مرحبًا بكم فى موقع بيان الإسلام الرد على الافتراءات والشبهات
 بحث متقدم ...   البحث عن

الصفحة الرئيسية

ميثاق الموقع

أخبار الموقع

قضايا الساعة

اسأل خبيراً

خريطة الموقع

من نحن

الزعم أن الهدى في اتباع اليهودية دون سواها (*)

مضمون الشبهة:

يزعم اليهود أن الهدى والرشاد محصور فقط في اتباع ديانتهم دون سواها، وأنهم ليسوا في حاجة إلى غيرها من الأديان، وهم بهذا ينكرون أن شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - قد نسخت شريعة موسى - عليه السلام - ويدعون أن شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - خاصة بالعرب لا عامة للأمم كافة، وأن اليهودية فيها من العلم والشرع ما يكفي اليهود، ويغنيهم عن أي دين أو علم أو تشريع جديد.

وجوه إبطال الشبهة:

1) إلى أي هدى يدعون؟! أهدى التوراة المحرفة، أم التلمود المؤلف؟ هل الهدى في عبادة إله عاجز جاهل يصرعه الإنسان أم الإيمان بأنبياء قتلة ولصوص وزناة وخونة.. أهذا هو الهدى الذي ينبغي أن يتبع ولا يتبع سواه؟!

2) الإسلام هو الرسالة العامة الخاتمة الناسخة لما سبقها، ومحمد - صلى الله عليه وسلم - خاتم الرسل، وعندهم البشارة بذلك.

3) ما حال بضاعتهم المغشوشة وعلمهم المزعوم؟ وإلام يوجهان ويرشدان؟ وما حال النفوس الإنسانية المعاصرة، والتدني الأخلاقي، وصور الظلم والعنف، وصور القرن العشرين الدموية، إلا انعكاس لأسفار التوراة!!

التفصيل:

هذا من أبرز ما زعمت اليهود، وعليه أصرت، واستنادا إليه تأسس تاريخها في كل مراحله، حتى قيام كيانهم الصهيوني بفلسطين المحتلة الموصوف بأنه دولة دينية توراتية، فما حقيقة هذه المزاعم؟

أولا. إلى أي هدى يدعون وبه يتمسكون؟

هل هو هدى التوراة الحالية المحرفة منبتة الصلة - إلا قليلا منها مختلطا بتزييف طاغ - بما نزل على موسى عليه السلام؟! هل تريد دليلا آخر على مثل هذا الأمر الثابت المشتهر - نقصد تحريفهم للتوراة؟ تأمل إذن ما تختلقه هذه التوراة - هدى اليهود المزعوم - في حق الذات الإلهية - تعالى الله عما يقولون -: "لله أشكال متعددة في العهد القديم - التوراة - فهو في شكل سحاب ودخان، ونار، ورعد وإنسان، وكذلك قدراته محدودة وقريبة من قدرة الإنسان في بعض الأحيان، فعلى سبيل المثال وليس الحصر:

1.    الله سحاب ودخان ونار ورعد:

ففي سفر الخروج: "وكان الرب يسير أمامهم نهارا في عمود سحاب ليهديهم في الطريق، وليلا في عمود نار ليضيء لهم. لكي يمشوا نهارا وليلا. لم يبرح عمود السحاب نهارا وعمود النار ليلا من أمام الشعب". (الخروج 13: 21، 22). وفىه أيضا: "وكان في هزيع الصبح أن الرب أشرف على عسكر المصريين في عمود النار والسحاب، وأزعج عسكر المصريين، وخلع بكر مركباتهم حتى ساقوها بثقلة. فقال المصريون: «نهرب من إسرائيل، لأن الرب يقاتل المصريين عنهم»". (الخروج 14: 24، 25). وفىه أيضا: "فقال الرب لموسى: ها أنا آت إليك في ظلام السحاب؛ لكي يسمع الشعب حينما أتكلم معك، فيؤمنوا بك أيضا إلى الأبد... وكان جبل سيناء كله يدخن من أجل أن الرب نزل عليه بالنار، وصعد دخانه كدخان الأتون، [1] وارتجف كل الجبل جدا. فكان صوت البوق يزداد اشتدادا جدا، وموسى يتكلم والله يجيبه بصوت". (الخروج 19: 9 - 19).

2.    الله في صورة إنسان وبقدراته:

وقد ظهر الرب بصورة إنسان وبقدراته المحدودة في النصوص التالية:

ففي سفر التكوين: "سافك دم الإنسان بالإنسان يسفك دمه. لأن الله على صورته عمل الإنسان. فأثمروا أنتم واكثروا وتوالدوا في الأرض وتكاثروا فيها". (التكوين 9: 6، 7).

وفىه أيضا: "ورأى الرب أن شر الإنسان قد كثر في الأرض، وأن كل تصور أفكار قلبه إنما هو شرير كل يوم. فحزن الرب أنه عمل الإنسان في الأرض، وتأسف في قلبه". (التكوين 6: 5 - 7).

وفىه أيضا: "وقال الرب في قلبه: "لا أعود ألعن الأرض أيضا من أجل الإنسان، لأن تصور قلب الإنسان شرير منذ حداثته. ولا أعود أيضا أميت كل حي كما فعلت. مدة كل أيام الأرض: زرع وحصاد، وبرد وحر، وصيف وشتاء، ونهار وليل، لا تزال". (التكوين 8: 21، 22).

3.    الله يظهر لإبراهيم كرجل يمشي ويستريح ويأكل الطعام:

فجاء في سفر التكوين: "وظهر له الرب عند بلوطات ممرا وهو جالس في باب الخيمة وقت حر النهار، فرفع عينيه ونظر وإذا ثلاثة رجال واقفون لديه. فلما نظر ركض لاستقبالهم من باب الخيمة وسجد إلى الأرض، وقال: «يا سيد، إن كنت قد وجدت نعمة في عينيك فلا تتجاوز عبدك. ليؤخذ قليل ماء واغسلوا أرجلكم واتكئوا تحت الشجرة، فآخذ كسرة خبز، فتسندون قلوبكم ثم تجتازون، لأنكم قد مررتم على عبدكم». فقالوا: «هكذا تفعل كما تكلمت». فأسرع إبراهيم إلى الخيمة إلى سارة، وقال: «أسرعي بثلاث كيلات دقيقا سميذا. اعجني واصنعي خبز ملة». ثم ركض إبراهيم إلى البقر وأخذ عجلا رخصا وجيدا وأعطاه للغلام فأسرع ليعمله. ثم أخذ زبدا ولبنا، والعجل الذي عمله، ووضعها قدامهم. وإذ كان هو واقفا لديهم تحت الشجرة أكلوا وقالوا له: «أين سارة امرأتك؟» فقال: «ها هي في الخيمة». فقال: «إني أرجع إليك نحو زمان الحياة ويكون لسارة امرأتك ابن». وكانت سارة سامعة في باب الخيمة وهو وراءه. وكان إبراهيم وسارة شيخين متقدمين في الأيام، وقد انقطع أن يكون لسارة عادة كالنساء. فضحكت سارة في باطنها قائلة: «أبعد فنائي يكون لي تنعم، وسيدي قد شاخ؟» فقال الرب لإبراهيم: «لماذا ضحكت سارة قائلة: أفبالحقيقة ألد وأنا قد شخت؟ هل يستحيل على الرب شيء؟ في الميعاد أرجع إليك نحو زمان الحياة ويكون لسارة ابن». فأنكرت سارة قائلة: «لم أضحك». لأنها خافت. فقال: «لا! بل ضحكت» ثم قام الرجال من هناك وتطلعوا نحو سدوم. وكان إبراهيم ماشيا معهم ليشيعهم. فقال الرب: «هل أخفي عن إبراهيم ما أنا فاعله، وإبراهيم يكون أمة كبيرة وقوية، ويتبارك به جميع أمم الأرض؟ لأني عرفته لكي يوصي بنيه وبيته من بعده أن يحفظوا طريق الرب، ليعملوا برا وعدلا، لكي يأتي الرب لإبراهيم بما تكلم به». وقال الرب: «إن صراخ سدوم وعمورة قد كثر، وخطيتهم قد عظمت جدا. أنزل وأرى هل فعلوا بالتمام حسب صراخها الآتي إلي، وإلا فأعلم». وانصرف الرجال من هناك وذهبوا نحو سدوم، وأما إبراهيم فكان لم يزل قائما أمام الرب". (التكوين 18: 1ـ 22).

