصان وهم من يقل فرضهم لوجود آخر، مثل، نقصان نصيب الأم من الثلث إلى السدس لوجود الفرع الوارث.
وهناك ستة لا يحجبون حجب حرمان أبدا هم:
الزوج و الزوجة
الابن و البنت
الأب و الأم
ويلاحظ أنهم ثلاثة من الذكور ومثلهم من الإناث، لا يحجبون حجب حرمان مطلقا.
· هناك في ميراث ذوي الأرحام ثلاثة مذاهب:
o مذهب أهل الرحم وهم يسوون بين جميع ذوي الأرحام ذكورا وإناثا سواء قربت درجتهم من المتوفى أم بعدت، فمن مات عن:
بنت بنت |
ابن بنت |
خال |
خالة |
تقسم التركة على أربعة أسهم |
1 |
1 |
1 |
1 |
o مذهب أهل التنزيل وهم ينزلون ذوي الأرحام منزلة أصولهم، فمن مات عن:
تورث بمنزلة أصولهما فتكون:
بنت |
أخت |
2/1 |
الباقي عصبة مع الغير |
o مذهب أهل القرابة إذ يعتد بالأقرب إلى الميت من ذوي الأرحام، فمثلا لو مات عن:
ابن بنت + ابن عمة
فيكون الميراث كله لابن البنت ولا شيء لابن العمة.
هذه الآراء الثلاثة مطروحة في الفقه الإسلامي، ونلاحظ معا أن مذهب أهل الرحم لا يجد حرجا من تساوي الرجل مع المرأة عند اجتماعهما.
3. حالات ترث فيها المرأة أكثر من الرجل:
يقوم نظام المواريث في الشريعة الإسلامية على طريقتين رئيستين هما:
· الميراث بالفرض: وهو الوارد في القرآن الكريم والسنة النبوية، ومعناه أن يأخذ صاحب الفرض ما حدده النص من الثلثين أو الثلث أو السدس أو النصف أو الربع أو الثمن.
· الميراث بالتعصيب: وهو أن يرث ما بقي بعد أصحاب الفروض، فهم الوارثون بغير تقدير، وهم العصبة بالنفس مثل: الابن وابن الابن وإن نزل، والأب والجد وإن علا، والأخ الشقيق ولأب وأولادهم وإن نزلوا، والعم الشقيق وأولادهم وإن نزلوا، وهناك عصبة بالغير وهي الأخت مع الأخ، والابن مع البنت، وابن الابن مع بنت الابن وإن نزلوا، وهناك عصبة مع الغير وهي الأخت الشقيقة أو لأب مع البنت أو بنت الابن.
ويجري نظام التوريث على أن يأخذ أصحاب الفروض ما فرض لهم أولا، ثم يأخذ ذوو العصبات ما بقي بعد أصحاب الفروض أو كل التركة إن انفردوا بالتركة.
وقد ثبت بالاستقراء أن النساء يرثن أكثر بالفرض، وأن إرثهن بالفرض أحظى لهن من ميراثهن بالتعصيب في حالات كثيرة، وهذا يبدو أولا من الجدول الآتي ثم من التوضيح بعده.
الفروض الواردة في القرآن والسنة ومستحقوها:
3/2 |
1- البنتان فأكثر |
2- بنتا الابن فأكثر |
3- الأختان ش فأكثر |
4- الأختان لأب فأكثر |
2/1 |
1- البنت الواحدة |
2ـ بنت الابن الواحدة |
3- الأخت ش الواحدة |
4ـ الأخت لأب الواحدة |
5- الزوج |
|
3/1 |
1- الأم |
2- الأخت لأم |
3- الأخ لأم |
|
6/1 |
1- الأم |
2- الجدة |
3- بنت الابن |
4- الأخت لأب |
5- الأخت لأم |
6- الأخ لأم |
7- الأب |
8- الجد |
4/1 |
1- الزوج |
2- الزوجة |
8/1 |
الزوجة |
لكل صاحب فروض شروط لا يتسع الجدول لسردها |
يبدو من التقسيم ما تأتي:
1. أكبر الفروض في القرآن الكريم هو الثلثان، ولا يحظى به واحد من الرجال بل هو للنساء فقط.
2. النصف لا يأخذه من الرجال إلا الزوج عند عدم وجود فرع وارث وهو قليل الوقوع ويبقى النصف لأربع من النساء.
3. الثلث تأخذه اثنتان من النساء؛ هما الأم عند عدم وجود فرع وارث أو عدم وجود الأخوين فأكثر، وتأخذه الأخوات لأم إذا لم يوجد أصل ولا فرع وارث اثنتان فأكثر، بينما يأخذ الثلث الإخوة لأم بنفس الشروط أو لو وجد أخ لأم مع أخت لأم بالتساوي المشار إليه سابقا.
4. السدس يأخذه ثمانية: خمسة من النساء وثلاثة من الرجال.
5. الربع يأخذه الزوج إذا وجد فرع وارث للزوجة، وتأخذه الزوجة إذا لم يوجد فرع وارث للزوج.
6. الثمن تأخذه الزوجة إذا وجد فرع وارث للزوج.
وسيتضح أن النص على قدر محدد للمرأة مفيد لها فترث بالفرض أكثر من حالات ميراث الرجال (17/6)؛ فترث النساء في سبع عشرة حالة بالفرض، بينما يرث الرجال في ست حالات بالفرض فقط، هذا التحديد مفيد للمرأة حقا، وقد يجعلها ترث أكثر من الرجل، ويبدو لنا من المقابلات الآتية:
· فرض الثلثين مفيد للمرأة عن التعصيب للرجل أحيانا:
إذا ماتت امرأة عن ستين فدانا والورثة:
زوج |
أب |
أم |
بنتان |
|
زوج |
أب |
أم |
ابنان |
4/1 |
6/1 + الباقي تعصيبا |
6/1 |
3/2 |
|
4/1 |
6/1 |
6/1 |
الباقي تعصيبا |
3 |
2+0 |
2 |
8 |
|
3 |
2 |
2 |
5 |
12 |
8 |
8 |
32 |
|
15 |
10 |
10 |
25 |
لكل بنت 16 فدانا |
|
لكل ابن 12. 5 فدان |
يتضح من هذه المقابلة أن فرض الثلثين للبنتين قد أتاح لهما فرصة في بعض المسائل أن تأخذ كل بنت أكثر من نظيرها إذا وجد ابنان مكان البنتين.
ولو جعلنا مكان البنتين بنتي الابن، وجعلنا مكان الابنين ابني ابن لكانت المسألة كما هي؛ لأنهم ورثوا باعتبار البنوة وإن كانوا أبعد درجة.
