مرحبًا بكم فى موقع بيان الإسلام الرد على الافتراءات والشبهات
 بحث متقدم ...   البحث عن

الصفحة الرئيسية

ميثاق الموقع

أخبار الموقع

قضايا الساعة

اسأل خبيراً

خريطة الموقع

من نحن

الزعم أن الجهاد شرع في الإسلام عقابا لأصحاب العقائد الأخرى لكفرهم وإلحادهم(*)

مضمون الشبهة:

يزعم بعض المغرضين أن الجهاد قد شرع في الإسلام لقتال الكفار وعقابهم على كفرهم، والملحدين على إلحادهم، بعبارة أخرى: هو حرب ضد أصحاب العقائد الأخرى. ويرمون من وراء ذلك إلى إظهار الإسلام في صورة الهمجي المتجبر، الغاشم المتهور، الذي يطيح بكل من خالفه.

وجوه إبطال الشبهة:

1) الجهاد في الإسلام إنما هو لرد العدوان والدفاع عن النفس والأهل والوطن والدين، ومن أجل حماية الدعوة حتى تصل إلى الناس في حرية، لتأديب ناكثي العهد، أو لإغاثة المظلومين.

2) نصوص الإسلام وإجماع علمائه ووقائع تاريخ المسلمين - تدل على أن ليس من أهداف الجهاد تأديب الكفار على كفرهم أو إجبارهم على الدخول في الإسلام، ولو كان الأمر كذلك لما تهاون النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه، ولما تركه المسلمون من بعده.

3) إذا كان الجهاد حربا ضد أصحاب العقائد الأخرى، فما سر دخول كثير من أصحاب هذه العقائد اليوم في دين الله أفواجا رغم ضعف المسلمين، وتوقف قتالهم ضد أصحاب هذه العقائد في هذا العصر؟! ولماذا لم يغير المسلمون عقيدتهم، رغم كل النكبات التي حلت بالمسلمين من نكبات في الأندلس وروسيا وجمهوريات يوغسلافيا وغيرها؟

التفصيل:

أولا. الجهاد في الإسلام إنما هو لرد العدوان وتحطيم أي قوة تعترض طريق الدعوة وإبلاغها في حرية، ونصرة المظلومين:

لم تنفرد شريعة الإسلام بإباحة القتال، فالقرآن الكريم يقص علينا أن الجهاد فرض على كثير من الأنبياء من قبل، يقول عز وجل: )وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله( (آل عمران:146)، فليس القتال في سبيل الله إذا مسبة ولا منقصة، لا في الإسلام ولا في غير الإسلام من الرسالات السابقة.

ومشروعية القتال في الإسلام من الضرورات التشريعية، التي يلجأ إليها المسلمون حين لا يكون من حيلة إلا القتال، وهو لم يشرع في الإسلام ليكون وسيلة للبطش والتجبر والقهر، وحبا في سفك الدماء ونهب الأموال، والتشفي الأهوج[1]، فلم يشرع كذلك لنشر الدين بالقوة والإكراه على اعتناقه، أو لتأديب الكفار - كما يزعم هؤلاء - بل أقام الإسلام مفهوم الجهاد على أسس واضحة، ومن هذه الأسس ما يأتي:

1.    الدفاع عن النفس والعرض والمال والوطن عند الاعتداء:

يقول تعالى: )وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين (190)( (البقرة)، وعن سعيد بن زيد، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد».[2] ويقول الله عز وجل: )وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا( (البقرة:246).

2.    الدفاع عن الدعوة إلى الله:

 إذا وقف أحد في سبيل تلك الدعوة (بتعذيب من آمن بها، أو بصد من أراد الدخول فيها، أو بمنع الداعي من تبليغها)، وذلك لأن الإسلام رسالة إلهية تشريعية تنطوي على أفضل مبادئ الحق والخير والعدل، وهي موجهة إلى الناس جميعا[3]،ودليل ذلك، قوله عز وجل: )وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين (193)( (البقرة).

فهذا دليل على أن هذه الحرب المشروعة تنتهي بانتهاء غايتها، وهي منع فتنة المؤمنين والمؤمنات، بترك إيذائهم وصون حرياتهم، ليمارسوا عبادة الله ويقيموا دينه وهم آمنون على أنفسهم من كل عدوان، يقول عز وجل: )وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها( (النساء:75).