وجاء في سفر الخروج: "هو بيني وبين بني إسرائيل علامة إلى الأبد. لأنه في ستة أيام صنع الرب السماء والأرض، وفي اليوم السابع استراح وتنفس". (الخروج 31: 17)، وجاء فىه أيضا: "كلم بني إسرائيل أن يأخذوا لي تقدمة. من كل من يحثه قلبه تأخذون تقدمتي. وهذه هي التقدمة التي تأخذونها منهم: ذهب وفضة ونحاس، وأسمانجوني وأرجوان وقرمز وبوص وشعر معزى، وجلود كباش محمرة وجلود تخس وخشب سنط، وزيت للمنارة وأطياب لدهن المسحة وللبخور العطر، وحجارة جزع وحجارة ترصيع للرداء والصدرة. فيصنعون لي مقدسا لأسكن في وسطهم. بحسب جميع ما أنا أريك من مثال المسكن، ومثال جميع آنيته هكذا تصنعون. فيصنعون تابوتا من خشب السنط، طوله ذراعان ونصف، وعرضه ذراع ونصف، وارتفاعه ذراع ونصف. وتغشيه بذهب نقي. من داخل ومن خارج تغشيه، وتصنع عليه إكليلا من ذهب حواليه. وتسبك له أربع حلقات من ذهب، وتجعلها على قوائمه الأربع. على جانبه الواحد حلقتان، وعلى جانبه الثاني حلقتان. وتصنع عصوين من خشب السنط وتغشيهما بذهب. وتدخل العصوين في الحلقات على جانبي التابوت ليحمل التابوت بهما. تبقى العصوان في حلقات التابوت. لا تنزعان منها. وتضع في التابوت الشهادة التي أعطيك... وأنا أجتمع بك هناك وأتكلم معك، من على الغطاء من بين الكروبين اللذين على تابوت الشهادة، بكل ما أوصيك به إلى بني إسرائيل". (الخروج 25: 2 - 22).

وفي سفر الخروج أيضا: "ثم صعد موسى وهارون وناداب وأبيهو وسبعون من شيوخ إسرائيل، ورأوا إله إسرائيل، وتحت رجليه شبه صنعة من العقيق الأزرق الشفاف، وكذات السماء في النقاوة. ولكنه لم يمد يده إلى أشراف بني إسرائيل. فرأوا الله وأكلوا وشربوا". (خروج 24: 9ـ 11).

4.    يعقوب يصارع الله، وهو في هيئة إنسان:

في سفر التكوين: "فبقي يعقوب وحده، وصارعه إنسان حتى طلوع الفجر. ولما رأى أنه لا يقدر عليه، ضرب حق فخذه، فانخلع حق فخذ يعقوب في مصارعته معه. وقال: أطلقني، لأنه قد طلع الفجر. فقال: لا أطلقك إن لم تباركني. فقال له: ما اسمك؟ فقال: يعقوب. فقال: لا يدعى اسمك في ما بعد يعقوب، بل إسرائيل، لأنك جاهدت مع الله والناس وقدرت. وسأل يعقوب وقال: أخبرني باسمك. فقال: لماذا تسأل عن اسمي؟ وباركه هناك". (التكوين 32: 24 - 29).

هل يعقل أن يعرف يعقوب الله، والله بنفسه لا يعرف اسم يعقوب، ولذلك سأله: ما اسمك؟!

5.    الله ينزل إلى الأرض بنفسه ليتحقق من المظالم:

ففي سفر التكوين: "وقال الرب: إن صراخ سدوم وعمورة قد كثر، وخطيتهم قد عظمت جدا. أنزل وأرى هل فعلوا بالتمام حسب صراخها الآتي إلي، وإلا فأعلم". (التكوين 18: 20، 21).

6.    الله يحتاج إلى علامات توضع على منازل بني إسرائيل؛ ليميزها عن منازل المصريين فلا يضرهم:

وفي سفر الخروج: "ثم يذبحه كل جمهور جماعة إسرائيل في العشية. ويأخذون من الدم ويجعلونه على القائمتين والعتبة العليا في البيوت التي يأكلونه فيها. ويأكلون اللحم تلك الليلة مشويا بالنار مع فطير. على أعشاب مرة يأكلونه. لا تأكلوا منه نيئا أو طبيخا مطبوخا بالماء، بل مشويا بالنار. رأسه مع أكارعه وجوفه. ولا تبقوا منه إلى الصباح. والباقي منه إلى الصباح، تحرقونه بالنار. وهكذا تأكلونه: أحقاؤكم مشدودة، وأحذيتكم في أرجلكم، وعصيكم في أيديكم. وتأكلونه بعجلة. هو فصح للرب. فإني أجتاز في أرض مصر هذه الليلة، وأضرب كل بكر في أرض مصر من الناس والبهائم. وأصنع أحكاما بكل آلهة المصريين. أنا الرب. ويكون لكم الدم علامة على البيوت التي أنتم فيها، فأرى الدم وأعبر عنكم، فلا يكون عليكم ضربة للهلاك حين أضرب أرض مصر". (الخروج 12: 6 - 13).

7.    تكاليف الرب لأنبيائه:

في سفر الخروج: "فحمي غضب الرب على موسى وقال: أليس هارون اللاوي أخاك؟ أنا أعلم أنه هو يتكلم، وأيضا ها هو خارج لاستقبالك. فحينما يراك يفرح بقلبه، فتكلمه وتضع الكلمات في فمه، وأنا أكون مع فمك ومع فمه، وأعلمكما ماذا تصنعان. وهو يكلم الشعب عنك. وهو يكون لك فما، وأنت تكون له إلها". (الخروج 4: 14ـ 16). وفىه أيضا: "انظر! أنا جعلتك إلها لفرعون. وهارون أخوك يكون نبيك". (الخروج 7: 1).

وفي سفر إرميا: "فقلت: «آه، يا سيد الرب، إني لا أعرف أن أتكلم لأني ولد». فقال الرب لي: «لا تقل إني ولد، لأنك إلى كل من أرسلك إليه تذهب وتتكلم بكل ما آمرك به. لا تخف من وجوههم، لأني أنا معك لأنقذك، يقول الرب». ومد الرب يده ولمس فمي، وقال الرب لي: «ها قد جعلت كلامي في فمك. انظر! قد وكلتك هذا اليوم على الشعوب وعلى الممالك، لتقلع وتهدم وتهلك وتنقض وتبني وتغرس". (إرميا 1: 6ـ 10).

وفي سفر يشوع: "وكان بعد موت موسى عبد الرب أن الرب كلم يشوع بن نون خادم موسى قائلا: «موسى عبدي قد مات. فالآن قم اعبر هذا الأردن أنت وكل هذا الشعب إلى الأرض التي أنا معطيها لهم أي لبني إسرائيل...". (يشوع 1: 1ـ 6).

8.    عندما يغضب الرب في العهد القديم:

في سفر صموئيل الثاني: "وكلم داود الرب بكلام هذا النشيد في اليوم الذي أنقذه فيه الرب من أيدي كل أعدائه ومن يد شاول، فقال: "الرب صخرتي وحصني ومنقذي... أدعو الرب الحميد فأتخلص من أعدائي... في ضيقي دعوت الرب، وإلى إلهي صرخت، فسمع من هيكله صوتي، وصراخي دخل أذنيه. فارتجت الأرض وارتعشت. أسس السماوات ارتعدت وارتجت، لأنه غضب. صعد دخان من أنفه، ونار من فمه أكلت. جمر اشتعلت منه. طأطأ السماوات ونزل، وضباب تحت رجليه... أرعد الرب من السماوات، والعلي أعطى صوته. أرسل سهاما فشتتهم، برقا فأزعجهم. فظهرت أعماق البحر، وانكشفت أسس المسكونة من زجر الرب، من نسمة ريح أنفه. أرسل من العلى فأخذني، نشلني من مياه كثيرة. أنقذني من عدوي القوي، من مبغضي لأنهم أقوى مني". (صموئيل الثاني 22: 1 - 18).