لو ماتت امرأة عن تركة 48 فدانا والورثة:
|
زوج |
أختان ش |
أم |
|
زوج |
أم |
أخوان ش |
فيها عول
48÷8 = 6 |
2/1 |
3/2 |
6/1 |
|
2/1 |
6/1 |
الباقي تعصيبا |
3 |
4 |
1 |
|
3 |
1 |
2 6/48 = 8 |
18 |
24 |
6 |
|
24 |
8 |
16 |
لكل أخت 12 فدانا |
|
لكل أخ 8 أفدنة |
من الواضح أن فرض الثلثين أفاد الأختين؛ فورثت كل واحدة (12 فدانا) في مقابل الأخوين اللذين ورثا بالتعصيب فكان حظهما (16 فدانا) لكل واحد منهما (8 أفدنة). وهي نفس المسألة لو كانت الأختان لأب مع الأخوين لأب في المقابلة مكان الأختين الشقيقتين والأخوين الشقيقين.
· فرض النصف أفاد الإناث عن التعصيب للرجال أحيانا:
وهذا يبدو مما تأتي: لو ماتت امرأة تاركة (156 فدانا) وبقي من ورثتها:
|
زوج |
أب |
أم |
بنت |
|
زوج |
أب |
أم |
ابن |
فيها عول
156÷ 12= 12 ف |
4/1 |
6/1+ الباقي تعصيبا |
6/1 |
2/1 |
|
4/1 |
6/1 |
6/1 |
الباقي تعصيبا |
3 |
2 + 0 |
2 |
6 |
|
1 |
2 |
5 |
6 |
36 |
24 |
24 |
72 |
|
39 |
26 |
26 |
65 12/156 = 13 ف |
هنا أخذت البنت بالفرض (72 فدانا)، ونقص لحقها نصيب الزوج والأب والأم؛ لأن في المسألة عولا، أما الابن الذي يرث بالتعصيب فقد كان نصيبه (65 فدانا)؛ لأنه الباقي بعد أصحاب الفروض وهو أقل من نصيب البنت.
ولا تفترق المسألة إذا كان مكان البنت بنت الابن، ومكان الابن ابن الابن:
ماتت امرأة عن (48 فدانا) والورثة:
|
زوج |
أم |
أخت ش |
|
زوج |
أم |
أخ ش |
فيها عول
48÷8 = 6 |
2/1 |
3/1 |
2/1 |
|
2/1 |
3/1 |
الباقي تعصيبا |
3 |
2 |
3 |
|
3 |
2 |
1 |
18 |
12 |
18 |
|
24 |
16 |
8 |
هنا فارق كبير جدا حيث أخذت الأخت الشقيقة أكثر من ضعف نظيرها وهو الأخ الشقيق الذي ورث (8 ف) بينما أخذت هي (18 ف).
· فرض الثلث قد يكون أحظى للمرأة من التعصيب للرجل أحيانا:
ويبدو هذا مما تأتي:
(أ)
|
زوجة |
أم |
أختان لأم |
أخوان شقيقان |
التركة
4812/48 = 4 |
4/1 |
6/1 |
3/1 |
الباقي تعصيبا |
3 |
2 |
4 |
3 |
12 |
8 |
16 |
12 |
هنا أخذت كل واحدة من الأختين لأم (8 ف)، وهما الأبعد قرابة على حين أخذ الأخوان الشقيقان (12 ف)، كل واحد (6 ف)، وهو أقل من ميراث أختيهما، مما يؤكد أن الميراث بالفرض قد يكون أحظى للمرأة أحيانا من الميراث بالتعصيب الذي يرث به الرجل.
وتوجد مسألة أكثر دلالة على أن فرض الثلث قد يكون أحظى للمرأة من التعصيب للرجل مثل:
زوج |
أختين لأم |
أخوان ش |
|
2/1 |
3/1 |
الباقي تعصيبا |
التركة 120 ف
6/120 = 20 |
3 |
2 |
1 |
60 ف |
40 ف |
20 ف |
هنا أخذت كل أخت لأم ضعف نصيب الأخ الشقيق مع كونه أقرب إلى المتوفى.
وتوجد مسألة اشتهر فيها الخلاف وكثر حولها الحوار بين فقهاء الأمة حول نصيب الأم إذا وجد في المسألة معها أب وزوج، فلو أعطي الزوج النصف والأم الثلث يبقى للأب السدس بالتعصيب وهو نصف نصيب الأم، فذهب سيدنا عمر وزيد - رضي الله عنهما - إلى أن الأم تأخذ ثلث الباقي بعد نصيب الزوج ليظل الأب محتفظا بأكثر من الأم، وظل ابن عباس - رضي الله عنهما - يدافع عن اختياره عملا بظاهر النصوص أن فرض الأم إذا لم يوجد الفرع الوارث أو أخوان فأكثر هو الثلث مهما زاد حظها عن الأب، فيقول لسيدنا زيد: أتجد ثلث الباقي في كتاب الله أو تقوله برأيك؟ قال: أقوله برأيي، لا أفضل أما على أب.
وعلى هذا فإن لدينا من السعة ما يسمح بمذهبين في هذه المسألة:
زوج |
أم |
أب |
|
زوج |
أم |
أب |
2/1 |
3/1 |
الباقي تعصيبا |
2/1 |
3/1 الباقي بعد
نصيب الزوج |
الباقي تعصيبا |
3 |
2 |
1 |
3 |
1 |
2 |
مذهب ابن عباس - رضي الله عنهما ـ |
مذهب عمر وزيد - رضي الله عنهما ـ |
ولئن بدا أن اختيار سيدنا عمر وزيد - رضي الله عنهما - هو الأرجح أخذا بالقواعد العامة فيبقى اختيار ابن عباس - رضي الله عنهما - رأيا فقهيا يوافقه ظاهر النص، ومن حق أية حكومة إسلامية أن تأخذ بأي من الرأيين في أحكام المواريث.
فرض السدس قد يكون أحظى للمرأة من التعصيب للرجل أحيانا:
ويتضح ذلك في مسائل منها:
(أ)
زوج |
أم |
أخت لأم |
أخوان ش |
التركة 60 فدانا |
2/1 |
6/1 |
6/1 |
الباقي تعصيبا |
30 ف |
10 ف |
10 ف |
10 ف |
هنا فرض السدس فقط للمرأة ضعف نصيب كل أخ شقيق، ولو زاد عدد الإخوة الأشقاء فسيظل نصيب الأخت لأم موفورا ويتوزع السهم الواحد على أي عدد من الإخوة الأشقاء.
(ب)
زوجة |
أب |
أم |
بنت |
بنت ابن |
|
زوجة |
أب |
أم |
بنت |
ابن ابن |
8/1 |
6/1+ الباقي تعصيبا |
6/1 |
2/1 |
6/1 |
|
8/1 |
6/1 |
6/1 |
2/1 |
الباقي تعصيبا |
3 |
4 |
4 |
12 |
4 |
|
3 |
4 |
4 |
12 |
1 |
72 |
96 |
96 |
288 |
96 |
|
81 |
108 |
108 |
324 |
27 |
هنا أخذت بنت الابن أربعة أسهم من المسألة؛ لأن فرضها السدس، أما ابن الابن فله سهم واحد؛ لأنه وارث بالتعصيب فيأخذ ما بقي ولم يبق له إلا سهم واحد. فلو كانت التركة 648 فدانا لأخذت بنت الابن (96 فدانا)، ويأخذ ابن الابن 27 فدانا فقط، والفارق كبير جدا كما لا يخفى.