3.    نصرة المستضعفين:

القتال شرع لنصرة المستضعفين الذين أسلموا بمكة، ولم يستطيعوا الهجرة إلى المدينة، فعذبتهم قريش وفتنتهم، حتى طلبوا من الله الخلاص، فهؤلاء لا غنى لهم عن الحماية، التي تدفع عنهم أذى الظالمين، وتمكنهم من الحرية فيما يدينون ويعتقدون[4].

وعلى الرغم من أن القتال في الإسلام شرع لدفع الاعتداء، لكن لم يأمر القرآن بالحرب عند أول بادرة من الاعتداء، أو عند الاعتداء بالفعل بغير القتال، يقول عز وجل: )وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين (126)( (النحل) [5].

4.    تأديب ناكثي العهد:

شرع الجهاد لتأديب ناكثي العهد من المعاصرين له، أو لتأديب الفئة الباغية على الجماعة المؤمنة، والتي تتمرد على أمر الله، وتنأى عن حكم العدل والإصلاح.

وقد حرم الإسلام الحرب والقتال لغير ذلك من الأغراض، فكل ما سوى هذه الأغراض - الإنسانية الإصلاحية الحقة - من المقاصد المادية أو الشخصية أو النفعية؛ فإن الإسلام لا يجيز الحرب من أجلها، فالجهاد يضاف دائما إلى سبيل الله، ويحرم كل قتال يضاف لغيره، أو يقصد به غير وجه الله عز وجل [6].

وقد ورد تعبير "في سبيل الله" مرتبطا بالجهاد والقتال اثنتين وثلاثين مرة، ولا يكاد يخلو أمر بالقتال أو الجهاد من هذا التعبير.

هذه هي الأسباب الحقيقية لتشريع الجهاد في الإسلام، فهو ضرورة من الضرورات التشريعية التي يلجأ إليها المسلمون، وهو إجراء استثنائي له موجباته ودواعيه.

ثانيا. لو كان القتال عقابا على الكفر لما تهاون فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون من بعده:

لقد سبق الحديث عن الأسباب التي أدت إلى مشروعية القتال في الإسلام إباحة ووجوبا، والناظر في هذه الأسباب لا يجد أبدا من بينها أن القتال شرع ليكون عقابا على كفر من كفر، ولا إلحاد من ألحد باستثناء حد الردة، وسيأتي توضيح سبب ذلك.

فهذا هو الإسلام، ليس فيه نص من كتاب الله أو من أحاديث رسوله أو إجماع علمائه أو واقعة من تاريخه وسيرته - تدل على أن من أهداف القتال في الإسلام تأديب الكفار على كفرهم، أو إجبارهم على الدخول في الإسلام، والإسلام كله معروف كالشمس، فليس فيه جوانب علنية وأخرى سرية.

الجهاد ليس عقابا على الكفر:

إن الكفر في تقدير الإسلام نوعان:

الكفر الأصلي، وهو الذي ولد عليه صاحبه ونشأ عليه، ولم يسبق لصاحبه الدخول في الإسلام[7].

والكفر الطارئ على صاحبه بعد الدخول في الإسلام، وهذا النوع من الكفر هو الذي يعاقب عليه صاحبه، فيقام عليه حد الردة، وهو القتل، وهذا وارد في السنة وعمل الخلفاء الراشدين مع إجماعهم عليه، فالمرتد بعد الاستتابة؛ إما أن يثوب إلى رشده ويرجع إلى الجماعة أو لا، فإن رجع فبها ونعمت، وإلا فالعقل يقرر ألا نتهم أي جماعة بالإرهاب تريد تأمين وجودها وصيانة حقيقتها، وتذود العبث عن كيانها[8].

والكفر الأصلي لا يقاتل عليه صاحبه ولا يقتل، بل يكتفى بدعوته إلى الإسلام، فإن أسلم فحسن، وإن امتنع ترك وشأنه، والله يتولى حسابه، فالكافر الأصلي دمه مصون، والاعتداء عليه حرام مثل الاعتداء على ماله وعرضه.