وفي سفر الخروج: "وأنا أرسل أمامك ملاكا، وأطرد الكنعانيين والأموريين والحثيين والفرزيين والحويين واليبوسيين. إلى أرض تفيض لبنا وعسلا. فإني لا أصعد في وسطك لأنك شعب صلب الرقبة، لئلا أفنيك في الطريق. فلما سمع الشعب هذا الكلام السوء ناحوا ولم يضع أحد زينته عليه. وكان الرب قد قال لموسى: قل لبني إسرائيل: أنتم شعب صلب الرقبة. إن صعدت لحظة واحدة في وسطكم أفنيتكم. ولكن الآن اخلع زينتك عنك فأعلم ماذا أصنع بك". (الخروج 33: 2 - 5).

مما سبق، وعلى الرغم من هذه الصفات غير اللائقة لإله بني إسرائيل - كما هو مذكور في العهد القديم - مما لا يتوافق بالمرة مع أوصاف الله في القرآن الكريم، إلا أن الحق قد ظهر بين سطور هذا العهد، في سفر الخروج: "فقال: «أرني مجدك». فقال: «أجيز كل جودتي قدامك. وأنادي باسم الرب قدامك. وأتراءف على من أتراءف، وأرحم من أرحم». وقال: «لا تقدر أن ترى وجهي، لأن الإنسان لا يراني ويعيش». وقال الرب: «هوذا عندي مكان، فتقف على الصخرة»". (الخروج 33: 18ـ 21).

وفي هذا الإصحاح السابق ينسى كل ما جاء في وصف الله - عز وجل - في صورة الإنسان، حيث إنه قابل إبراهيم، وصارع يعقوب، وتكلم مع يوشع وأرميا، كما أن شعب بني إسرائيل رأوه جهرة، وأكلوا وشربوا أمامه، وهو يتعارض كلية مع ما ورد من أن الذي يرى وجه الرب لا يعيش، وقد صحح القرآن الكريم هذه القصص جميعها في الآيات الآتية: )وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك( (الأعراف: 143)، )يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم ثم اتخذوا العجل( (النساء: 153)، )واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا فلما أخذتهم الرجفة( (الأعراف: 155).

ولما عبد الإسرائيليون العجل أخذ سيدنا موسى سبعين رجلا من بني إسرائيل لم يعبدوا العجل لميقات ربه، ليعتذروا عن قومهم، وعن سفاهاتهم من مثل طلبهم من سيدنا موسى أن يروا الله جهرة، وهذا يدل على أن السبعين رجلا من بني إسرائيل قد صعقوا، ولم يروا الله كما ادعوا، ولم يأكلوا أمامه كما هو مذكور في سفر التكوين.

وعلى سبيل المثال، نجد في القرآن أيضا تحقيق قصة سيدنا إبراهيم مع ضيوفه الملائكة، نجد في العهد القديم أن أحد الضيوف الثلاثة هو الله نفسه، غسل قدمه واستراح تحت الشجرة، وأكل وشرب، بينما في القرآن القصة مذكورة في سورة هود: )ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام فما لبث أن جاء بعجل حنيذ (69) فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط (70)( (هود).

وهذا مخالف لما جاء في العهد القديم، فالملائكة لم يأكلوا ولم يشربوا، وهم الذين بشروا سيدنا إبراهيم ليس بإسحاق فقط، ولكن بشر أن بعد إسحاق يعقوب، وهذا تحقيق لا يمكن لبشر أن يدعيه[2].

أإله بهذه الأوصاف يستحق أن يعبد وأن تلتزم شريعته، ولا يحيد[3] عنها بشر إلى شريعة تنزه الله بما يليق به من الكمالات التي أوجزها القرآن في بلاغته الرائعة، بقوله سبحانه وتعالى: )ليس كمثله شيء( (الشورى: 11)؟!

هذه طبيعة نظرتهم في شريعتهم لمقام الألوهية، فكيف يا ترى تكون هذه النظرة لمقام النبوة؟ يتبادر إلى الذهن بل يقفز مباشرة عند سماع هذا السؤال القول الشائع عن اليهود، وبني إسرائيل أنهم "قتلة الأنبياء".

عن الصورة العامة لأنبياء العهد القديم يحدثنا الأستاذ أحمد عبد الوهاب قائلا: "لقد أولى الكثير من العلماء موضوع الأنبياء في العهد القديم - ما يستحقه من دراسة وتمحيص، ومن أمثلة لبعض الدراسات الجادة في هذا الموضوع ما قام به إريك ويليام هيتون في كتابه "أنبياء العهد القديم"، ولقد عالج هيتون في دراسته عدة نقاط منها: لفظ النبي، الذي استخدم بكثرة في أسفار العهد القديم، ومدلول هذا اللفظ والأنبياء الحقيقيين والأنبياء المحترفين الكذابين الذين ازدحمت بهم إسرائيل، وخاصة في القرنين الثامن والسابع قبل الميلاد - ومظاهر النبوة ووسائل التنبؤ، وغير ذلك مما يتعلق بهذا الموضوع.

ورغم أن هيتون ركز في دراسته على أنبياء العهد القديم ابتداء من موسى، ومن جاء بعده.. فسوف نعرض لشيء من دراسة هيتون باعتبارها مدخلا مناسبا لدراسة الأنبياء في العهد القديم، وذلك مع التعليق عليها وتطويرها، بما يجعل حقيقة النبوة والنبيين في صورتها العامة أكثر وضوحا.

يقول هيتون: لا يمضي الإنسان بعيدا في قراءة أسفار الأنبياء دون أن تقابله فقرة كهذه: "هكذا قال رب الجنود: لا تسمعوا لكلام الأنبياء الذين يتنبأون لكم، فإنهم يجعلونكم باطلا. يتكلمون برؤيا قلبهم لا عن فم الرب". (إرميا 16: 23).

إن مثل هذ التشهير بالأنبياء على لسان أحدهم، ليوقعنا في أشد الحيرة، ما لم نعلم أن ألفاظا مثل: نبي، ويتنبأ، لها معان واسعة جدا في أسفار العهد القديم، إن الظاهرة المشتركة لكل الأنبياء في العالم القديم هي دعواهم أنهم كانوا يتكلمون بسلطان من إلههم، وكان النبي هو الشخص الذي تكلم بالنيابة عن إلهه. ولقد استخدم لفظ "النبي" دون تحفظ حتى إنه أطلق على أولئك الذين تكلموا باسم آلهة الوثنيين. ولهذا فإن دارس أسفار العهد القديم يواجه ضرورة التمييز بين الأنواع المختلفة من الأنبياء، وأن يعرف الصفات التي تجمعهم غير لفظ النبي الذي وصفوا به، وادعاء كل منهم أنه يتكلم بسلطان إلهي.

ومن الواضح أنه لا يوجد معيار حقيقي لتمييز حقيقة الظواهر التي اقترنت بكل من الأنبياء الحقيقيين والأنبياء الكذابين، ويتبين ذلك مما نقرؤه في سفرالتثنية: "إذا قام في وسطك نبي أو حالم حلما، وأعطاك آية أو أعجوبة، ولو حدثت الآية أو الأعجوبة التي كلمك عنها قائلا: لنذهب وراء آلهة أخرى لم تعرفها ونعبدها، فلا تسمع لكلام ذلك النبي أو الحالم ذلك الحلم، لأن الرب إلهكم يمتحنكم لكي يعلم هل تحبون الرب إلهكم من كل قلوبكم ومن كل أنفسكم". (التثنية 13: 1 - 3).

لقد لمس هيتون كبد الحقيقة حين بين هنا - بناء على دراسته وفهمه لأسفار العهد القديم - أن أي محاولة لربط النبوة الحقيقية بحدوث خوارق وظواهر غير عادية، أو بصيغة أخرى بمعجزات مادية، هو في الواقع وهم وظنون لا تغني عن الحق شيئا في هذا المقام، وأن النبوة الحقة لا يمكن الحكم عليها إلا بصدق العقيدة التي تقوم على التوحيد الخالص وطهر السلوك والبذل وغير ذلك من جميع الصفات الكريمة"[4].