(ج) في حالات نادرة قد يكون فرض السدس للأم أفضل من التعصيب للأب منها:
إذا كانت التركة (60 فدانا) فانظر إلى هذه المقابلة:
أم |
أم أم |
أم أب |
|
أب |
أم أم |
أم أب |
6/1 فرضا + الباقي ردا |
محجوبة بالأم |
محجوبة بالأم |
|
الباقي تعصيبا |
6/1 |
محجوبة بالأب |
60 فدانا |
صفر |
صفر |
|
50 فدانا |
10 أفدنة |
|
الأم هنا بالفرض ورثت السدس؛ لأن لها قوة في حجب الجدات أكثر من الأب؛ إذ حجبت جميع الجدات الأبوية والأمية، على حين حجب الأب الجدة التي تدلي إلى الميت من جهته هو وهي أم الأب، ولم يحجب أم الأم. والنتيجة أن الأم هنا ورثت كل التركة (60 ف) ولم يرث الأب سوى (50 ف)؛ لأن الجدة من جهة الأم أخذت (10 ف).
4. حالات ترث فيها المرأة ولا يرث نظيرها من الرجال:
هناك حالات ترث فيها المرأة ولا يرث نظيرها من الرجال؛ منها ما تأتي:
· إذا كانت التركة (195 فدانا) ويوجد في المسألة:
زوج |
أب |
أم |
بنت |
بنت ابن |
|
زوج |
أب |
أم |
بنت |
ابن ابن |
4/1 |
6/1+ الباقي تعصيبا |
6/1 |
2/1 |
6/1 |
|
4/1 |
6/1 |
6/1 |
2/1 |
الباقي تعصيبا
صفر |
3 |
2 |
2 |
6 |
2 |
|
3 |
2 |
2 |
6 |
39 |
26 |
26 |
78 |
26 |
|
45 |
30 |
30 |
90 |
هنا أخذت بنت الابن بفرض السدس (26 فدانا) ولم يأخذ ابن الابن شيئا، وإذا قيل إن ابن الابن هنا له وصية واجبة فهذا ليس رأي الجمهور، وكون واضعي القانون المصري قد اختاروا في قانون الوصية رقم 71 لسنة 1964 العمل بالوصية الواجبة فلا تزال موضع نقد ومناقشة من علماء الأمة ودارسي علم المواريث.
وعلى كل هناك حالة أخرى نذكرها لا تدخل بأي حال في الوصية الواجبة وفق تحديد المقنن المصري لها هي:
· إذا كانت التركة 84 فدانا، ويوجد في المسألة:
زوج |
أخت ش |
أخت لأب |
|
زوج |
أخت ش |
أخ لأب |
2/1 |
2/1 |
6/1 |
|
2/1 |
2/1 |
الباقي تعصيبا |
3 |
3 |
1 |
|
1 |
1 |
صفر |
36 ف |
36 ف |
12 ف |
|
42 ف |
42 ف |
لا شيء |
هنا أخذت الأخت لأب بفرضها السدس (12 ف)، ولم يأخذ نظيرها وهو الأخ لأب، ولا توجد وصية واجبة له لأنه ليس من فرع ولد الميت.
· ميراث الجدة: فكثيرا ما ترث ولا يرث نظيرها من الأجداد، وهذا يتضح من هذا الشكل. ويجدر أن نذكر قاعدة ميراث الجد والجدة:
o الجد الصحيح أي الوارث هو الذي لا يدخل في نسبته إلى الميت أم مثل؛ أب، الأب وأب أب الأب وإن علا، أما أب الأم، أو أب أم الأم، فهو جد فاسد، أو جد غير وارث على خلاف في اللفظ لدى الفقهاء.
o الجدة الصحيحة هي التي لا يدخل في نسبتها إلى الميت جد غير صحيح، أو هي كل جدة لا يدخل في نسبتها إلى الميت أب بين أمين وعليه تكون أم أب الأم جدة فاسدة لكن أم الأم، وأم أم الأم، وأم أم الأب جدات صحيحات ويرثن.
وبناء على ذلك يكون الأجداد الوارثون هم سالم وشاكر فقط، والأجداد غير الوارثين هم جمال وهاني وخالد وسمير. في الشكل الآتي:
على حين ترث جميع الجدات في الشكل ما عدا خالدة؛ لأنها جدة غير صحيحة
أو غير وارثة؛ حيث تدلي إلى الميت عن طريق جد غير صحيح.
بعد ذلك نضع مسألتين يظهر منهما أن المرأة قد ترث ولا يرث نظيرها من الرجال مثل:
أب أم |
أم أم |
|
أب أم أم |
أم أم أم |
ممنوع لأنه جد غير وارث |
6/1 فرضا + الباقي ردا عليها |
|
ممنوع لأنه جد فاسد (غير وارث) |
6/1 فرضا + الباقي ردا عليها |
الأجداد هنا من ذوي الأرحام لا يرثون بالفرض ولا بالرد، لكن الجدة التي تناظره بل قد تكون زوجته غالبا ترث وحدها التركة كلها وهو لا يرث شيئا إلا إذا أعطى شيئا عملا بالآية: )وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا (8)( (النساء).
بعد هذا الاستقراء الذي أورد أكثر من ثلاثين حالة تأخذ فيها المرأة مثل الرجل أو أكثر منه أو ترث هي ولا يرث نظيرها من الرجال، في مقابلة أربع حالات محددة ترث فيها المرأة نصف الرجل لأسباب تتوافق مع الروافد الأخرى من الأحكام الشرعية التي تتكامل أجزاؤها في توازن دقيق لا يند عنه شيء، ولا يظلم طرفا لحساب آخر لأنها شريعة الله تعالى الحكيم العليم الخبير العدل[14].
رابعا. حق المرأة في الميراث مرتبط بحقها في النفقة، والتوازن بين حقوقها في كل قائم:
تبدأ المرأة حياتها في كنف أبوين يتحمل الأب واجب الإنفاق عليها بنتا، حتى إذا تزوجت كانت النفقة على الزوج، فإذا استمرت حياتها معه وأنجبت وكبر الأولاد تصير أما فتتضاعف حقوقها على الأولاد، مع استمرار حقها على زوجها. هذا هو الوضع الغالب، وفي الأحوال النادرة أو القليلة لا تتزوج المرأة فتظل نفقتها على الأب.
وقد تكاثرت الأدلة على وجوب حق النفقة للمرأة في حالاتها الثلاث، بنتا وزوجة وأما[15].