ولو كان القتال والقتل عقابا على الكفر لما تهاون فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا الخلفاء الراشدون من بعده [9]، والناظر إلى القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وسيرة الخلفاء الراشدين وتاريخ المسلمين - ليعجب من كثرة الأدلة على أن سبب الجهاد في الإسلام لم يكن - أبدا - عقابا على الكفر، بل ردا للمعتدين، وقضاء على الطغيان، وإشاعة للسلام، وحماية للحق، ومن الأدلة على ذلك[10]:

o  قوله عز وجل: )لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي( (البقرة:256)، فهذه الآية هي مبدأ إسلامي في حرية الإنسان في اختيار دينه، فلا يمكن أن يقرر الإسلام هذه الحقيقة، ثم يخالفها بإعلان الحرب على من يخالف دين الإسلام من الكفار.

يقول عز وجل: )لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم( (الممتحنة:8)، ويقول عز وجل: )فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا (90)( (النساء).

فهؤلاء القوم من الكفار الذين لم يقاتلوا المسلمين، ولم يخرجوهم من ديارهم وهم على الكفر، وعلى الرغم من هذا لم يأمر الله بقتال هؤلاء الكفار، بل وصل الأمر إلى برهم والقسط إليهم، وكذلك هؤلاء القوم من الكفار الذين لم يقاتلوا قومهم، ولم يقاتلوا المسلمين، واعتزلوا الحرب، فهؤلاء لا سبيل للمؤمنين عليهم.

يستبين لنا مما سبق أن حروب النبي - صلى الله عليه وسلم - ضد المشركين لم تكن بسبب كفرهم، وإنما كانت لدفع عدوانهم، وإرساء ميزان الحق، وبعد فتح مكة كان قتالهم جريا على هذه القاعدة، فقد نبذوا عهودهم مع النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا بين في قوله عز وجل: )ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدءوكم أول مرة( (التوبة:13).

وأما قتال اليهود، فإنهم قد عاهدوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد هجرته، ثم ما لبثوا أن نقضوا العهد، وانضموا إلى المشركين والمنافقين ضد المسلمين، ووقفوا محاربين لهم في غزوة الأحزاب، ومن ثم كان سبب قتالهم، هو عداءهم للإسلام وأهله ومحاربتهم له، وليس بسبب كفرهم.

و«مر النبي - صلى الله عليه وسلم - على امرأة مقتولة، فقال: ما كانت هذه لتقاتل».[11] فعلم من هذا أن العلة في تحريم قتلها، أنها لم تكن تقاتل مع المقاتلين، فكانت مقاتلتهم لنا هي سبب مقاتلتنا لهم، ولم يكن الكفر هو السبب، ومن الأدلة على ذلك إضافة إلى ما سبق:

أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن قتل الرهبان والصبيان، وذلك لعدم قتالهم للمسلمين على الرغم من كفرهم.

كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يقتل الأسرى، بل يمن على بعضهم ويفدي بعضهم بالمال، ولو كان عقاب الكفر هو القتل ما تركهم.

قبول الجزية من أهل الكتاب من اليهود والنصارى، بل وكذلك من المجوس، على الرغم من بقائهم على الكفر.

ومن هنا فإن القول بأن الجهاد في الإسلام شرع عقابا على الكفر والإلحاد، هو قول خال من الصحة، ولا دليل عليه، بل إن الأدلة على نقيضه كثيرة كثرة يصعب حصرها، فالإسلام نعم قد كره الكفر ولم يرضه الله لعباده، ولكن على الرغم من هذا لم يشرع القتال عقابا عليه، بل ترك حسابه إلى الله في الآخرة، حيث يكون عقابه، أما في الدنيا فإن الكافر مصون الدم والمال والعرض، ما لم يحارب الإسلام وأهله.

ثالثا. إذا كان الجهاد حربا ضد أصحاب العقائد الأخرى، فما سر دخول كثير منهم الإسلام، رغم ما حل بالمسلمين من ضعف؟!

إذا كان الجهاد حربا ضد أصحاب العقائد الأخرى، فما سر دخول كثير من أصحاب هذه العقائد اليوم في دين الله أفواجا رغم ما حل بالمسلمين من الضعف، وتوقفهم عن الجهاد القتالي؟ ولماذا لم يغير المسلمون عقيدتهم رغم كل الضغوط التي تمارس ضدهم في كل مكان، ورغم كل النكبات التي حلت بهم في الأندلس وروسيا ويوغوسلافيا وغيرها؟!

ففي بريطانيا: وكان يطلق عليها الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس لكثرة مستعمراتها في الهند وإفريقيا وآسيا وفي كل مكان حول العالم، رغم قوتها الهائلة لم تستطع أن تنشر عقائدها المسيحية في بلاد الإسلام وتغير عقيدة المسلمين؛ لأنها استخدمت قوتها العسكرية لبسط نفوذها وسيطرتها على الأرض، وما لبثت أن زالت قوتها؛ فزال أثرها عن تلك البلاد.