هذه هي عقيدة اليهود في الله وفي الأنبياء، كلها كما هو واضح تناقضات وافتراءات وتخاريف عقول فاسدة غير منضبطة.

أما عن التشريعات اليهودية فحدث ولا حرج عن سخافاتهم وضلالاتهم التي لا يقبلها عقل سليم، فعلى سبيل المثال: إذا أردنا أن نعرف طبيعة نظرة توراتهم - التي يزعمون أن الهدى في اتباعها دون غيرها - لمسألة المرأة فإننا نجد ما لا يتفق مع المنطق، ولكننا نجد كل ما يخالف الفطرة السوية والعقول السليمة، كما نلاحظ الفرق الشاسع بين مكانة المرأة في الإسلام وتكريمه لها وإعلائه لمنزلتها أما وزوجة وابنة... إلخ، بصورة غايرت ما قبله وسمت على ما بعده، وبين منزلتها في العهد القديم وطبيعة النظرة العنصرية إليها:

 "ومن ذلك لا يخطئ اليهودي إذا اغتصب امرأة مسيحية، فزواج المسيحيين هو من قبيل وطء الحيوانات لبعضها.. قال موسى: لا تشته امرأة قريبك، فمن يزن بامرأة قريبه يستحق الموت.. ولكن التلمود لا يعتبر القريب إلا اليهودي فقط، فإتيان زوجات الأجانب جائز، واستنتج من ذلك الحاخام رشى أن اليهودي لا يخطئ إذا تعدى على عرض الأجنبي؛ لأن كل عقد نكاح عند الأجانب فاسد؛ لأن المرأة التي لم تكن من بني إسرائيل كبهيمة، والعقد لا يوجد في البهائم وما شاكلها. وقد أجمع على هذا الرأي الحاخامات بشاي وليفى وجرسون، فلا يرتكب اليهودي محرما إذا أتى امرأة مسيحية. وقال ميمانود: إن لليهود الحق في اغتصاب النساء غير المؤمنات، أي غير اليهوديات!!

وقال الحاخام تام الذي كان في الجيل الثالث عشر بفرنسا: إن الزنا بغير اليهود ذكورا كانوا أو إناثا لا عقاب عليه؛ لأن الأجانب من نسل الحيوانات.

ولذلك صرح الحاخام المذكور ليهودية أن تتزوج بمسيحي تهود مع أنها كانت رفيقة له غير شرعية قبل الزواج، فاعتبر العلاقات الأصلية كأنها لم تكن؛ لأنها أشبه شيء بنكاح الحيوانات!!

وجاء في التلمود: إن من رأى أنه يجامع والدته فسيؤتى الحكمة، بدليل ما جاء في كتاب الأمثال: إن الحكمة تدعى والدة، ومن يرى أنه جامع خطيبته فهو محافظ على الشريعة، ومن يرى أنه جامع أخته فمن نصيبه نور العقل، ومن يرى أنه جامع امرأة قريبة فله الحياة الأبدية.

نناشدك الله أيها القارئ، إذا كانت تلك هي القواعد الأدبية أفلا يتمنى الإنسان بعد ذلك أن يرى تلك الأحلام حقيقة، ويترقى من هذه إلى تلك؛ لأنه إن كانت نتيجة الأحلام بالكيفية المشروحة، فما بالك بالحقيقية؟ وقال الرابي كرونر: إن التلمود يصرح للإنسان - يعني اليهودي - أن يسلم نفسه للشهوات إذا لم يمكنه أن يقاومها، ولكنه يلزم أن يفعل ذلك سرا لعدم الغدر بالديانة!! وذكر في التلمود عن كثير من الحاخامات كالرابي راب، ونحمان: أنهم كانوا ينادون في المدن التي يدخلونها عما إذا كان يوجد فيها امرأة تريد أن تسلم نفسها لهم مدة أيام. وجاء في التلمود أيضا عن الرابي العيازر أنه فتك بكل نساء الدنيا، وأنه سمع مرة أن واحدة تطلب صندوقا ملآن من الذهب حتى تسلم نفسها لمن يعطيها إياه، فحمل الصندوق وعدى سبعة شلالات حتى وصل لها.. ولنضرب صفحا عن باقي القصة؛ لأنها مخلة بالآداب.

ومن الأمور المذمومة أنه جاء في آخر القصة أنه: لما توفـي هذا الحاخام صرخ الله من السماء قائلا: تحصل الرابي اليعازر على الحياة الأبدية!!

وليس للمرأة اليهودية أن تبدي أدنى شكوى - على زعم التلمود - إذا زنى زوجها في المسكن المقيم معها، ولما قال الحاخام يوحنا: إن اللواط بالزوجة غير جائز عارضوه في ذلك قائلين: إن الشرع لم يحرم هذا الأمر، بل قال إنه لا يخطئ اليهودي مهما فعل مع زوجته، وأية طريقة اتبعها نحوها بأمر الزواج، فهي له بالنسبة للاستمتاع بها كقطعة لحمة اشتراها من الجزار، يمكنه أكلها مسلوقة أو مشوية على حسب رغبته، ويضربون لذلك مثلا: أن امرأة حضرت إلى الحاخام وشكت له أن زوجها يأتيها على خلاف العادة، فأجابها: لا يمكنني أن أمنعه عن هذه المسألة يا ابنتي؛ لأن الشرع قدمك قودا لزوجك"[5].

ومن تشريعاتهم الشاذة في شأن المرأة أيضا ما يرويه الإمام ابن القيم تحت عنوان "من شريعتهم نكاح امرأة الأخ أو العار.. " قائلا: وأذكر لك مسألة من مسائل شرعهم المبدل، أو المنسوخ، تعرف بمسألة "البياما والجالوس" وهي أن عندهم في التوراة: "إذا سكن إخوة معا ومات واحد منهم وليس له ابن، فلا تصر امرأة الميت إلى خارج لرجل أجنبي. أخو زوجها يدخل عليها ويتخذها لنفسه زوجة، ويقوم لها بواجب أخي الزوج. والبكر الذي تلده يقوم باسم أخيه الميت، لئلا يمحى اسمه من إسرائيل. وإن لم يرض الرجل أن يأخذ امرأة أخيه، تصعد امرأة أخيه إلى الباب إلى الشيوخ وتقول: قد أبى أخو زوجي أن يقيم لأخيه اسما في إسرائيل. لم يشأ أن يقوم لي بواجب أخي الزوج. فيدعوه شيوخ مدينته ويتكلمون معه. فإن أصر وقال: لا أرضى أن أتخذها. تتقدم امرأة أخيه إليه أمام أعين الشيوخ، وتخلع نعله من رجله، وتبصق في وجهه، وتصرح وتقول: هكذا يفعل بالرجل الذي لا يبني بيت أخيه. فيدعى اسمه في إسرائيل: بيت مخلوع النعل". (التثنية 25: 5 - 10).

وفي هذا كله لتلجئه إلى نكاحها؛ لأنه إذا علم أنه قد فرض على المرأة وعليه ذلك فربما استحيا وخجل من شيل نعله من رجله، والبصق في وجهه ونبزه باللقب المستكره الذي يبقي عليه وعلى أولاده عارا، ولم يجد بدا من نكاحها، فإن كان من الزهد فيها والكراهة لها بحيث يرى أن هذا كله أسهل عليه من أن يبتلى بها وهان عليه هذا كله في التخلص منها، لم يكره على نكاحها، هذا عندهم في التوراة.

ونشأ لهم من ذلك فرع مرتب عليه، وهو: أن يكون مريدا للمرأة محبا لها، وهي في غاية الكراهة له، فأحدثوا لهذا الفرع حكما في غاية الظلم والفضيحة، فإذا جاءت إلى الحاكم أحضروه معها ولقنوها أن تقول: إن حموي لا يقيم لأخيه اسما في بني إسرائيل، ولم يرد نكاحي، وهو عاشق لها - فيلزمونها بالكذب عليه، وأنها أرادته فامتنع - فإذا قالت ذلك ألزمه الحاكم أن يقوم ويقول: ما أردت نكاحها، ونكاحها غاية سؤله وأمنيته، فيأمرونه بالكذب عليها - فيخرج نعله من رجله إلا أنه لا مسك هنا ولا ضرب، بل يبصق في وجهه، وينادى عليه: هذا جزاء من لا يبني بيت أخيه، فلم يكفهم أن كذبوا عليه حتى أقاموه مقام الخزي، وألزموه بالكذب، والبصاق في وجهه، والعتاب على ذنب جره غيره، كما قيل:

وجرم جره سفهاء قوم

 

وحل بغير جارمه العذاب

أفلا يستحيي من تعيير المسلمين من هذا شرعه ودينه" [6]؟!