والعلاقة بين حقي المرأة في الميراث وحق النفقة علاقة توازن، والميزان بينهما ميزان رباني دقيق، ولا يقل نصيبها عن نصيب الرجل من الميراث إلا إذا توفرت لها كفالة قوية، وترث مثله أو أكثر منه إذا قلت أوجه الكفالة، وسوف يكون التركيز هنا على الحالات التي ترث فيها المرأة نصف الرجل أحيانا:
1. علاقة الميراث بالنفقة للبنت:
· إذا مات شخص وترك بنتا واحدة وليس له وارثون آخرون بالفرض أو التعصيب تأخذ التركة كلها (النصف فرضا والباقي ردا عليها). وهي في ذلك مثلما لو ترك شخص وراءه ابنا فإنه سيرث التركة كلها تعصيبا، وهذه الحالة مرجعها إلى أن البنت لا يوجد من ينفق عليها من أخ أو عم أو غيرهما ممن يجب عليهم الإنفاق عليها، ومن هنا تأخذ التركة كلها لتجد ما تنفق منه على نفسها. مع الأخذ في الاعتبار أنها قد تكون زوجة لها من ينفق عليها ويتحمل كل تكاليفها على النحو الذي سبق ذكره.
· إذا وجد مع البنت ابن فتوزع التركة للذكر مثل حظ الأنثيين، وهنا تكون للبنت عصبة وعليه واجب كفالة الأخت إذا احتاجت، والولاية عند الزواج والحماية عند تعرضها لأي نوع من المخاطر.
ثم إن هذه البنت إذا تزوجت تقبض مهرا، ويعد لها السكن، ويفرش لها البيت، وتعتبر نفقتها حقا لازما على الزوج. أما أخوها الذي أخذ ضعفيها، فإنه يقدم لأخرى مهرا وسكنا وأثاثا وغيره مما يجعل هذه البنت غالبا أحظى من أخيها الذي أخذ ضعفيها.
ولكي نوضح ذلك نفترض أن شخصا مات عن:
بنت ابن |
ابن ابن |
هو ابن عمها والتركة
3.000 جنيه |
1
1.000جنيه |
2
2.000 جنيه |
فلو أراد ابن العم أن يتزوجها فإنها تحتفظ بمالها كله وتأخذ منه مهرا قد يستغرق هذا المبلغ كله، يضاف إلى ذلك أن يتجشم عناء إعداد مسكن الزوجية وفرشه، ثم يتحمل مسئولية الإنفاق عليها، فمن يكون هنا أحظى؟
لعل الجواب يأتي بلا أدنى شك في أن المرأة هنا مع ميراثها النصف أحظى من ابن عمها الذي ورث ضعفها.
· يمكن أن نلاحظ العلاقة القوية بين مقدار الميراث ومسئولية الإنفاق في المثالين الآتيين:
التركة 40.000 جنيه
بنت |
أب |
|
بنت |
جدة |
2/1 |
6/1 + الباقي تعصيبا |
2/1 |
6/1 |
3 |
3 |
2 |
1 |
20.000جنيه |
20.000 جنيه |
والرد على الاثنتين (البنت والأم) |
نلاحظ أن البنت معها عصبة وهو جدها (أبو المتوفى)، والجد يقوم مقام الأب في وجوب الإنفاق على حفيدته إن كانت محتاجة، وهو وليها عند الزواج وغيره، وهنا أخذت النصف، وبقي لجدها النصف من التركة.
على حين نجد أن البنت في المثال الثاني ليس لها عصبة؛ حيث ترث معها جدتها، والجدة غير مسئولة عن حفيدتها أو أحفادها؛ لأنها غير مسئولة عن أولادها، فكذا الجدة لا تتحمل مسئولية الإنفاق على حفيدتها وجوبا، وهنا يوجد رد، ويكون أصل المسألة من 3 وتوزع التركة 40/ 3.
هذه أمثلة لا تفيد الحصر، لكنها تدل على المقصود.
2. علاقة الميراث بالنفقة للأم:
· إذا كانت الأم تأخذ نصف الأب في الحالات النادرة، فإنها - كما سبق - تأخذ مثل الأب في الحالات الغالبة على ما سبق ذكره.
فإذا وجد:
أب |
أم |
|
أب |
أم |
ابن |
الباقي تعصيبا |
3/1 |
6/1 |
6/1 |
الباقي تعصيبا |
الحالة النادرة |
الحالة الغالبة |
وواقع الأمر في الحالة النادرة أن الأب كفيل للأم لأنه - غالبا - زوجها وتقع كل أعباء الحياة الزوجية، فهي تأخذ الثلث خالصا، والأب يأخذ الثلثين محملين بأعباء الإنفاق عليها وعلى أولاده أيضا.
وإن كانت الأم غير زوجة لفرقة حدثت مع أبيه، فهي في كفالة أبيها أو أخيها، أو يسوق إليها زوجها الجديد مهرا وسكنا وغيره، مما يثبت لها بوصفه حقوقا شرعية للزوجة. أما أبوه فلو أراد الزواج بغير أمه فإنه سيدفع كثيرا مما يستغرق أحيانا أكثر من السدس الذي زاده عن الأم.
· مما يدل على العلاقة القوية بين ميراث الأم ونفقتها، هذان المثالان:
أب |
أم |
أخ |
|
أم |
أخ ش |
الباقي تعصيبا |
3/1 |
محجوب بالأب |
3/1 |
الباقي تعصيبا |
الأب هنا حجب الأخ الشقيق والأب؛ لأنه مسئول عنهما في الإنفاق، على حين لم تحجب الأم الأخ الشقيق لأنها بالعكس غير مسئولة عن الإنفاق عليه، بل صار هو إن كان أخا شقيقا مسئولا عن الأم لأنها في الواقع أمه أيضا، فهي في رقبته من حيث حق الإنفاق والولاية لو أرادت الزواج، ومن حقها عليه أن يزوجها بكفئها إن رغبت في الزواج، وإن لم ترغب كان واجبا عليه أن يتعهدها ويحسن إليها، ونلاحظ هنا أن حصة الأخ الشقيق هي هي حصة الأب لأنه يقوم مقامه في الإنفاق على أمه.
· ويمكن أن يزداد يقيننا بارتباط الإنفاق بالميراث في المثالين الآتيين:
أم |
أخ ش |
|
أم |
أخوان ش |
3/1 |
الباقي تعصيبا |
6/1 |
الباقي تعصيبا |
هنا الأم أخذت الثلث في المثال الأول؛ لأن ولدا واحدا هو الوارث معها، وهو مسئول عنها في الإنفاق، فلما تعدد الإخوة فلها السدس لقوله عز وجل: )فإن كان له إخوة فلأمه السدس( (النساء: ١١)؛ لأن كفالة الأم قد اتسعت فصارت في رقبة عدد من الإخوة (أخوان فأكثر)، فإن افتقر هذا أعطاها ذاك، فيقل حظها من الثلث إلى السدس.