وماذا فعلت الشيوعية بالمسلمين؟ أبادوا خلال ربع قرن ستة وعشرين مليونا، وقد وقع في تركستان المسلمة ما يفوق بشاعة التتار، وكذلك فعلت يوغسلافيا الشيوعية بالمسلمين حتى أبادوا منهم مليونا، وتفكك الاتحاد السوفيتي، وزالت الشيوعية، وتفككت يوغسلافيا الشيوعية، وظل المسلمون على عقيدتهم.

ورغم ما تمتلكه أمريكا من قوة وعتاد ونفوذ ملء الجو والبحر والبر، فهي تحارب في كل مكان، وتضرب أي هدف على الظن والشبهة، فهل أفلحت هذه الدولة العظمى في فرض معتقداتها الصهيونية التي يحرص عليها صقور البنتاجون والطبقة الحاكمة، وعلى الرغم من ذلك ينتشر الإسلام انتشارا كبيرا في هذه الدولة العظمى، فعلى سبيل المثال بعد أحداث 11 سبتمبر يسلم أكثر من 5000 أمريكي بعد سماع محاضرة عن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة المطهرة، فهل يمتلك المسلمون قوة الآن لإجبار هؤلاء على اعتناق العقيدة الإسلامية؟! ويؤكد د. خوج مفرحه هذا، إذ يقرر أنه يدخل الإسلام شهريا 120: 130 شخصا عن طريق المركز الإسلامي في واشنطن.

وانتشار الإسلام قديما في آسيا وأوربا، وحديثا في أمريكا وفي كل مكان يكمن في عدله وسماحته، وليس في السيف كما يزعمون، وإليك بعض الأدلة:

في فتح مكة يقف الكفار أمام النبي - صلى الله عليه وسلم - ينتظرون ماذا يفعل بهم مقابل ما فعلوا به وبأصحابه من قبل، ولكن لرحمة النبي يقول لهم: "اذهبوا فأنتم الطلقاء" ويعفو عنهم، فإذا بهم يدخلون في دين الله أفواجا، ولم يجبرهم ولم يكرههم الرسول على الإسلام، لكنهم دخلوا في الإسلام قناعة برحمته وعدله.

سبب إسلام ثمامة بن أثال، وهو أن المسلمين أسروه وهو ما زال على الشرك،وعرض عليه النبي الإسلام فرفض، ثم عفا عنه النبي وأطلق سراحه، فرق قلب ثمامة لهذه المعاملة الكريمة ولهذه السماحة الفائقة، ثم عاد إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - مسلما مختارا وكانت الحبوب تذهب إلى قريش من اليمامة، وكان ثمامة سيد اليمامة فمنع عن قريش الحبوب، فاستعانت قريش برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترى ماذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم، أيضغط عليهم ويكرههم على الدخول في الإسلام حتى يسمح لهم بالحبوب؟ لا، لقد عاملهم بما عرف عنه من التسامح والرحمة، وأن )لا إكراه في الدين( وكتب إلى ثمامة أن يسمح بالحبوب أن تذهب إلى قريش، وهي التي فعلت به ما فعلت!!

فهل بعد هذه الحجج الدامغة يتقول متقول على الإسلام، زاعما أنه انتشر بالسيف والإكراه، ثم ما رأي هؤلاء الزاعمين في أن من أكره على شيء لا يلبث أن يتحلل منه إذا وجد الفرصة سانحة له، بل ويصبح حربا على هذا الذي أكره عليه وعلى الذين أكرهوه؛ ولكن التاريخ الصادق لم يرو لنا أن هذا حدث مع من أسلم من البلاد التي فتحها المسلمون.

فعندما فتح عمرو بن العاص مصر ترك قبط مصر على عقيدتهم، ولم يكره أحدا على الدخول في الإسلام، بل إنه ساعد القبط على استقرار شئونهم الدينية باستدعاء البطريق "بنيامين" الذي كان مختفيا وهاربا من بطش الرومان، وأعطاه الأمان؛ ليرعى شئون الأقباط دينيا في مصر.