ثانيا. شريعة - محمد صلى الله عليه وسلم - خاتمة ناسخة لما قبلها، وعندهم البشارة بذلك:

فقد كان علماء اليهود يعرفون النبي - صلى الله عليه وسلم - كما يعرفون أبنائهم، ويعلمون أنه النبي الخاتم للرسالات، يقول ابن القيم: "وأما اليهود فقد كان علماؤهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، قال ابن إسحاق: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة، عن شيخ من بني قريظة، قال: هل تدري عما كان إسلام أسد وثعلبة ابني شعبة وأسد بن عبيد، لم يكونوا من بني قريظة، ولا النضير، كانوا فوق ذلك؟ فقلت: لا، قال: فإنه قدم علينا رجل من الشام من اليهود يقال له "ابن الهيبان" فأقام عندنا، والله ما رأينا رجلا يصلي خيرا منه، فقدم علينا قبل مبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسنتين، فكنا إذا قحطنا وقل علينا المطر نقول: يا ابن الهيبان اخرج فاستسق لنا، فيقول: لا والله حتى تقدموا أمام مخرجكم صدقة، فنقول: كم؟ فيقول: صاعا من تمر، أو مدين من شعير، فنخرجه.

ثم يخرج إلى ظاهر حرتنا ونحن معه نستسقي، فوالله ما يقوم من مجلسه حتى تمطر ويمر بالشعاب، قد فعل ذلك غير مرة ولا مرتين ولا ثلاث، فحضرته الوفاة واجتمعنا إليه، فقال: يا معشر يهود، أترون ما أخرجني من أرض الخمر والخمير إلى أرض البؤس والجوع؟ قالوا: أنت أعلم، قال: فإني إنما خرجت أتوقع نبيا، قد أظل زمانه، هذه البلاد مهاجره، فاتبعوه ولا يسبقن إليه غيركم إذا خرج، يا معشر اليهود فإنه يبعث بسفك الدماء وسبي الذراري والنساء ممن يخالفه، فلا يمنعكم ذلك منه، ثم مات، فلما كانت الليلة التي فتحت فيها قريظة، قال أولئك الثلاثة الفتية، وكانوا شبانا أحداثا: يا معشر اليهود، والله إنه للذي ذكر لكم ابن الهيبان، فقالوا: ما هو به، قالوا: بلى، والله إنه لصفته، ثم نزلوا وأسلموا وخلوا أموالهم وأهليهم. قال ابن إسحاق: وكانت أموالهم في الحصن مع المشركين، فلما فتح ردت عليهم.

وقال ابن إسحاق: حدثني صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن محمود بن لبيد، قال: كان بين أبياتنا يهودي فخرج على نادي قومه بني عبد الأشهل ذات غداة، فذكر البعث والقيامة والجنة والنار والحساب والميزان، قال ذلك لأصحاب وثن لا يرون أن بعثا كائن بعد الموت، وذلك قبيل مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: ويحك يا فلان! وهذا كائن أن الناس يبعثون بعد موتهم إلى دار فيها جنة ونار، يجزون بأعمالهم؟! قال: نعم، والذي يحلف به لوددت أن حظي من تلك النار أن توقدوا أعظم تنور في داركم فتحمونه، ثم تقذفونني فيه، ثم تطبقون علي، وأنى أنجو من النار غدا، فقيل: يا فلان ما علامة ذلك؟ قال: نبي يبعث من ناحية هذه البلاد، وأشار بيده نحو مكة واليمن، قالوا: فمتى نراه؟ فرمى بطرفه فرآني وأنا مضطجع بفناء باب أهلي، وأنا أحدث القوم، فقال: إن يستنفذ هذا الغلام عمره يدركه، فما ذهب الليل والنهار حتى بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم.

قال ابن إسحاق: وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة، قال: حدثني أشياخ منا قالوا: لم يكن أحد من العرب أعلم بشأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منا، كان معنا يهود، وكانوا أهل كتاب، وكنا أصحاب وثن، وكنا إذا بلغنا منهم ما يكرهون، قالوا: إن نبيا مبعوثا الآن قد أظل زمانه نتبعه فنقتلكم قتل عاد وإرم، فلما بعث الله عز وجل رسوله - صلى الله عليه وسلم - اتبعناه وكفروا به، ففينا وفيهم أنزل الله سبحانه وتعالى: )وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين (89)( (البقرة).

وذكر الحاكم وغيره عن ابن أبي نجيح عن علي الأزدي، قال: كانت اليهود تقول: اللهم ابعث لنا هذا النبي يحكم بيننا وبين الناس، وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: كانت يهود خيبر تقاتل غطفان، فلما التقوا هزمت يهود خيبر، فعاذت اليهود بهذا الدعاء، فقالت: اللهم إنا نسألك بحق محمد النبي الأمي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان، إلا نصرتنا عليهم، قال: فكانوا إذا التقوا دعوا بهذا الدعاء، فهزموا غطفان، فلما بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - كفروا به، فأنزل الله سبحانه وتعالى: )وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا( (البقرة: 89) يعني بك يا محمد: )فلعنة الله على الكافرين (89)( (البقرة) يستفتحون: أي يستنصرون.

وذكر الحاكم وغيره أن بني النضير لما أجلوا[7] من المدينة أقبل عمرو بن سعد، فأطاف بمنازلهم فرأى خرابها ففكر ثم رجع إلى بني قريظة فوجدهم في الكنيسة، فنفخ في بوقهم فاجتمعوا، فقال الزبير بن باطا: يا أبا سعد، أين كنت منذ اليوم فلم نرك؟ وكان لا يفارق الكنيسة، وكان عزيزا في اليهودية.

قال: رأيت اليوم عبرا اعتبرنا بها، رأيت إخواننا قد جلوا بعد ذلك العز والجلد، والشرف الفاضل والعقل البارع، قد تركوا أموالهم، وملكها غيرهم وخرجوا خروج ذل، ولا والتوراة ما سلط هذا على قوم قط لله بهم حاجة، وقد أوقع قبل بابن الأشرف في عزة بنيانه في بيته آمنا، وأوقع بابن سنينة سيدهم، وأوقع ببني قينقاع فأجلاهم وهم جل اليهود، وكانوا أهل عدة وسلاح ونجدة - حصرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يخرج إنسان منهم رأسه حتى سباهم فكلم فيهم فتركهم على أن أجلاهم من يثرب - يا قوم قد رأيتم ما رأيتم فأطيعوني وتعالوا نتبع محمدا، فوالله إنكم لتعلمون أنه نبي وقد بشرنا به وبأمره ابن الهيبان وأبو عمرو بن حواس، وهما أعلم اليهود جاءا من بيت المقدس يتوكفان[8] قدومه، وأمرانا باتباعه، وأمرانا أن نقرئه منهما السلام، ثم ماتا على دينهما ودفناهما بحرتنا. فأسكت القوم فلم يتكلم منهم متكلم، فأعاد هذا الكلام ونحوه، وخوفهم بالحرب والسباء والجلاء، فقال الزبير بن باطا: قد - والتوراة - قرأت صفته في كتاب التوراة التي أنزلت على موسى ليس في المثاني التي أحدثنا، فقال له كعب بن أسد: ما يمنعك يا أبا عبد الرحمن من اتباعه؟ قال: أنت، قال: ولم، فوالتوراة، ما حلت بينك وبينه قط؟

قال الزبير: بل أنت صاحب عهدنا وعقدنا، فإن اتبعته اتبعناه وإن أبيت أبينا، فأقبل عمرو بن سعد على كعب، فذكر ما تقاولا في ذلك إلى أن قال كعب: ما عندي في ذلك إلا ما قلت، ما تطيب نفسي أن أصير تابعا.