3. علاقة الميراث بالنفقة للأخت:
· الأخت إذا انفردت في التركة ليس لها أخ، فإنها تأخذ نصف التركة فرضا، والنصف الآخر ردا عليها لعدم وجود وارث آخر، فإن وجد معها أخ فإنها تأخذ نصفه، فتقسم التركة أثلاثا؛ له الثلثان ولها الثلث.
وأوضاع الأخت هنا تشبه تماما أوضاع البنت سواء وحدها أو مع الابن فيكتفى بما ذكرناه آنفا.
· إذا كانت الأخت تأخذ نصف أخيها الموازي لها، فإنها لا تأخذ شيئا إذا وجد معها الأب؛ لأن أباها مسئول عنها مسئولية كاملة ما لم تكن ذات زوج، وبالقطع شعور الأب بالمسئولية نحو أولاده يختلف عن مسئولية الأخ نحو أخواته، ومن ثم فلم ترث مع وجود الأب، وورثت الثلث مع وجود أخيها.
· تبدو العلاقة ظاهرة أيضا عندما تموت امرأة تاركة أختها وزوجها، فإن الزوج يأخذ نصف التركة لعدم وجود فرع وارث، على حين تأخذ الأخت النصف الآخر؛ وذلك لأن زوج الأخت لا يكفل أخت الزوجة. وبهذا نستطيع أن نلاحظ تدرج حق الأخت في الأمثلة الآتية:
أخت |
أب |
أخت |
أخ |
أخت |
زوج |
أخت وحدها |
محجوبة |
كل التركة |
1 |
2 |
2/1 |
2/1 |
2/1 فرضا + الباقي ردا |
3/1 |
3/2 |
1 |
1 |
وإذا رسمنا لهذا المنحنى خطا بيانيا، فإنه يبدأ من الصفر عندما توجد لها الكفالة الكاملة مع الأب، ثم تأخذ مع أخيها الثلث، ومع زوج الأخت النصف، وتأخذ التركة كلها إذا انفردت بها.
في هذه الصور كلها للأخت - كما للبنت - كفالة أخرى موجودة أو منتظرة وهي الزواج؛ إذ يمثل هذا تخفيفا كاملا عن المرأة في جميع الأعباء.
· تتجلى علاقة الإرث - أيضا - في ميراث الإخوة والأخوات لأم؛ إذ يأخذ الأخ مثل الأخت تماما، لأن صلة القرابة ضعيفة فلا يرجى - إلا نادرا - أن يتحمل الأخ مسئولية أخته لأمه، فسوى الله تعالى بينهم في الميراث. فلو ماتت امرأة عن:
زوج |
أم |
أخ لأم |
أخت لأم |
2/1 |
6/1 |
شركاء في الثلث |
3 |
1 |
1 |
1 |
فلو كانت الأخت شقيقة مع أخ شقيق لأخذت نصفه، لكن ضعف الصلة هنا جعل كلا يرث مثل الآخر رجالا ونساء.
· إذا وجد في مسألة:
زوج |
أخ ش |
أخت لأب |
|
زوج |
أخت ش |
أخت لأب |
2/1 |
الباقي تعصيبا |
محجوبة بالأخ الشقيق |
2/1 |
2/1 |
6/1 |
هنا الأخ الشقيق حجب الأخت لأب؛ لأن صلته بها تجعله مسئولا عنها إذا لم يوجد لها زوج أو لم يكن عندها مال يكفيها.
أما عندما وجدت الأخت الشقيقة - وهي لا تتحمل كفالة أختها لأب - صارت الأخت لأب صاحبة فرض وهو السدس.
4. علاقة الميراث بالنفقة للزوجة:
إذا كان من الواضح أن الزوجة تأخذ نصف ما يأخذه منها لو ماتت فإن هنالك أمورا يجب الوقوف عندها:
· أن الزوجة تعيش مكفولة كفالة كاملة، مما يجعلها أحظى من الرجل.
· أن الوضع الغالب أن الرجال يتحركون ضربا في الأرض يبتغون من فضل الله ويكتسبون من الأموال، والمرأة مشغولة بالبيت والولد غالبا، ويكون - في الوضع الغالب - الرجل ذا ثروة أكثر من المرأة، فإذا مات وأخذت هي الربع أو الثمن غالبا ما يكون أكثر بكثير من نصيب الزوج إذا أخذ النصف أو الربع؛ فإذا مات رجل يمتلك (120.000 جنيه)، فالربع هو (30.000 جنيه)، والثمن هو (15.000 جنيه)، وإذا ماتت المرأة وعندها (40.000 جنيه)، فالنصف هو (20.000 جنيه)، والربع هو (10.000 جنيه)، والنتيجة - في الوضع الغالب - أن المرأة تكون أحظى من الرجل، وفي الوضع النادر قد يكون أحظى بميراثها منها بميراثه، لكن النقطة التالية قد تغير هذه النتيجة.
· إذا مات زوج المرأة، فالأصل أن تقبل الزواج بعد وفاة زوجها وانتهاء عدتها لقوله سبحانه وتعالى: )والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير (234)( (البقرة). كما أن الأصل في الرجل إذا ماتت زوجته أن يبادر إلى الزواج، وهذا لمصلحتهما معا، وهذا من حقوق روح العفة على المجتمع الإسلامي بعدم التملص بالحرمان من شيء أباحه الله تعالى، وعليه فلو بدأ كل من الرجل والمرأة بشق طريقه إلى الزواج فالنتيجة أن الرجل يعود فيقدم لامرأة أخرى أكثر مما أخذه من زوجته الأولى غالبا، أما المرأة فإنها تأخذ من الزوج الجديد ما يضاف إلى ما أخذته من الزوج الأول من صداق وهدية ذهبية، ومنزل مؤثث، ونفقة كاملة تستغرق كل مطالبها الأساسية.
· إذا لم تتزوج المرأة، فالوضع الغالب أن يكون لها أبناء، فيفرض لها في مال الأولاد إن كانوا صغارا ما تستطيع أن تعيش به بعيدا عن الحاجة، وإلا عادت نفقتها على أبيها أو عصبتها.
يقول الكندي: إذا مات الأب فرض في مال الجد ما يكفي الأم، فإن لم يكن له مال فرزقها وكسوتها على العصبة. وقال: إن احتاجت الأم إلى مال ولدها تبيع من أصل ماله وتأكل أو تكتسي، أما إذا احتاج ابنها إلى مالها فليس له ذلك إلا برأيها ورضاها. وأما إن كان الأولاد كبارا فيجبرون قضاء على نفقة أمهم الفقيرة إذا لم يقوموا بها طواعية، ولو رغبت بعد وفاة زوجها عن الزواج تعود نفقتها على أبيها أو أخيها أو من يوجد من عصبتها الأقرب فالأقرب، بل إن المرأة إذا تزوجت من غير الأب - وهو حي - بعد فرقة، وكان زوجها الجديد فقيرا، فإن هذا لا يعفي الابن الموسر من النفقة على أمه. يقول صاحب "شرح النيل": ولا تسقط النفقة على الأم بالزواج من غير الأب إن كان فقيرا.