ثم ما رأي هؤلاء في قول بعض المستشرقين المنصفين عن انتشار الإسلام، مثل المستشرقة الألمانية "زيجريد هونكة" قالت: "لقد أدت السماحة الإسلامية دورا حاسما في انتشار الإسلام، وذلك على العكس تماما من الزعم القائل بأنه قد انتشر بالنار والسيف"، وتقول: "لقد كان أتباع الديانات الأخرى - أي المسيحيون واليهود والصابئة والوثنيون - هم الذين لجئوا من تلقاء أنفسهم إلى اعتناق الإسلام".

وقول جوستاف لوبون: "ما عرف التاريخ فاتحا أعدل ولا أرحم من العرب".

فهل هناك رحمة وعدل أعظم من هذا؟ لذلك دخل أهل مصر في دين الله أفواجا، ثم ما رأي هؤلاء المفترين في حالة المسلمين لما ذهبت ريحهم، وانقسمت دولتهم الكبرى إلى دويلات وصاروا شيعا وأحزابا، وتعرضوا لمحن كثيرة في تاريخهم الطويل، مثل محنة التتار والصليبيين في القديم ودول الاستعمار في الحديث، وكل محنة من هذه المحن كانت كافية للمكرهين على الإسلام أن يتحللوا منه ويرتدوا عنه، فأين هم الذين ارتدوا عنه لعيب فيه؟!

إن كل الإحصائيات الرسمية لتدل على أن عدد المسلمين في ازدياد، على الرغم من كل ما نالهم من اضطهاد وما تعرضوا له من عوامل الإغراء، وقد خرجوا من هذه المحن بفضل عقيدتهم الإسلامية، وهم أصلب عودا وأقوى عزيمة على استرداد مجدهم التليد وعزتهم الموروثة.

بل ما رأي هؤلاء في الدول التي لم يدخلها مسلم مجاهد بسيفه، وإنما انتشر فيها الإسلام عن طريق العلماء والتجار والتجارة، كإندونيسيا والصين، وبعض أقطار أفريقيا وأوربا وأمريكا، فهل جرد المسلمون جيوشا أرغمت هؤلاء على الإسلام. ألا فليسألوا أحرار الفكر الذين أسلموا من أوربا وغيرها، وسيجدون عندهم النبأ اليقين!

لقد انتشر الإسلام في هذه الأقطار بسماحته ورحمته وعدله، وتوافقه مع العقول وانسجامه مع الفطر السليمة، وها نحن نرى كل يوم من يدخل الإسلام، وذلك على قلة ما يقوم به المسلمون من تعريف بالإسلام، ولو كنا نجرد للتعريف به عشر معشار ما يبذله الغربيون من جهد ومال في سبيل التبشير بدينهم وحضارتهم؛ لدخل في الإسلام ألوف الألوف كل عام؛ ولن ترى - إن شاء الله - من يحل عروة الإسلام من عنقه أبدا، مهما أنفقوا وأسرفوا في سبيل دعايتهم التبشرية، وبعثاتهم التعليمية والتنصيرية.

وأخيرا: تبين الحق لكل ذي عقل وقلب، وما إخالك - أيها القارئ المنصف والباحث عن الحقيقة - إلا ازددت يقينا بسماحة الإسلام وسماحة الرسول في الدعوة إليه، وأن ما ردده هؤلاء المشككون والمبشرون والمستشرقون ما هو إلا فرية كبرى وسراب وكذب، قال عز وجل: )كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا (5)( (الكهف).

الخلاصة:

·   الجهاد في الإسلام من الضرورات التي يلجأ إليها المسلمون حينما لا تكون هناك وسيلة غيرها، وهو لم يشرع للبطش والقهر، وإنما شرع لنشر الدين لا بالقوة - كما يدعي هؤلاء - وإنما بالحكمة والموعظة الحسنة، والدفاع عن النفس والعرض والمال والوطن، وكذلك للدفاع عن الدعوة إلى الله، وتحطيم كل قوة تهدد حرية اعتناق العقيدة وتفتن الناس عنها، وحماية المستضعفين من المسلمين، ونصرة المظلومين من أي دين، ولا مشاحة في ذلك.

·   مع مشروعية القتال في الإسلام، فإنه يخلو من أن يكون عقابا على الكفر الأصلي، فعلى الرغم من أن الكفر أعظم الذنوب، فالأمر موكول فيه إلى الله - عز وجل - يعاقب عليه في الآخرة، أما في الدنيا، فالكافر مصون دمه وماله وعرضه، إلا إذا حارب الإسلام والمسلمين.