وهذا المانع هو الذي منع فرعون من اتباع موسى، فإنه لما تبين له الهدى عزم على اتباع موسى - عليه السلام - فقال له وزيره هامان: بينا أنت إله تعبد تصبح تعبد ربا غيرك؟! قال: صدقت.

وذكر ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر، قال: حدثت عن صفية بنت حيي أنها قالت: كنت أحب ولد أبي إليه، وإلى عمي أبي ياسر، فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غدوا عليه ثم جاءا من العشي، فسمعت عمي يقول لأبي: أهو هو؟ قال: نعم والله، قال: أتعرفه وتثبته؟ قال: نعم، قال: فما في نفسك منه؟ قال: عداوته والله ما بقيت.

فهذه الأمة الغضبية معروفة بعداوة الأنبياء قديما، وأسلافهم وخيارهم قد أخبرنا الله - عز وجل - عن أذاهم لموسى، ونهانا عن التشبه بهم في ذلك فقال: )يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها (69)( (الأحزاب).

وأما خلفهم فهم قتلة الأنبياء، قتلوا زكريا وابنه يحيى وخلقا كثيرا من الأنبياء، حتى قتلوا في يوم سبعين نبيا، وأقاموا السوق في آخر النهار، كأنهم لم يصنعوا شيئا، واجتمعوا على قتل المسيح وصلبه، فصانه الله من ذلك، وأكرمه أن يهينه على أيديهم، وألقى شبهه على غيره فقتلوه وصلبوه. وراموا قتل خاتم النبيين مرارا عديدة والله يعصمه منهم. ومن هذا شأنهم لا يكبر عليهم اختيار الكفر على الإيمان "[9].

هذه دلائل واضحة على ختم الرسالات والهيمنة عليها بشرع محمد - صلى الله عليه وسلم - لكن اليهود قوم ينكرون.

ثالثا. بضاعة مغشوشة وعلم مزعوم:

ما المضمون العلمي والثقافي والفكري للتوراة المحرفة التي يزعمون كفايتها والاستغناء بها عن غيرها؟ في نظرة إجمالية يحدثنا د. عبد الحليم عويس عن الأثر الحضاري لدعوة التوراة قائلا: "إننا أمام هذه اللوحة التي تقدمها التوراة، سواء بالنسبة لذات الله - عز وجل - أو بالنسبة للقصص التي تقوم فيها دعوة صريحة للجنس الحرام، أو بالنسبة للأنبياء الذين فقدوا القدرة على أن يكونوا نماذج عالية نتيجة ما وصموا به، أو لهذه الصورة من العنف، والظلم، والدموية، والوثنية التي تعزى[10] إلى الأنبياء.

إننا أمام هذه اللوحة التوراتية نستطيع أن نجد التفسير الصحيح لانحرافات كثيرة في التاريخ البشري، جعلت هذا التاريخ ينحرف عن هدى الله، وعن الرحمة والعدل، ويصبح كأنه غابة فيها أسود هم اليهود، والذين يفترسون غيرهم من الحيوانات، فيحكمون الغابة بقوانين الغابة. وهذه اللوحة التوراتية تفسر لنا كثيرا من الحروب الجماعية التي أخذت شكل حروب عالمية بعد ذلك، تلقى فيها القنابل على المدن والقرى، فلا تفرق بين شيخ وطفل ومدني وعسكري، وكلما انتهت حرب بدأت حرب أخرى، وكلما انتهت حرب مباشرة ظهرت حرب غير مباشرة، وإذا لم يكن هناك أعداء حقيقيون، بحثوا عن أعداء غير حقيقيين، وفرضوا عليهم أن يكونوا أعداء حقيقيين. لماذا؟ لأنه لا بد أن يكون هناك أعداء، لا بد أن تكون هناك صراعات وحروب.

ولا يجوز أن تكون الحياة الإنسانية مجالا للحوار والتفاعل والتكامل، بل لا بد من الصدام الدامي بين كل الفصائل؛ من أجل بقاء الأيدي اليهودية هي الوحيدة الحاكمة. أما الحيوانات الأخرى فلا بد من أن تتصادم ولا تجد فرصة للتفاهم حتى لا تفكر في اكتشاف الماسونية العالمية[11] التي تملك الخيوط، والتي تحرك الألعاب التآمرية، ولا تعرف نفسها إلا من خلال الصدام مع الآخر"[12].

ليت الأمر قد اقتصر على التوراة المحرفة، بل أضيف إليها ما هو شر منها وهو "التلمود" دستور اليهود الأساسي، يعرفنا به "ظفر الإسلام خان" بقوله: "ينقسم التلمود إلى جزئين هامين:

1.                    المشناه mishnah: وهو الأصل "المتن".

2.       جمارا Gamara: شرح مشناه، ومشناه أول لائحة قانونية وضعها اليهود لأنفسهم بعد التوراة، جمعها يهوذا هاناسي فيما بين 190، 200 م، أي بعد قرن تقريبا من تدمير تيطس الروماني الهيكل. أما "جمارا" فاثنان: جمارا أورشليم (فلسطين) وجمارا بابل.

جمارا أورشليم - أو فلسطين - هو سجل للمناقشات التي أجراها حاخامات فلسطين - أو بالأخص علماء مدارس طبرية - لشرح أصول المشناه، ويرجع تاريخ جمعه إلى عام 400 م، وجمارا بابل هو سجل مماثل للمناقشات حول تعاليم المشناه، دونها علماء بابل اليهود، وانتهوا من جمعه سنة 500 م تقريبا.

فمشناه مع شرحه جمارا أورشليم يسمى "تلمود أورشليم"، ومشناه مع شرحه جمارا بابل يسمى "تلمود بابل"، وكلاهما يطبع على حدة.

المشناه: هو خلاصة القانون الشفهي الذي تناقله الحاخامات منذ ظهور حركة الفريسيين[13] التابعين لأهواء النفس، ونشطت حركتهم بعد ظهور عيسى ابن مريم - عليه السلام - مما أدى أخيرا إلى تسجيل المبادئ الهدامة التي قامت عليها دعوة الفريسيين التي استنكرها المسيح"[14].

يبرز لنا د. الشرقاوي أهمية التلمود في حياة اليهود وحركاتهم ومؤامراتهم، فيقول: "التلمود هو كتاب بني إسرائيل الأقدس، وهو - في قداسته - فوق التوراة، وسائر الأسفار اليهودية، وليس هناك ما هو أسمى مقاما من التلمود المقدس، ذلك قول أحبارهم الثقات عندهم.. وهذا التلمود الأقدس، - كما تصفه الحاخامات - من تأليف شيوخهم وأحبارهم ورؤسائهم، وقد وصفه د. جوزيف باركلي - أحد أبرز المتخصصين في الأدبيات العبرية والدراسات التلمودية - قائلا: بعض أقوال التلمود فعال وبعضه كريه وبعضه الآخر كفر.

والتلمود صورة صادقة للتعبير عن الشخصية الإسرائيلية التي أفرزته، فهو يجلي دفائنه النفسية اليهودية، ويبرز مكنوناتها الغائرة، ابتدعه شيوخ إسرائيل تحت وطأة معاناة الشتات والاغتراب والتقطيع في الأرض، وتحت أثقال الأسر والقهر والتشرد الذي ملأ نفوسهم هوانا ومذلة، وفجر فيها كل مخزونها من طاقات الحقد، والحسد، والكراهية، والبغض، والرغبة المحمومة في الانتقام، والتجبر، والانتقام من الأمم كلها، والتجبر على الأمميين أجمعين"[15].