ومن مجموع ما سبق يبدو أن المرأة لم تظلم قط في ميراثها نصف مقدار ما يأخذ الزوج منها لو ماتت هي.
5. حالات أخرى:
هناك مسائل تتجلى فيها علاقة الميراث بالنفقة منها ما تأتي:
· ميراث الجدة:
إذا وجد من الورثة:
أب |
أم أب |
أب أب |
أم أم |
الباقي تعصيبا |
محجوبة بالأب |
محجوب بالأب |
6/1 |
الأب هنا حجب أباه وأمه لأنه مسئول عنهما في الإنفاق إن احتاجا، أما أم الأم في المسألة فهي حماة الأب هنا لأنها أم امرأته، ولما لم يكن مسئولا عنها في الإنفاق فقد ورثت السدس وفي نفس المسألة من نظائرها أم الأب، وفي الرجال أب الأب وهو الأقوى صلة بالميت، ومع ذلك لم يرث نظائرها رجالا ونساء، لوجود من يكفلهم ويسأل عنهم.
هذه الصور تجعلنا ننتهي إلى المقررات الشرعية الآتية:
· هناك ميزان رباني دقيق بين حقي المرأة في الميراث والنفقة.
· إذا توافرت للمرأة كفالة قوية مؤكدة، قل نصيبها عن نصيب الرجل في الميراث لقوة حقها في النفقة.
· إذا قلت أوجه الكفالة فإن المرأة ترث مثل الرجل، مثل الإخوة مع الأخوات لأم، وقد ترث أكثر منه، وقد ترث ولا يرث نظيرها من الرجال.
· إذا وضعنا حقوق المرأة التي تكتسبها في جانب، وحظها من الميراث - أيا كان - في جانب؛ فسيبدو لنا أن المرأة بحق أحظى من الرجل كثيرا، وليس هذا ظلما للرجل بل هو مراعاة لضعف المرأة عن الاحتراف والاكتساب؛ فعوضها الله تعالى بهذه الحقوق الكثيرة التي تكفل لها حياة كريمة سواء كانت بنتا أم زوجة أم أما[16].
خامسا. إن كان ثمة ظلم واقع على المرأة في الميراث، فهو في الأديان الأخرى، وليس في الإسلام:
من خلال ما سبق ذكره، يتضح لنا أن الإسلام لم يظلم المرأة في ميراثها، بل أنصفها؛ إذ جعلها في حالات كثيرة ترث أكثر من الرجل، ويزداد هذا الأمر وضوحا إذا تتبعنا ميراث المرأة عند غير المسلمين قديما وحديثا؛ إذ يبرز فيها الظلم البين، فهي لا تعطي المرأة نصف الرجل، بل تمنعها من الميراث كلية، ويتضح ذلك من خلال ما تأتي:
1. ميراث المرأة في اليهودية:
الميراث في الكتاب المقدس للذكور فقط، جاء في سفر التثنية: "إذا كان لرجل امرأتان، إحداهما محبوبة والأخرى مكروهة، فولدتا له بنين، المحبوبة والمكروهة. فإن كان الابن البكر للمكروهة، فيوم يقسم لبنيه ما كان له لا يحل له أن يقدم ابن المحبوبة بكرا على ابن المكروهة البكر، بل يعرف ابن المكروهة بكرا ليعطيه نصيب اثنين من كل ما يوجد عنده؛ لأنه هو أول قدرته له حق البكورية". (التثنية 21: 15- 17).
ولا ترث الإناث إلا عند فقد الذكور... ومعنى ذلك أن البنات يحرمن من الميراث إذا كان للميت ابن، إلا ما كان يتبرع لها به أبوها في حياته، فإن لم يكن له ابن ورثت البنت بشرط ألا تزوج في غير سبطها،[17] لئلا يخرج المال عن سبطها، وحين تحرم البنت من الميراث لوجود أخ لها ذكر، يثبت لها على أخيها النفقة والمهر عند الزواج، وإذا كان الأب قد ترك عقارا فيعطيها العقار، أما إذا ترك مالا منقولا فلا شيء لها من النفقة والمهر، ولو ترك القناطير المقنطرة، وليس للزوجة ميراث من زوجها.
وإذا آل الميراث إلى البنت لعدم وجود أخ لها، لم يجز لها أن تتزوج من سبط آخر، ولا يحق لها أن تنقل ميراثها إلى غير سبطها، أي تكون راعية له فقط وليست مالكة له[18].
2. ميراث المرأة في المسيحية:
ليس في المسيحية نص يخالف النصوص التوراتية، إذ يرث النصارى في مصر على الشريعة الإسلامية؛ لأن كتاب النصارى ليس به تشريع، فشريعة موسى ملزمة لهم باعتراف عيسى - عليه السلام - والتي قام بولس بإلغائها، جاء في إنجيل متى: "لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء. ما جئت لأنقض، بل لأكمل. فإني الحق أقول لكم: إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل. فمن نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى وعلم الناس هكذا، يدعى أصغر في ملكوت السماوات. وأما من عمل وعلم، فهذا يدعى عظيما في ملكوت السماوات. فإني أقول لكم: إنكم إن لم يزد بركم على الكتبة والفريسيين لن تدخلوا ملكوت السماوات". (متى 5: 17 - 20)[19].
3. ميراث المرأة في الجاهلية العربية:
لقد كان النظام الجاهلي السابق على الإسلام يحرم الأنثى من الميراث، فأبطل الله ذلك بقوله سبحانه وتعالى: )للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا (7)( (النساء).
كما جاء عن جابر أنه قال: «جاءت امرأة سعد بن الربيع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، هاتان ابنتا سعد بن الربيع، قتل أبوهما معك في يوم أحد شهيدا، وإن عمهما أخذ مالهما فلم يدع لهم مالا، ولا تنكحان - تتزوجان - إلا ولهما مال. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يقضي الله في ذلك". فنزلت آية الميراث: )يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس من بعد وصية يوصي بها أو دين آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا فريضة من الله إن الله كان عليما حكيما (11)( (النساء)، هنا أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عمهما أن: أعط ابنتى سعد الثلثين، وأمهما الثمن، وما بقي فهو لك»[20].
ولما حكم الله في قضية الميراث وأعطى للبنت نصيبا، حاول بعض الناس في الجاهلية الاعتراض على هذا النظام، ولكنهم لم يجدوا من يسندهم ولا قوة تحميهم، وقد سجل ابن كثير ذلك فقال: "قال البخاري عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: «كان المال للولد وكانت الوصية للوالدين، فنسخ الله من ذلك كما أحب، فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، وجعل للأبوين لكل واحد منهما السدس والثلث، وجعل للزوجة الثمن والربع، وللزوج النصف والربع»[21].