·   إذا كان الجهاد شرع حربا على أصحاب العقائد الأخرى، من أجل ما هم عليه من عقائد كفرية - وهو ليس كذلك - فلماذا يدخل اليوم عدد كبير من أصحاب هذه العقائد في الإسلام مختارين غير مجبرين، وليس ثمة قتال ولا حرب باسم الإسلام؟ بل لماذا لم يرتد هؤلاء المكرهون عن هذا الدين الذي أجبرواعلى الدخول فيه؟ ولماذا لم يغير المسلمون عقيدتهم رغم كل الضغوط ومحاولات الإبادة الجماعية التي مارسها أعداؤهم ضدهم، لا شيء إلا أنهم يدينون بالإسلام الذي يعني الخضوع والاستسلام لله رب العالمين، عن اقتناع ورضا، لا عن جبر وإكراه؟

 

 



(*) سماحة الإسلام في الدعوة إلى الله والعلاقات الإنسانية: منهاجا وسيرة، د. عبد العظيم محمد المطعني، مكتبة وهبة، مصر، ط1، 1414هـ/ 1993م.

[1]. سماحة الإسلام في الدعوة إلى الله والعلاقات الإنسانية: منهاجا وسيرة، د. عبد العظيم محمد المطعني، مكتبة وهبة، مصر، ط1، 1414هـ/ 1993م، ص148.

[2]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند سعيد بن زيد (1652)، وأبو داود في سننه، كتاب السنة، باب في قتال اللصوص (4774)، وصححه الألباني في صحيح وضعيف ينن أبي داود (4772).

[3]. سماحة الإسلام، د. عمر بن عبد العزيز قريشي، مكتبة الأديب، السعودية، المكتبة الذهبية للنشر والترجمة، مصر، ط1، 1424هـ/ 2003م، ص154 بتصرف.

[4]. فقه السنة، السيد سابق، دار الفتح للإعلام العربي، القاهرة، ط2، 1419هـ/ 1999م، ج3، ص357.

[5]. نظرية الحرب في الإسلام، محمد أبو زهرة، دار الفكر العربي، القاهرة، ط1، 1425هـ/ 2004م، ص13.

[6]. سماحة الإسلام، د. عمر بن عبد العزيز قريشي، مكتبة الأديب، السعودية، المكتبة الذهبية للنشر والترجمة، مصر، ط1، 1424هـ/ 2003م، ص154 بتصرف.

[7]. سماحة الإسلام، د. عبد العظيم المطعني، مكتبة وهبة، مصر، ط1، 1414هـ/ 1993م، ص150،149.

[8]. سماحة الإسلام، د. عمر بن عبد العزيز قريشي، مكتبة الأديب، السعودية، المكتبة الذهبية للنشر والترجمة، مصر، ط1، 1424هـ/ 2003م، ص232 بتصرف.

[9]. سماحة الإسلام، د. عبد العظيم المطعني، مكتبة وهبة، مصر، ط1، 1414هـ/ 1993م، ص150.

[10]. فقه السنة، السيد سابق، دار الفتح للإعلام العربي، القاهرة، ط2، 1419هـ/ 1999م، ج3، ص259:257 بتصرف.

[11]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند المكيين، حديث رباح بن الربيع رضي الله عنه (16035)، وأبو داود في سننه، كتاب الجهاد، باب في قتل النساء (2671)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (2669).

read why women cheat on men want my wife to cheat
read go want my wife to cheat
wives that cheat women who want to cheat read here
click read dating site for married people
open read here black women white men
husbands who cheat women who cheat on husband my boyfriend cheated on me with a guy
viagra vison loss viagra uk buy online read
website why are women unfaithful redirect
website why some women cheat redirect
website why are women unfaithful redirect
read the unfaithful husband click here
مواضيع ذات ارتباط
السلام عليكم زائر
وضحتم لي وفقكم الله


أضف تعليقا
عنوان التعليق
نص التعليق
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء كاتبيها فقط ولا تعبر عن الموقع
 
 
 
  
المتواجدون الآن
  14992
إجمالي عدد الزوار
  36585239

الرئيسية

من نحن

ميثاق موقع البيان

خريطة موقع البيان

اقتراحات وشكاوي


أخى المسلم: يمكنك الأستفادة بمحتويات موقع بيان الإسلام لأغراض غير تجارية بشرط الإشارة لرابط الموقع