وعن خلاصة مضمون هذا الكتاب الأقدس لدى اليهود، الذي يعطي ملامح شريعتهم التي يعتبرونها عندهم هي الحق الذي لا محيد عنه، يحدثنا ظفر الإسلام خان، فيقول: "التلمود مركب عجيب لآراء متناقضة أحيانا، وأمثال وأحكام، وهو يختلف مع التوراة كثيرا في أحكامه، إنه يبيح الربا، وتقديم الأطفال قربانا للإله "مولوخ"، رغم تحريم التوراة. إنه يبيح الغش، ويعلله بما جاء في التوراة: "مع الطاهر ستكون طاهرا ومع المتمرد النجس ستكون كذلك "، والحاخامات يعلمون شعبهم كراهية المسيحيين والأجانب، وأي يهودي يشهد ضد يهودي آخر أمام أجنبي يلعن ويسب فيه علانية، واليهودي يتحرر من أي يمين يقسمها مع الأجنبي، ولا يجوز له إنقاذ أرواح الأجانب في مواسم الأمراض، وزواج الأجانب ليس بزواج، ولحم جزاريهم ليس إلا جيفة، ولا يجوز دعوة الأجانب إلى داخل البيوت اليهودية، ولا ينبغي رد الأشياء التي يفقدها الأجانب، وإذا نطح ثور اليهودي ثور الأجنبي لا يلتزم اليهودي بشيء، ولكن إذا نطح ثور الأجنبي ثور اليهودي وجب على الأجنبي دفع التعويض عن الضرر الذي أصاب ثور اليهودي.

ويقال عن أحد الحاخامات إنه باع بعض الأشجار لأحد الأجانب، ثم أمر خادمه أن يقطع بعض الأغصان قائلا: إن الأجنبي يعرف عدد الأشجار، ولكنه لا يعرف ضخامتها، وعدد أغصانها. وما أصدق ما قاله د. جوزيف باركلي عن التلمود:

"بعض أقوال التلمود فعال، وبعضها كريه، وبعضها الآخر كفر، ولكنها تشكل في صورتها المخلوطة أثرا غير عادي للجهد الإنساني وللعقل الإنساني وللحماقة الإنسانية. )فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به( (المائدة: 13)، )فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون (79)( (البقرة)، )أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون (85)( (البقرة).

وقد يستطيع الإنسان تزييف الحقائق، وقد يسهل عليه أن يكذب ويكذب، حتى يصدق هو نفسه كل أكاذيبه، وينسى أنه مخترعها الأصلي، ولكن رغم هذا يبقى دائما شيء واحد، الكلمة المكتوبة منذ آلاف السنين، والآثار التي تحدد بالضبط عمر الأشياء وعمقها، ومخطوطات التاريخ التي تظل دائما هي المرجع وكلمة الصدق الوحيدة التي لا تميل مع أهواء البشر، وحتى إذا حدث ومالت، فبين سطورها تستطيع الحقيقة دائما أن تجد لها مكانا.

وعدونا الإسرائيلي حاول كثيرا أن يزيف ويخدع، ويبتز العواطف والأموال والمعونات، وما زال يفعل متجاهلا وناسيا أن مخطوطاته هو وآثاره وتلموده وكتب تفسيره تروى بلغته العبرية حكايات وحكايات تفضح كل محاولاته[16].

ترى ما مضاعفات هذه العقيدة العنصرية بتعاليمها الشاذة على أرض الواقع، في تاريخ وواقع اليهود وعلاقتهم بالأمم والشعوب الأخرى؟! نجد ضالتنا للإجابة عن هذا السؤال في كلام ضاف للدكتور عبد الحليم عويس قال فيه: "وهذا السلوك يعود بجذوره إلى التوراة التي تشيع في اليهود روحا من الاستعلاء العنصري، والشعور بأن العالم خلق لهم وحدهم، وبأن الآخرين لا يستحقون الحياة، فضلا عن أن يستحقوا الحوار والتعاون، وتمضي أمريكا وراء المنظور التوراتي دون أدنى بصيرة أو عقلانية!!

إن التوراة التي يستلهمها اليهود دائما، والتي بنوا من أجلها دولة إسرائيل، هي التي تقف - بفلسفتها - وراء هذا الخراب العالمي. إن الإيمان الديني المكين لدى اليهود بأنهم شعب الله المختار، وأن الناس قسمان: اليهود والجوييم (الأمميون)، أي: الكفرة الوثنيون، واليهود وحدهم هم شعب الله المختار، وهم أبناء الله وأحباؤه لا يتقبل العبادة إلا منهم، ونفوسهم مخلوقة من نفس الله، وعنصرهم من عنصره، فهم وحدهم أبناؤه الأطهار، وقد منحهم الله الصورة البشرية، تكريما لهم، أما الجوييم (الأمميون) فخلقوا من طينة شيطانية، والهدف من خلقهم خدمة اليهود، ولم يمنحوا صورة البشرية إلا بالتبعية لليهود، ليسهل التعامل بين الطائفتين إكراما لليهود، فاليهود أصلاء في الإنسانية، والجوييم أتباع فيها، وعلى هذا فمن حق اليهود معاملة الأمميين كالبهائم، والآداب التي يتمسك بها اليهود فيما بينهم لا يمكن أن يعاملوا الأمميين بها، فلهم أن يسرقوهم، ويغشوهم، ويكذبوا عليهم، ويخدعوهم ويغتصبوا أموالهم ويقتلوهم، ويهتكوا أعراضهم، ويرتكبوا معهم كل الموبقات ما أمنوا استتار جرائمهم.

إن هذه العقيدة المسيطرة على اليهود قديما وحديثا، والمحركة لهم سياسيا في العصر الحديث - عقيدة جرت العالم كله إلى كوارث لا نهاية لها، فقد عمل اليهود على تمزيق الأوطان، والقضاء على القوميات والأديان، وإفساد نظم الحكم في كل الأقطار، بإغراء الملوك والحكام باضطهاد الشعوب، وإغراء الشعوب بالتمرد على سلطة الحاكم ونصوص القانون.

وباسم هذه العقيدة ينشرون المذاهب المدمرة، فهم يعملون على نشر الشيوعية أحيانا، والرأسمالية أحيانا أخرى، ويلبسون مسوح الاشتراكيين أحيانا، وينادون بالحرية بالمعنى الانحلالي والمساواة بالمعنى الفوضوي، ويثيرون الكتل العالمية ويدفعونها إلى الصراعات، وهم يثيرون المظلومين في وجه الظالمين، ولكنهم سرعان ما يحاربون الحرية والمساواة، أي يحاربون المظلومين، ويعلنون أن الطاعة العمياء والتفاوت بين الناس هما أساس القيم البشرية، ويحاربون الحرية مؤكدين أنها تحول الغوغاء[17] إلى حيوانات، وأن من الضروري أن تسحق هذه الكلمة ويزول مدلولها تماما.

وهم في أيامنا هذه ينشرون الإباحية والفوضوية، ويعملون على تقويض الأسر، وقطع صلات الود بين الأرحام، ويدفعون الناس للشهوات والانحلال، والبعد عن كل القيم الإنسانية، وترسم "بروتوكولات حكماء صهيون" الطريق لليهود لأن يستغلوا النزعات والغرائز الإنسانية كالمال والنساء والغرائز مع الجوييم، لتكون أداة في يد اليهود، كما توصي البروتوكولات أن يضع اليهود في المراكز الكبيرة شخصيات مرموقة لها أخطاء وملفات!! لا يعرفها إلا اليهود، وفي ظل الخوف من إشاعة هذه الأخطاء، ينفذ هؤلاء الأشخاص لليهود ما يشيرون به عليهم دون تردد.

وتهتم البروتوكولات بأن يسيطر اليهود في هذه المرحلة على الصحافة ودور النشر وجميع وسائل الإعلام، حتى لا يتسرب للرأي العام إلا ما يريده اليهود وحدهم، ويستعمل اليهود المال وسيلة من أكبر وسائلهم، ليس للرشوة فحسب، بل لإثارة الثورات الداخلية عن طريقه، فهم يغرون الحكام ضعاف النفوس بجمع المال لهم ولأولادهم بطريقة غير مشروعة ومثيرة للرأي العام، ثم يدفعون الشعوب لتثور ضد الحاكم الذي استحوذ على ثروة البلاد وغلبته الأنانية القاسية، كما يدفعون بأشخاص وطبقات يسمونها النخبة المثقفة لخيانة دينهم ووطنهم وحضارتهم، والارتباط مصلحيا باليهود، وعن طريق جمعياتهم المشبوهة مثل: الماسونية، والروتاري، والليونز، وشهود يهوه يصنعون من بعض الأشخاص شيئا له قيمة، ويهيئون فرصا لاحتلالهم مكانة مرموقة، ومن خلالهم يحققون أغراضهم، ويدمرون ثوابت الأمم، ويخترقون كل الأجهزة الحساسة في الأمة، بأحدث طرق التجسس النفسي والتحليلي.