وعن ابن عباس أنه لما نزلت الفرائض التي فرض الله فيها ما فرض، للولد الذكر والأنثى والأبوين، كرهها الناس أو بعضهم، وقالوا: تعطى المرأة - أي الزوجة - الربع أو الثمن، وتعطى الابنة النصف، ويعطى الغلام الصغير، وليس من هؤلاء أحد يقاتل القوم، ولا يحوز الغنيمة (في الحرب)، اسكتوا عن هذا الحديث، لعل رسول الله ينساه أو يقال له فيغير.
فقالوا: يا رسول الله، تعطى الجارية - البنت - نصف ما ترك أبوها، وليست تركب الفرس، ولا تقاتل القوم، ويعطى الصبي الميراث، وليس يغني شيئا"!!
قال ابن كثير: وكانوا يفعلون ذلك في الجاهلية؛ لا يعطون الميراث إلا لمن قاتل القوم، ويعطونه الأكبر فالأكبر، فنزل قوله: )آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا فريضة من الله( (النساء: ١١).
أي إنما فرضنا للآباء وساوينا بين الكل في أصل الميراث، على خلاف ما كان عليه الأمر في الجاهلية، وعلى خلاف ما كان عليه الأمر في ابتداء الإسلام، من كون المال للولد وللأبوين الوصية كما تقدم عن ابن عباس، إنما نسخ الله ذلك إلى هذا، ففرض لهؤلاء بحسبهم؛ لأن الإنسان قد يأتيه من ابنه، وقد يكون العكس، ولهذا قال عز وجل: )آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا([22].
4. ميراث المرأة في القوانين الغربية الحديثة:
إن مدنية القرن العشرين التي نقلدها ويسير عليها غير المسلمين، بعضها تحصر الميراث في الابن الأكبر، وبعضها ينكر الميراث من الأصل، تقول آني بيزنت في كتابها "الأديان المنتشرة في الهند": "ولا تقف تعاليم الإسلام عند حدود العمومية، فقد وضع قانون الوارثة للنساء، وهو قانون أكثر عدالة وحرية من القانون الذي كان معمولا به - أي في الهند - وهو القانون المسيحي والإنجليزي"، ثم قالت: "فما وضعه الإسلام للمرأة يعتبر قانونا نموذجيا تكفل بحمايتهن في كل ما يملكن، وضمن لهن عدم العدوان على أي حصة مما يرثنه عن أقاربهن وأخواتهن في كل مالهن وأزواجهن".
لقد وصفت آني بيزنت قانون الوراثة الإسلامي بأنه أكثر عدلا وأوسع حرية من القانون المسيحي الإنجليزي.
فالبلاد المسيحية أكثرها يحرم المرأة من الميراث إلا قيمة ضئيلة، أو ما جادت به وصية الرجل قبل وفاته؛ ففي رسالة البطريرك يوسف حبش إلى رئيس مجمع نشر الإيمان المقدس، المرسلة في 29 سبتمبر - أيلول - سنة 1840: "من حيث إن القضاة أخذوا كل شيء في الجبل (جبل لبنان) على موجب الشرائع الإسلامية، وعلى الأخص من جهة توريث البنات... "، ثم قال: "من حيث إن العادة السابقة كانت سالكة في هذا الجبل عند الجمهور الأغنياء والفقراء بأن الابنة ليس لها حق من والديها إلا إذا أوصوا لها بشيء خصوصي".
وهذا يؤكد أن شرائع الغرب - ومن أخذ عنهم - تحرم البنت من الميراث إلا إذا وصى لها أبوها. فما زالت أوربا تترك أمر توزيع المال بعد الوفاة لوصية صاحب المال فيحرم من يشاء ويعطي من يشاء، والأعباء المالية تشارك فيها الزوجة فتحمل الأعباء دون مقابل.
فقد نصت المادة (203) من القانون المدني الفرنسي على أن: "ينتج من الزواج واجب الإنفاق والمساعدة وتربية الأطفال". ولم يحدد هذا النص من هو الملتزم بهذا الواجب؟ آلرجل أم المرأة؟ أم هما معا؟ ولكن المادة (207) تنص على أن الالتزامات بين الزوجين متبادلة، كما تنص المادة (12) على أن يلزم الزوجان بالتبادل أمورا منها النجدة والمساعدة والإخلاص.
والمادة (213) تقضي بأن يوثق الزوجان معا الإدارة المعنوية والمادية للأسرة، ويشرفا على تربية الأطفال. فإذا لم يتضمن النظام المكتوب بين الزوجين هذه الأمور، فليلتزم الزوج أو الزوجة بذلك حسب استطاعته، ولكن يلتزم الزوج بصورة رئيسية أن يقدم للأسرة كل ما هو ضروري حسب قدرته وحالته. وتلتزم الزوجة بأن تسهم من الموارد التي تحت يدها وبنشاطها في البيت أو من مساعدتها له في مهنته (مادة 214)، فإذا جاء الزوج وأوصى بأمواله لغير الورثة، يبيح القانون له ذلك، وفي هذا ظلم للزوجة إذ شاركت في الأعباء وحرمت من الميراث[23].
إن بعض الطوائف اليهودية لا تزال حتى الآن تمنع المرأة من الميراث مع إخوتها الذكور، ومنذ سنة 586م اعتبرت فرنسا المرأة إنسانا خلق لخدمة الرجل تباع وتشترى، ولاحق لها في الإرث، وامتدت آثار هذه النظرية المزرية إلى القرون الوسطى عندما حرمتها إنجلترا في القانون الصادر عن البرلمان الاسكتلندي سنة 1567م من أن يكون لها سلطة على شيء من الأشياء، وفي سنة 1650م صدر قانون آخر يحرمها من حقوقها الشخصية بما فيها حق المواطنة وحقوقها المالية من الأموال التي تكتسبها وتتعب عليها بعرق جبينها [24].
ومن هنا نرى أن التشريعات غير الإسلامية لا تعرف نظام الميراث، إنما تأخذ بنظام الوصية، وهذا من شأنه أن يسمح للشخص بمطلق التصرف في أمواله قبل وفاته، فيوصي بها لمن شاء من أقاربه أو غيرهم، بل له أن يوقف هذه الأموال على الكلاب والقطط ويحرم منها بناته وبنيه!
الخلاصة:
· إن مبدأ الإسلام في جـعـل حـظ الـذكر مـثل حـظ الأنثيـين، والذي جـاء في قـولـه سبحانه وتعالى: )للذكر مثل حظ الأنثيين( ليس مبدا مطلقا في كل ذكر وأنثى، كما أنه لا يعني تمييز الذكر عن الأنثى؛ لأن الإسلام يجعله هو المكلف بالإنفاق، ولا يطلب من المرأة أن تنفق شيئا من مالها على غير نفسها وزينتها؛ فالمحاباة هنا للمرأة لا للرجل - كما يزعمون -.