إن النفوس الإنسانية المعاصرة، والتدني الأخلاقي وصور الظلم، والعنف، وصورة القرن العشرين الدموية، والبداية الكئيبة للألفية الثالثة. كل هذا الذي يمكننا تسميته بأزمة الإنسانية المعاصرة، تعود بجذورها وفكرها ومفرداتها العقدية، ونماذجها السلوكية إلى أسفار التوراة، وإلى هذه اللوحة القاتمة التي تصورها سطورها وصفحاتها، هذه اللوحة التي لا يمكن أن تكون رسالة الله لهداية الإنسان، وسعادة الإنسانية.

هذه اللوحة التي تقدم الله والأنبياء بأسوأ صورة، وتدعو الإنسانية إلى حياة غابية حيوانية سوداوية" [18].

هذه هي طبيعة المبادئ التوراتية، والتعاليم التلمودية المعتنقة لدى هؤلاء القوم، وهذه هي تجلياتها على أرض الواقع، فما الذي يغري فيهما من إنسانية وخير وصلاح لتكون هذه الشريعة منهاجا للبشر ونبراسا لحياتهم دون غيرها من الشرائع؟! فليكن الناقد بصيرا، وليميز بين الإنساني الرباني، وبين الإبليسي الشيطاني!

الخلاصة:

·   أي سبيل هدى ورشاد يزعمون؟! أهو سبيل التوراة المحرفة التي تصف المولى - عز وجل - وأنبياءه بأبشع الصفات وأخسها، وتمتهن المرأة وتحتقر إنسانيتها؟! أم طريق التلمود المؤلف بروح عنصرية بغيضة، حاقدة على مختلف الأمم والشعوب؟!

·   من المعروف والثابت أن شريعة محمد - لا التوراة - هي الرسالة الخاتمة لرسالات السماء الناسخة لما قبلها والمهيمنة عليها، وعند اليهود وأهل الكتاب عموما البشارة بذلك في كتبهم إيماء وتصريحا، وعلماؤهم وأحبارهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم.

·   باسم مبادئ التوراة المحرفة، وتعاليم التلمود العنصرية ارتكب اليهود - ولا يزالون - أبشع الجرائم، ولعبوا ويلعبون أخس الأدوار، فهل في هذه المبادئ المعتنقة، وفي السلوك المترتب عليها المستند إليها، ما يغري باتباعها والتمسك بها واعتبارها الأقدس وغيرها زائف؟ أم أنها المغالطة والمكابرة والاستعلاء والحقد والعنصرية بلا ريب؟!

 



(*) العنصرية اليهودية وآثارها في المجتمع الإسلامي، د. أحمد بن عبد الله إبراهيم الزغبي، مكتبة العبيكان، السعودية، ط1، 1998م. الأجوبة الفاخرة عن الأسئلة الفاجرة، القرافي، تحقيق: د. بكر زكي عوض، دار ابن الجوزي، القاهرة، 2004م. مناهل العرفان في علوم القرآن، محمد عبد العظيم الزرقاني، دار الحديث، القاهرة، 2001م.

[1]. الأتون: الموقد الكبير.

[2]. يقولون عن الإسلام، د. عبد الحافظ سلامة حامد، دار الكتاب للنشر، القاهرة، ط1، 1427هـ/ 2007م، ص79: 81.

[3]. يحيد: يميل.

[4]. النبوة والأنبياء في اليهودية والمسيحية والإسلام، أحمد عبد الوهاب، مكتبة وهبة، القاهرة، ط2، 1413هـ/ 1992م، ص13 وما بعدها.

[5]. المسيحيون والمسلمون في تلمود اليهود، د. عبد العظيم المطعني، مكتبة وهبة، القاهرة، ط1، 1996م، ص56 وما بعدها.

[6]. هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى، ابن القيم، تحقيق: د. أحمد حجازي السقا، دار الريان للتراث، القاهرة، 1399هـ/ 1979م، ص264، 265.

[7]. هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى، ابن القيم، تحقيق: د. أحمد حجازي السقا، دار الريان للتراث، القاهرة، 1399هـ/ 1979م، ص264، 265.

[8]. أجلوا: أخرجوا.

[9]. هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى، ابن القيم، تحقيق: د. أحمد حجازي السقا، دار الريان للتراث، القاهرة، 1399هـ/ 1979م، ص51: 56.

[10]. تعزي: تنسب.

[11]. الماسونية: حركة لها طابع سياسي وديني، يرجع تاريخ إنشائها ـ على الراجح ـ إلى بداية القرن الأول الميلادي، عندما كان حاخامات اليهود يتنبأون بقرب ظهور نبي جديد، وقد طرحت نفسها على أنها مؤسسة إحسانية وجمعية فكرية، تسعى لاستقطاب ذوي النفوس الحرة، ويقصد بالماسونية البناؤون الأحرار، وهم الذين بنوا هيكل سليمان، وكان اسم هذه الجمعية في عهد التأسيس الأول "القوة الخفية" ثم تسمت من بضعة قرون باسم "فري مسنري Free Masonry"، وتتكون الكلمة من ثلاثة مقاطع: الأول: Free ومعناه: حر، والثاني مسون Mason ومعناه: حرفة الحجارة، أو حرفة البناء، أو الحرفة عامة، والمقطع الأخير Ry للنسبة، ومعناه: جمعية النبائين الأحرار، وكان القول السائد في القرن السابع عشر أن صاحب المهنة الحر هو الذي لا يتقيد بحرفة، فكل من النجار والحداد والبناء يعد "ماسون"، فإذا انتسبوا لنقابة أو رابطة فهم "فريمسون". وهدفها تحرير المنتمي إليها من الأفكار التقليدية القديمة، والتخلي عن العادات السائدة؛ بغية التوصل إلى النور. وهذه الحركة تنكر جوهر الأديان جميعا، وتقول بوحدة الوجود، واتحاد الخالق بالمخلوق، فما هي إلا آلة صيد بيد اليهود يصرعون بها كبار الساسة، ويخدعون الأمم الغافلة والشعوب الجاهلة عبر منافذ نشاطاتها المتعددة.

[12]. الفكر اليهودي بين تأجيج الصراعات وتدمير الحضارات، د. عبد الحليم عويس، مركز الإعلام العربي، القاهرة، ط1، 2003م، ص55، 56.

[13]. الفريسيين: فرقة يهودية.

[14]. التلمود تاريخه وتعاليمه، د. ظفر الإسلام خان، دار النفائس، الأردن، ط2، 1972م، ص11، 12.

[15]. الكنز المرصود في فضائح التلمود، د. محمد عبد الله الشرقاوي، دار عمران، بيروت، ط1، 1993م، ص3، 4.

[16]. التلمود تاريخه وتعاليمه، د. ظفر الإسلام خان، دار النفائس، الأردن، ط2، 1972م، ص90: 93.

[17]. الغوغاء: السفلة من الناس.

[18]. الفكر اليهودي بين تأجيج الصراعات وتدمير الحضارات، د. عبد الحليم عويس، مركز الإعلام العربي، القاهرة، ط1، 2003م، ص64: 69.

read women who cheat on husband want my wife to cheat
wives that cheat redirect read here
wives that cheat women who want to cheat read here
my husband cheated married looking to cheat open
reasons wives cheat on their husbands why husbands cheat why do men have affairs
generic viagra softabs po box delivery viagra 50 mg buy viagra generic
generic viagra softabs po box delivery buy generic viagra buy viagra generic
why do wife cheat on husband website reasons why married men cheat
read the unfaithful husband click here
read the unfaithful husband click here
My girlfriend cheated on me find an affair signs of unfaithful husband
مواضيع ذات ارتباط

أضف تعليقا
عنوان التعليق
نص التعليق
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء كاتبيها فقط ولا تعبر عن الموقع
 
 
 
  
المتواجدون الآن
  11358
إجمالي عدد الزوار
  36652259

الرئيسية

من نحن

ميثاق موقع البيان

خريطة موقع البيان

اقتراحات وشكاوي


أخى المسلم: يمكنك الأستفادة بمحتويات موقع بيان الإسلام لأغراض غير تجارية بشرط الإشارة لرابط الموقع