· إن التفاوت في أنصبة الوارثين في الإسلام لا يرجع بحال من الأحوال إلى نوع الوارثين (الذكورة أو الأنوثة)، وإنما يرجع إلى أسباب أخرى مثل:
o درجـة الـقـرابـة بيـن الـوارث والمـورث؛ فـكـلـما اقتـربـت الـصلـة زاد النصيب في الميراث.
o موقع الجيل الوارث؛ فالأجيال التي تستقبل الحياة عادة يكون نصيبها أكبر من نصيب الأجيال التي تستدبر الحياة.
o العبء المالي؛ فالمكلف بالإنفاق يكون نصيبه أكبر من غير المكلف.
· المتأمل في حالات ومسائل الميراث في الإسلام يتبين له وجود (أحد عشرة) حالة تأخذ فيها المرأة مثل الرجل، و(أربع عشرة) حالة ترث فيها المرأة أكثر من الرجل، و(خمس) حالات ترث المرأة ولا يرث نظيرها من الرجال، و(أربع) حالات فقط ترث فيها المرأة نصف نصيب الرجل، مما يعني وجود نحو ثلاثين حالة تأخذ فيها المرأة مثل الرجل أو أكثر منه، أو ترث هي ولا يرث نظيرها من الرجال، في مقابل أربع حالات فقط ترث فيها المرأة نصف نصيب الرجل.
· العلاقة بين حق المرأة في الميراث وحق النفقة علاقة موزونة، والميزان بينهما ميزان رباني دقيق، يقل نصيبها عن نصيب الرجل من الميراث إذا توافرت لها كفالة قوية، وترث مثله أو أكثر منه إذا قلت أوجه الكفالة.
· إن الإسلام لم يظلم المرأة في ميراثها، ولكن الأديان الأخرى هي التي ظلمتها؛ ففي التوراة تحرم البنت إذا كان للمتوفى ورثة من الذكور، والمسيحية أكثرها تحرم المرأة من الميراث، إلا من قيمة ضئيلة، أو ما جاءت به وصية الرجل قبل وفاته، ولم يكن للبنات عند عرب الجاهلية حق في الإرث ومثلهن في هذا الزوجات والأمهات وغيرهن من النساء، وإنما كان يرث الميت أخوه الأكبر أو ابن عمه أو ابنه الأكبر إذا كان بالغا، وكذلك أوربا في العصر الحديث تترك أمر توزيع التركة بعد الوفاة لصاحب المال، فيحرم من يشاء ويعطى من يشاء.
(*) شبهات وإجابات حول مكانة المرأة في الإسلام،د. محمد عمارة،المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، 1422هـ/2000م.
[1]. الجيل الوارث: أي من يستحق الميراث من أصحاب الفروض والعصبات.
[2]. المرأة بين الإسلام والقوانين العالمية، المستشار سالم البهنساوي، دار الوفاء، القاهرة، ط1، 1424هـ/2003م، ص185 بتصرف.
[3]. الجامع لأحكام القرآن،القرطبي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، ج5، 1405هـ/1985م، ص46، 47.
[4]. حسن: أخرجه أحمد في المسند،مسند المكثرين من الصحابة،مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه (14840)،والترمذي في سننه، كتاب الفرائض، باب ميراث البنات (2092)، وحسنه الألباني في الإرواء (1677).
[5]. الحقوق العامة للمرأة، صلاح عبد الغني محمد، الدار العربية للكتاب، القاهرة، ط1، 1418هـ/1998م، ص178: 181 بتصرف.
[6]. التحرير والتنوير،الطاهر ابن عاشور،دار سحنون للنشر والتوزيع، تونس، مج3، ج4، ص257.
[7]. تفسير الشعراوي،الشيخ محمد متولي الشعراوي،أخبار اليوم، القاهرة، 1991م، ج4، ص2025.
[8]. الغرب والإسلام: أين الخطأ وأين الصواب، د. محمد عمارة، مكتبة الشروق الدولية، مصر، ط1، 1424هـ/2004م، ص178 بتصرف.
[10]. الفقه الواضح،د. محمد بكر إسماعيل،دار المنار،القاهرة، ط2، 1417هـ/ 1997م، ج3, ص141، 142.
[11]. البيان لما يشغل الأذهان،د. علي جمعة،المقطم للنشر والتوزيع، القاهرة، ص37: 39.
[12]. الغرب والإسلام: أين الخطأ وأين الصواب، د. محمد عمارة، مكتبة الشروق الدولية، مصر، ط1، 1424هـ/2004م، ص181.
[13]. العول: مصدر عال يعول،ومن معانيه في اللغة: الاتفاع والزيادة،يقال: عالت الفريضة: إذا ارتفع حسابها، وزادت سهامها فنقصت الأنصباء، وهو زيادة سهام الفروض عن أصل المسألة بزيادة كسورها عن الواحد.
[14]. التوازن بين حقوق المرأة في الميراث والنفقة في الشريعة الإسلامية،د. صلاح سلطان، بحث منشور بمجلة كلية دار العلوم، العدد 19، ص96: 119 بتصرف.
[15]. انظر: التوازن بين حقوق المرأة في الميراث والنفقة في الشريعة الإسلامية،د. صلاح سلطان، بحث منشور بمجلة كلية دار العلوم، العدد 19، ص121: 154.
[16]. التوازن بين حقوق المرأة في الميراث والنفقة في الشريعة الإسلامية،د. صلاح سلطان، بحث منشور بمجلة كلية دار العلوم، العدد 19،ص157: 165 بتصرف.
[18]. إنسانية المرأة بين الإسلام والأديان الأخرى،علاء أبو بكر،مركز التنوير الإسلامي،القاهرة، ط1، ص452، 453 بتصرف.
[19]. [19]. إنسانية المرأة بين الإسلام والأديان الأخرى،علاء أبو بكر،مركز التنوير الإسلامي،القاهرة، ط1، ص453.
[20]. حسن: أخرجه أحمد في المسند،مسند المكثرين من الصحابة، مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه (14840)،والترمذي في سننه،كتاب الفرائض، باب ميراث البنات (2092)، وحسنه الألباني في الإرواء (1677).
[21]. أخرجه البخاري في صحيحه،كتاب الوصايا،باب لا وصية لوارث (2596).
[22]. المرأة بين الإسلام والقوانين العالمية، المستشار سالم البهنساوي، دار الوفاء، القاهرة، ط1، 1424هـ/2003م، ص189: 191.
[23]. المرأة بين الإسلام والقوانين العالمية، المستشار سالم البهنساوي، دار الوفاء، القاهرة، ط1، 1424هـ/2003م، ص188: 192 بتصرف.
[24]. هل المرأة نصف الرجل في الإسلام على الدوام، أحمد المرسي جوهر، مكتبة الإيمان، المنصورة، مصر، 2007م، ص214.
generic viagra softabs po box delivery
viagra 50 mg buy viagra generic
generic viagra softabs po box delivery
viagra 50 mg buy viagra generic
read here
website why women cheat on men
My girlfriend cheated on me
find an affair signs of unfaithful husband